أكدت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب برئاسة النائب طارق رضوان، أن الدولة المصرية بكل مؤسساتها، وعلى رأسها، الرئيس عبدالفتاح السيسي، ملتزمة بإعلاء مبدأ المواطنة، مشيرة إلى أن مصر دولة لم يتغير نسيجها الوطني منذ فجر التاريخ، حيث ظلت محافظة على الوفاق الوطني بين كافة أبنائها من المسلمين والأقباط عبر الزمان، لتضمن نسيجا وطنيا متماسكا واجهت به كافة التحديات.
جاء ذلك في نص مذكرة رد لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب على الكونجرس الأمريكي حول إدعاءات انتهاك حقوق الأقباط في مصر، والتي جاءت تحت عنوان «مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطنا يعيش فينا»، وهي مقولة للراحل «وليم مكرم عبيد» باشا وزير المالية الأسبق الذي عين في هذا المنصب بعد معاهدة عام 1936، وكان يرددها دائما الراحل البابا شنودة الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.
وتضمنت المذكرة شرحا لأوضاع مصر والظروف التي مرت بها بعد ثورة 25 يناير 2011، ومصر في عهد الإخوان المسلمين ودورهم في التحريض وإشعال الفتن الطائفية وازدراء الأديان، ومصر بعد ثورة 30 يونيو 2013 ومشاركات الرئيس عبدالفتاح السيسي الوجدانية للأقباط، والمؤشرات الدالة على إعلاء وتطبيق مبدأ المواطنة.
وتضمن نص المذكرة الموجهة إلى الكونجرس الأمريكي.. في مقدمتها أن كتاب الأمان من عمرو بن العاص إلى بنيامين بطريرك مصر..نص على (أينما كان البطريرك بنيامين، نعده بالحماية والأمان وعهد الله، فليأت البطريرك إلى هنا في أمان واطمئنان ليتولى أمر ديانته ويرعى أهل ملته).
ونصت المذكرة كذلك على أن مصر استوعبت بحضارتها وتراثها الإنساني عبر التاريخ كافة الثقافات والأديان دون تفرقة بين مسلم ومسيحي في إطار يجسد عبقرية الوطن الواحد، حيث اتسعت أرضها لرحابة الفكر والعقيدة ووعود الأمن والأمان الربانية وقول الله في القرآن الكريم «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين»، وعهد رسوله الكريم محمد (صل الله عليه وسلم) في قبط مصر (استوصوا بأقباط مصر خيرا، فإن لكم فيهم ذمة ورحما)، لافتة إلى أن مصر تصدت بشعبها وجيشها في كيان صلب من الوفاق والوعي والإرادة الوطنية لكل صور الغزو العسكري والفكري، مؤكدة صلابة ونقاء معدن أبنائها الأصيل من المسلمين والمسيحيين لتعبر الأزمات والتعقيدات، وتحقق رخاء شعبها في مناخ اجتماعي منسجم تتعالى فيه ترانيم الكنائس مع آذان المساجد.
وتحت عنوان «مصر بعد ثورة يناير 2011»، أشارت المذكرة إلى أن ثورة 25 يناير أكدت تأصل ومكانة النسيج الوطني المصري عبر آلاف السنين، حيث لم يجبر مسيحي على دخول الإسلام، وتعانق الهلال مع الصليب في ثورة عام 1919، وارتفعت شعارات حول (الدين لله والوطن للجميع)، وقداسة دور العبادة والحفاظ عليها إسلامية ومسيحية؛ لتجسد أهمية المواطنة وصلابة الوحدة الوطنية للشعب المصري.
وتحت عنوان «مصر في عهد الإخوان المسلمين»، أكدت مذكرة لجنة «العلاقات الخارجية بمجلس النواب» أن الإخوان المسلمين لعبوا دورا ممنهجا ومخططا بالتعاون مع أيدي أجنبية منذ نشأة الجماعة عام 1928 من خلال المؤامرات ومحاولات ضرب الثوابت المصرية، وإشعال الفتن الطائفية، والتحريض على الفتنة وازدراء الأديان، الأمر الذي مهد لظهور الكيانات والجماعات المتطرفة الإرهابية مستغلة الدين كوسيلة لتحقيق أهداف/ غايات مشبوهة.
