x

خطابات مبارك الأخيرة أفقدته روح التعاطف وجاءت بنتائج عكسية

الأربعاء 13-04-2011 19:21 | كتب: سماح عبد العاطي |
تصوير : أ.ش.أ


لا أحد يعرف على وجه اليقين من الذى كان مسؤولاً عن كتابة خطابات مبارك. لكن اللافت للنظر أن الرئيس السابق فقد التواصل مع أبناء شعبه منذ خرج عليهم فى مساء يوم 28 يناير الماضى بخطابه الذى وصف آنذاك بـ«المستفز»، ثم تلاه بخطابه الثانى فى 1 فبراير الذى نجح فيه فى إثارة تعاطف عدد من المواطنين معه، فهاجموا معارضيه فيما عرف بـ«موقعة الجمل»، قبل أن يلقى خطابه الثالث فى 10 فبراير الذى سبق قراره بالتنحى، والذى استفز المواطنين للدرجة التى دفعت بهم للزحف من ميدان التحرير حتى قصر العروبة لمحاصرته، ثم جاء تسجيله الصوتى الأخير لقناة العربية والذى أحيل بعده هو وابناه مباشرة للتحقيق فى التهم الموجهة ضدهم ثم قرار حبسهم علي ذمة التحقيقات.


والمتابع لخطابات مبارك الأربعة يدرك أنها جاءت بردود أفعال عكسية للمواطنين، أو على الأقل لم تحقق المرجو منها من تهدئة المواطنين. فعندما ظهر مبارك مساء يوم 28 يناير فى نهاية اليوم الرابع للمظاهرات التى انطلقت ضده، خرج ليقول إنه «تابع أولا بأول التظاهرات وما نادت به ودعت إليه»، ومن ثم فقد أعلن أنه «طلب من الحكومة، التقدم باستقالتها» متجاهلاً مطالب الشعب بـ«إسقاط النظام»، وهو ما دفع المتظاهرين فى اليوم التالى للخطاب أن يغيروا هتافاتهم من «الشعب يريد إسقاط النظام» إلى «الشعب يريد إسقاط الرئيس»، مع التنبيه الحاسم «يا مبارك صح النوم.. النهاردة آخر يوم».


ورغم أن مبارك أثبت أنه صاحب نفس طويل، فإن المتظاهرين أثبتوا أن نفسهم أطول، عندما دعوا ونفذوا مليونية فى ميدان التحرير يوم 1 فبراير، بدا أنها أرعبت النظام، ودفعت مبارك للخروج على الجماهير بخطاب جديد ليعلن لهم عن بدء الحوار الوطنى الذى كلف به نائبه عمر سليمان، وقال إن القوى الوطنية رفضته، ولذلك فإنه يتوجه بالحديث لكل مصرى ومصرية. وهو الخطاب الذى استخدم فيه مبارك لغة العواطف بدرجة كبيرة، خاصة عندما قال «إن حسنى مبارك الذى يتحدث إليكم اليوم يعتز بما قضاه من سنين طويلة فى خدمة مصر وشعبها»، ووصل بالعواطف إلى ذروتها عندما قال «إن هذا الوطن العزيز هو وطنى مثلما هو وطن كل مصرى ومصرية فيه عشت، وحاربت من أجله، ودافعت عن أرضه وسيادته ومصالحه، وعلى أرضه أموت، وسيحكم التاريخ على وعلى غيرى بما لنا وبما علينا».


أذيع الخطاب ليخرج آلاف المواطنين من كل محافظات مصر متعاطفة مع مبارك، وبالغ عدد منهم فى تعاطفه إلى الدرجة التى جعلته يستأجر من يتوجهون لميدان التحرير، حيث يوجد معارضو الرئيس ويعتدون عليهم، مستخدمين جمالاً، وخيلاً، فيما عرف إعلامياً، بموقعة الجمل، والتى سقط فيها من القتلى والجرحى عدد كبير. ولم يكد اليوم يمر إلا وكان التعاطف الذى حظى به الرئيس قد فارقه للأبد.


أما الخطاب الثالث فأقل ما يقال إنه جاء «مخيباً لآمال الجميع، الذين اعتقدوا أن مبارك سيخرج عليهم ليقرر تنحيه عن منصبه، خاصة بعد أن أعلنت عدة إذاعات عالمية أنه غادر القاهرة فعلاً لجهة غير معلومة، وبعد ساعات طويلة من انتظار خطاب الرئيس الذى أعلن التليفزيون أنه «سيذاع بعد قليل» خرج مبارك ليتحدث عن تفويض نائبه فى سلطات رئيس الجمهورية، وطال الخطاب الذى لوحظ وقتها أنه خضع لعملية مونتاج إلى الدرجة التى دفعت المواطنين للملل، ثم رفع درجة استفزازهم خاصة عندما قال «لقد كنت شابا مثل شباب مصر الآن.. عندما تعلمت شرف العسكرية المصرية.. والولاء للوطن والتضحية من أجله.. أفنيت عمرا دفاعا عن أرضه وسيادته.. شهدت حروبه بهزائمها وانتصاراتها.. عشت أيام الانكسار والاحتلال.. وأيام العبور والنصر والتحرير.. أسعد أيام حياتى يوم رفعت علم مصر فوق سيناء.. واجهت الموت مرات عديدة.. طيارا.. وفى (أديس أبابا).. وغير ذلك كثير. لم أخضع يوما لضغوط أجنبية أو إملاءات.


كان رد الفعل سريعاً وحاسماً، إذ أعلن المتظاهرون زحفهم للقصر الجمهورى عقب الخطاب مباشرة لمحاصرة الرئيس بالداخل، حتى يعلن تنحيه، وهو ما حدث بالفعل فى اليوم التالى للخطاب.


ثم جاء الخطاب الأخير الذى أذاعته قناة العربية السعودية والذى أبدى فيه مبارك استعداده للتقدم بـ«أى مكاتبات للنائب العام للاتصال بالخارج لاتخاذ الإجراءات المناسبة للكشف عن أننى وزوجتى أو أى من أبنائى لا نملك أى أصول عقارية بشكل مباشر أو غير مباشر». وهو ما بدا أنه استفز النيابة العامة ففتحت التحقيق معه وحبسته هو وابنيه 15 يوماً على ذمة التحقيقات.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية