هو القائل: «لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً» و«إنى أعتقد أن التعليم بلا تربية عديم الفائدة» و«إن الأمة التى لا تأكل مما تزرع وتلبس مما لا تصنع أمة محكوم عليها بالتبعية» و«إن مصر للمصريين أجمع».
عاش الزعيم الشاب مصطفى كامل حياة قصيرة لم تزدعلى ٣٤ عاما، لكنها كانت حافلة بالنضال من أجل قضية مصر واستقلالها وهو مولود فى ١٤ أغسطس ١٨٧٤، وتلقى تعليمه الابتدائى فى ثلاث مدارس والثانوى بالمدرسة الخديوية، ثم التحق بمدرسة الحقوق فى ١٨٩١، وتنقل بين عدد من الجمعيات الوطنية، وفى ١٨٩٣ سافر لفرنسا ليلتحق بمدرسة الحقوق ثم التحق بعد عام بكلية حقوق تولوز، وحصل منها على شهادة الحقوق، وبعد عودته إلى مصر سطع نجمه فى مجال الصحافة وازدادت شهرته وذاع صيته بين مصر وأوروبا مع دفاعه عن القضية المصرية والتنديد بوحشية الإنجليز بعد حادثة دنشواى، وكان قد قاد حملة اكتتاب لتأسيس الجامعة المصرية، وفى 1907 داهم المرض بشكل عنيف مصطفى كامل، فسافر إلى أوروبا للعلاج ومن هناك يتحدث عن الاحتلال الإنجليزى لمصر، غير مكترث بالمرض ثم عاد فى أكتوبر من نفس العام، فاستقبله الشعب استقبالا، ولأن مصطفى كامل كأنما يشعر دنو أجله فطالب زملاءه بالإسراع إلى تأسيس الحزب الوطنى، فانعقدت الجمعية العمومية لأول مرة فى فناء دار اللواء ونزل الزعيم عن سريره على الرغم من مرضه وضعفه وفى الاجتماع قال لرفاقه: «إننا لسنا حزبًا سياسيا فقط، نحن قبل كل شىء حزب حياة للأمة، إنكم أنتم قوتى وساعدى بصفتكم من خير أمة أوقفت لخدمتها حياتى وقواى، وعقلى وقلبى وقلمى ولسانى. وفى٢٢ أكتوبر ١٩٠٧، وفى الخطبة الأخيرة فى حياته على مسرح زيزينيا بالإسكندرية والتى تجاوزت الساعة ونصف الساعة أعلن مصطفى كامل تأسيس الحزب الوطنى، الذى كان من أهم وأول أهدافه جلاء الإنجليز عن مصر وبث الروح الوطنية فى الشعب وإقرار دستور يكفل الرقابة البرلمانية على الحكومة.
وبين كتابى عبدالرحمن الرافعى وفتحى رضوان عن الزعيم مصطفى كامل نقف على المقدمات التى سبقت الخطاب وأجواء الخطاب وردود الفعل العالمية عليه فقد طلب أوروبيون يقيمون فى مصر من الزعيم مصطفى كامل، أن يلقى خطبة يشرح فيها لهم القضية المصرية، وموقف المصريين من الجاليات الأجنبية، ولبى الدعوة، وألقى بمسرح زيزينيا بالإسكندرية خطبة باللغة الفرنسية وقد ازدحم المسرح بالحاضرين، وكانوا نحو ألف من خيار النزلاء من مختلفى الأجناس رجالا ونساء، ومنهم بعض الإنجليز، وفى مقدمتهم بعض القناصل والشخصيات البارزة من الجاليات الأجنبية وأعيان التجار، وجموع كثيرة من صفوة الوطنيين الذين يعرفون اللغات الأجنبية، وألقى خطبته بلغة فرنسية فصيحة، وصوت رنان، وجاهر فيها بأن تعرض شقيقه الضابط بالجيش المصرى للاضطهاد لا يثنيه عن جهاده، وسيظل مدافعا عن وطنه طوال حياته، واستمر يخطب ساعة ونصف، كان فى خلالها يقابل بالتصفيق والاستحسان والإعجاب، وقد تناولت الخطبة الأحداث الجارية، والمسائل الدولية و«كان خطابه هذا كسابقه حملة على الاحتلال البريطانى من جهة، ودرسا للمواطنين والأجانب.
وكانت آخر كلماته: «كنت أتمنى أن أعيش لمصر حتى أراها حرة مستقلة». وكانت خطبة الوداع التى اعتكف بعدها فى سريره. واتفق أعضاء الحزب على أن يكون مصطفى كامل رئيس الحزب مدى الحياة، لكنه توفى بعد تأسيس الحزب بثلاثة أشهر تقريبا وتحديدا فى ١٠ فبراير ١٩٠٨. وكان قبل وفاته بيومين زاره صديقه الخديو عباس حلمى الثانى، فاستند الزعيم لظهره على السرير، إذ صار لا يقوى على الوقوف.. وجلس الخديو فقال له الزعيم: لى رجاء يا أفندينا.. وأنا أشعر بقرب الأجل أن تعطف على الحزب الوطنى فإنه أمل مصر فطمأنه الخديو، وفى المساء زاره أمير الشعراء أحمد شوقى».