كتبت- أروى أيمن:
ليس بالضرورة أن كل من كان جده ثورياً أن يكون مثله، كما ليس كل من تصور مع الدبابة شارك فى الثورة، فنانسى على إبراهيم أحمد عرابى «23سنة» تصورت مع الدبابة، ولم تذهب إلى ميدان التحرير حتى بعد تخلى مبارك عن كرسيه.
فى المدرسة كانوا ينادون نانسى بعرابى سواء أساتذتها أو زملائها، وكانت تعتقد وهى صغيرة بأن لديهم فيلا كبيرة وأراضى وأملاك كثيرة بما أن جدها مشهور، وتخبر أصدقاءها عن الفيلا التى يملكونها حتى اكتشفت أن هذا غير حقيقى، وأن أملاك أحمد عرابى باشا قد صودرت ولم يستردها أولاده، لكنها تذكر أن فى الكتب الدراسية كانوا يقولون إن أسرته استعادت أملاكه وفشلت فى إقناع أصدقائها بعكس ذلك، كما كانت هى غير مصدقة فى البداية أن الذى فى الكتاب هو جدها فعلا.
وتقول نانسى إنها تخيلت ككثيرين أن يوم 25 يناير ربما ستكون به مظاهرة كأى مظاهرة أخرى وليس بهذا الحجم والتأثير، وبدأت تحس أنهم فعلا سيحققوا شيئا عندما وجدتهم صامدين والأعداد تتزايد، وشعرت أنها لابد أنها لابد أن تشارك لإحساسها بالظلم والاستبداد الذى كان موجودا، ورغبتها فى أن تصبح شوارع مصر كالدول الأخرى أكثر نظاما ونظافة.
تسكت نانسى قليلاً ثم تكمل بصوت به قليل من الخجل أنها فى يوم جمعة الغضب- 28 يناير- كانت فى طريقها إلى شرم الشيخ فى رحلة مع أسرتها، وتقول إن عدد السائحين كان كبيراً فى البداية لكن مع تطور الأحداث بدأوا بالرحيل وألغيت أفواج أخرى، ولم يستطيعوا هم العودة إلى القاهرة، لأن نفق «الشهيد أحمد حمدى» كان مغلقا، والأتوبيسات السياحية ليس باستطاعتها المجىء وتأمين ركابها، لذا اضطروا إلى تأجير ميكروباص صغير للعودة للقاهرة فجراً، حيث إن الطريق لا يفتح سوى ساعتين من الرابعة إلى السادسة صباحا.
«أصحابى كانوا بيحكوا لى إن الجيش نزل وإن الدبابات منتشرة فى الشوارع، بس مكنتش مصدقة لغاية ما شفت مجندين بيملوا البنزين للعربيات فى محطة على الطريق، والمدرعات راكنة جنبها» ترى نانسى أن هذا أول ما أشعرها باختلاف الوضع فى القاهرة عما تركتها عليه، وبدأت تحاول إقناع والدها بأن يذهبوا إلى ميدان التحرير لكنه قرر عدم النزول خوفا عليهم «بدأت أقول له إزاى جدك يبقى عرابى ومتنزلش تشارك المفروض تكون أول واحد تروح، يعنى لو متنا يبقى ربنا كاتب لنا الموت فى الوقت ده حتى لو كنا فى بيتنا»، لكن والدها برر ذلك بخوفه عليهم لأنهم ثلاث فتيات.
وعن لحظة تخلى مبارك عن الحكم تقول: «كلنا كنا متعودين عليه فى البيت، فمكنتش مصدقة إن الريس مش هيبقى موجود بس كنت مبسوطة، وحسيت إن ما دام الشباب نجح يبقى نقدر نعمل كل اللى عايزينه، لكن والدتى وجدتى كانوا متضايقين لأنهم بيشوفوه حاجة من ريحة جدى العقيد طيار زغلول عرفات اللى استشهد فى حادثة سقوط طائرة فى محاولة لاغتيال إسرائيل للمشير عامر- سنة 1956م- فجدى كان بيدرس له».
صورة جدها التى طبعتها من الإنترنت وعلقتها على حائط غرفتها هى كل ما يذكرها به، وعندما يسألها أحد عن تاريخ جدها الثورى ولماذا ليست مثله ترد بهدوء: «تربيت على كده، مفيش حد فى العيلة ليه فى السياسة»، لذلك فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية كانت ستقول نعم حتى يعود الاستقرار بسرعة، ومع أن نانسى لم تحاول قراءة الدستور، ولا كل البنود التى ستتم تعديلاتها إلا أنها فكرت لماذا فقط سيتم تعديل هذه البنود فقررت أن تقول لا، واقتنعت أكثر بعد أن شاهدت فيديو «هأقول لأ للتعديلات»، الذى شارك فيه عمرو موسى ومحمد البرادعى، وعدد من الشخصيات المعروفة وأقنعها مشاركة أحمد حلمى بالذات لأنها تراه كشخص له رأى منحاز للشعب.
ترغب نانسى بعمل موقع أو صفحة على فيس بوك عن أحمد عرابى، تضع فيها صوراً له ولأغراضه، وبعض المعلومات التى لا يعرفها الكثيرون، وتقول: «مش بحب أقول لحد إنى حفيدة أحمد عرابى، عشان ميفتكرنيش مغرورة»، وتضيف «أكثر حاجة بأفكر فيها هأقول لأولادى أنا عملت إيه، لأن مفيش حاجة عملتها».