لم تتمكن أغلب الأفلام التى عرضت فى المسابقة الدولية لمهرجان سالونيك السينمائى الدولى (15فيلما) من القفز فوق فخ الميلودراما، ولا ندرى هل هذا اتجاه عالمى أفرزته المآسى التى شهدتها أمريكا وأوروبا خلال سنوات الأزمة المالية العالمية أم أنه ميل غير مباشر من قبل لجنة اختيار الأفلام بالمهرجان نتيجة الأزمة الطاحنة التى تمر بها اليونان والتى كلفت الاتحاد الأوروبى التنازل عن 100 مليار يورو من ديونها؟ وإن كان لا يبدو للأزمة أثر كبير على تنظيم المهرجان، فاليونانيون صارمون جدا فيما يخص الحفاظ على مستواهم الدولى أمام العالم دون أعذار.
ومن نماذج الميلودراما بالمهرجان الفيلم الكندى «البائع» إخراج سباستيان بيلوت الذى يرصد بشكل مباشر تأثير الأزمة المالية فى مهنة مارسيل بائع السيارات المخضرم فى مقاطعة كيبيك مما يضطره إلى استعمال وسائل الضغط النفسية التى يجيدها لكى يقوم بتوريط أحد العمال فى شراء سيارة جديدة، وعمد المخرج إلى اختيار فصل الشتاء لتدور فيه الأحداث حيث كل شىء بارد ومغطى بالثلج فى محاولة من صناعه لإضفاء دلالة بصرية على برودة الحال وصقيع الإفلاس.
وفى الفيلم الألمانى «النار» للمخرجة برجيت برتيل تتخذ الميلودراما شكلا بوليسيا اجتماعيا، فجوديث الفتاة الجميلة التى تعمل طبيبة علاج طبيعى تغتصب على يد أحد الأشخاص بعنف وتفشل فى إثبات اغتصابها نتيجة ثغرات القانون الذى يلوم الضحية، لكنها تتبع الرجل وتصل إلى منزله وتدفعه لمهاجمتها مرة أخرى وتثبت عليه القضية فى شكل من المقاومة السلبية.
أفلام هذه الدورة من المهرجان تلعب فيها الحيوانات دورا مهما خاصة على مستوى الدلالة، فإلى جانب دلالة الفيل المضطرب فى الفيلم اليونانى الذى يعتبر إحالة للشخصية الرئيسية، هناك الحمل الوديع فى الفيلم الإنجليزى «احمل الحمل» إخراج جون مكلدوف، وفى الفيلم المكسيكى «الحمير» لأودين سالازار يتنوع ذلك التوظيف للحيوانات بداية من العلاقة غير المباشرة التى يبثها الفيلم بين الطفل بطل الفيلم وبين الطبيعة عبر الحيوانات أو تلك الدلالة الساخرة التى يحاكى فيها السيناريو حركة الشخصيات وقراراتها وكأنها حركة وقرارات قطيع من الحمير التى تنقاد بضربة عصا أو صيحة قاسية.
وفى قسم «آفاق مفتوحة» تظهر الحيوانات فى الفيلم الأمريكى «فى مكان ما الليلة» لمايكل ديجكومو الذى يصبح فيه كلب أجرب صغير معادلاً للبطل الذى يتحدث تليفونيا مع امرأة لا تعرفه ويصف لها نفسه على أنه وسيم وأصغر سنا، ويصف لها كلبه بأنه أصيل ثم يجبن عن الذهاب إليها خوفا من أن تكتشف حقيقة كذبته فيحكى لها عن كلبه وأن شكله ليس كما وصف كى تفهم هى أنه يقصد نفسه.
أما فى قسم «أفلام من البلقان» فيلعب الحصان دورا مهما فى الفيلم الألبانى «غفران الدم» للمخرج جشوا مارستون فى علاقة أسرة محتجزة فى منزلها بالمجتمع نتيجة أن عليها ثأرا يهدد أبناءها الذكور مما يضطر الفتاة الوحيدة لأن تخرج بالعربة ذات الحصان لبيع الخبز بدلا من أخيها المطلوب.