مع التحرر من القيود التقنية للتدريبات المتعارف عليها وإطلاق العنان لإبداع اللاعبين، أصبح المصريون يهيمنون على رياضة الإسكواش في العالم.
وتسيطر مصر على ستة مراكز في قائمة أفضل اللاعبين الرجال في الإسكواش في العالم، وبالنسبة للسيدات ضمت القائمة أربع لاعبات.
ويقول كريم درويش، لاعب الإسكواش المصري الذي كان مصنفًا أول عالميًا في اللعبة، إنه عندما فاز أحمد برادة ببطولة الأهرام الدولية عام 1998، «أصبح الأمر مختلفًا بالنسبة لنا وبتنا نصدق أنه من الممكن أن نصبح أبطالًا».
واعتزل برادة اللعبة في سن الـ24، ولكن بقي نجاحة يلهم الكثيرين من الأبطال الحاليين ومن ضمنهم عمرو شبانة، الذي فاز ببطولة العالم أربع مرات وكان أول لاعب مصري يحصل على التصنيف العالمي الأول عام 2006، وظل محتفظًا به قرابة ثلاثة أعوام.
ويقول «شبانة»، الذي اعتزل في سن الـ 36، إن «المصريين يتميزون في لعبة الإسكواش لردود أفعالهم السريعة وغير المتوقعة ومقدرتهم على اتخاذ القرارات تحت الضغط كما يفعلون (المصريون) في قيادتهم للسيارات» في شوارع تسودها الفوضى المرورية.
وفي الإسكواش، لا بد من توافر سرعة رد الفعل بالتزامن مع وضع استراتيجية من جانب اللاعبين مستخدمين في ذلك حوائط الملعب الاربعة لتوجيه الكرة المطاطية الصغيرة التي تصل سرعتها القصوى إلى 178 مايل في الساعة.
ويقول درويش الذي انتزع المكانة الأولى عالميا من مواطنه شبانه عام 2009، أن الاسكواش «قد يكون مثل الشطرنج ولكن على سرعة الف مايل في الساعة».
ويعتقد «شبانة» بأن ضعف القيود المفروضة على اللاعبين في التدريبات تسمح لهم بأن يطوروا اسلوبهم الخاص.
ويتابع درويش الذي يقود اكبر اكاديمية للاسكواش بنادي وادي دجلة في القاهرة، «بالنسبة للناشئين، يجب أن نعلمهم اساسيات اللعبة وكيفية الامساك بالمضرب ولكن في النهاية نترك لهم مساحة للابداع».
ولا يُعد ظهور أبطال مصريين في الإسكواش أمرًا حديثًا، إذ فاز لاعبون مصريون ببطولة بريطانيا المفتوحة للاسكواش في الثلاثينات والاربعينات ثم الستينات من القرن الماضي.
ويقول «شبانة» إن كل الناشئين الذين جاءوا بعد فترة انقطاع خلال السبعينات «بدأوا الطريق من البداية».
ويضيف: «لطول فترة انقطاع اللعب لم يكن هناك عدد كاف من اللاعبين للبطولات (المحلية)، فكان الاولاد يلعبون مع البنات والصغار يلعبون مع الكبار»، ما يكسب الصغار خبرة اللعب، مشيرا إلى أنه لعب في بطولة الرجال عندما كان في سن الـ 12.
منافسات وصداقات قوية
وعلى صعيد البطولات المحلية، تقول نوران جوهر، البالغة من العمر 20 عامًا، والمصنفة خامسة عالميًا «ننظم بطولة إسكواش كل أسبوعين والمنافسة قوية».
ويقول رود جيلمور، الذي شارك في تأليف كتاب «جهانجير خان 555»، الذي يتحدث عن قصة البطل الذي يحمل الكتاب اسمه انه حتى في التدريبات التي تتم «خارج البطولات فانك تلعب ضد الافضل».
ولا يكتفي لاعبو الإسكواش بالمران معًا، بل إن عددا من الزيجات تمت بينهم مثل الزوجين المصريين على فرج ونور الطيب اللذين فازا ببطولة الولايات المتحدة المفتوحة لسنة 2017 للرجال والسيدات في يوم واحد.
ويقول فرج، البالغ من العمر 25 عامًا، المصنف ثالثا عالميا في اللعبة «لا أحد يبخل بالمعلومة علينا من اللاعبين القدامى مثل شبانة أو درويش أو رامي عاشور ودائما ما كانوا يمرون علينا أثناء التدريبات ويشاركونا اياها»، الامر الذي يتحسن معه الاداء.
وفي منافسات السيدات، تقول جوهر: «نحن أصدقاء مقربون» متحدثة عن اللاعبات رنيم الوليلي المصنفة ثانية ونور الشربيني الاولى ونور الطيب السابعة.
اللاعب «الأكثر شعبية» في العالم
ويعد رامي عاشور الذي فاز ببطولة العالم اعوام 2008 و2012 و2014، من اكثر اللاعبين شعبية في العالم، لكن الاصابات المتكررة اضطرته لعدم المشاركة في بعض البطولات خلال السنوات الاخيرة.
وقال آلان ثاتشر، رئيس تحرير موقع «سكواش ماد» عن عاشور «بدون شك، انه اللاعب الاكثر شعبية في العالم ... كثير من الناس يشترون بطاقات لحضور بطولات املا في رؤية رامي».
ويقول ثاتشر شريك غيلمور في تأليف «جهانغير خان 555» إن المصريين أدخلوا تقنيات أكثر ديناميكية تستمتع بها الجماهير.
وأضاف أن «النمط القديم من اللعبة كان حول طول المباريات، ومئات الضربات بجانب الجدار الجانبي للملعب، ولكن الآن بفضل المصريين انت ترى نمطا جديدا من الإسكواش: الإسكواش الهجومي».
ووصف ثاتشر انسحاب اللاعب المصري رامي عاشور، البالغ من العمر 30 عامًا، من البطولات الأخيرة بسبب اصابته، بأنه «أكبر مأساة لهذه الرياضة».
وقال: «إنه بلا شك اللاعب الاكثر شعبية في العالم ... الكثير من الناس يشترون التذاكر في البطولات الكبرى على أمل رؤية رامي إلا انه لم يكن قادر على اللعب».
ومن بين أبرز اللاعبين المصريين الحاليين محمد الشوربجي بطل العالم 2017 والمصنف ثانيا عالميا، وشقيقه الأصغر مروان.
ويقول نيك ماثيو، الذي يعتبر من أشهر لاعبي الاسكواش الذكور في إنكلترا، مهد اللعبة، إن نهضة مصر على مدى السنوات العشر الماضية في الاسكواش وصل الآن إلى «أعلى مستوى له على الإطلاق».
ويتابع «إن الأسلوب المصري الآن هجومي جدا ويتضمن مخاطرة ويتميز بالتحكم في رسغ اليد ... لذلك فان اللعب ضد لاعب مصري يعد تحديا كبيرا».
ويبدو أن لاعبات الاسكواش المصريات لهن تأثير مماثل على اللعبة، حسب ما تقول لاورا ماسارو وهي من اشهر اللاعبات في انكلترا.
وتعلّق ماسارو بالقول أن اللاعبات المصريات «هن السبب في أن اللعبة اصبحت هجومية، واذا لم تستطع اللاعبة اللعب في الجزء الأمامي من الملعب (كما تفعل المصريات) سيفتك بها».