وقالت المذكرة، إن المصريين قبلوا دفع الثمن في سبيل الحفاظ على نسيج الأمة متماسكا حتى ثورة يناير حين كشفت القناع عن الوجه القبيح لجماعة الإخوان المسلمين عند وصولهم إلى سدة الحكم عام 2012، باستغلال المشهد وإدارة معارك شرسة بالقتل ونهب ممتلكات الدولة والأفراد وإثارة المطالب الفئوية بعناصرهم في النقابات، والسعي للتمكن من مفاصل الدولة؛ تمهيدا لضرب مراكز الثقل السياسية والاقتصادية والاجتماعية بصفة عامة، والعسكرية والأمنية بصفة خاصة.
وأضافت المذكرة أنه باستشعار شعب مصر لطبيعة وعمق التهديد وبانقضاء عام واحد من حكم الإخوان المسلمين، جاءت نقطة الذروة لتوحد كل شعب مصر لينتفض ثائرا في جميع أنحاء البلاد بأعداد غير مسبوقة وفي إطار ثورة شعبية احتشد فيها 34 مليونا من جميع طوائف الأمة، وانحاز لها جيش مصر ليرتفع شعار (الجيش والشعب يد واحدة) بيد كل مصري مسلم ومسيحي.
وتابعت المذكرة أن قيم الوفاق الوطني المصري جسدت نموذجا فريدا وحضاريا للثورات الحديثة، مستلهمة عمق حضارتها وموروث وحدتها الوطنية، وتصدت لكل العمليات الإرهابية التي استهدفت تدمير وحرق دور العبادة المسيحية والتي بلغت في مجملها 83 من الكنائس ومدارس الراهبات وبيوت الخدمة المسيحية، بالإضافة إلى المئات من ممتلكات الأقباط بأنواعها المختلفة لاسيما بعد فض اعتصامي (رابعة والنهضة).
وأكدت المذكرة أن كل جرائم الإخوان المسلمين تمحورت حول فكرة واحدة ( مازالت تحرض عليها) وهي محاولة تأكيد صراع مزعوم بين مسلمي وأقباط مصر لاستقطاب الرأي العام الغربي وإقناع حكوماته للتدخل في الشأن المصري إلا أن الوحدة الوطنية والوعي الوطني وإرادة الشعب المصري كانت حجر الزاوية لاستيعاب المواقف والأحداث بتعقيداتها وتجاوزها متوحدة في قلب وجسد رجل واحد هو المصري المسلم والقبطي.
وشددت المذكرة على أن فترة حكم الإخوان كانت هي الأكثر مرارة في نفوس الأقباط لما شهدته من تمييز وخطاب تحريضي وإدعاءات عن رغبة المسيحيين لإفشال مشروع النهضة والحكم الإسلامي.
ولفتت المذكرة إلى أنه بعزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو 2013، استهدف الإخوان المسلمين التجمعات القبطية لأول مرة عقابا على مشاركتهم في ثورة 30 يونيو 2013 بصور متعددة، منها: التهديد بالقتل والدمار من فوق منصاتهم في ميداني رابعة والنهضة، حيث اغتالوا قسا بالعريش في عمل إرهابي، وحرقوا الكنائس بمحافظة ألمنيا، وتتابعت وتوسعت اعتداءاتهم ضد دور العبادة وممتلكات الأقباط كما سبق ذكرها.
وتحت عنوان «مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013.. مشاركات الرئيس الوجدانية للأقباط»، نصت مذكرة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب برئاسة طارق رضوان والموجهة إلى الكونجرس الأمريكي على أن الرئيس السيسي التزم عمليا بإعلاء مبدأ المواطنة بالمشاركة الفعلية في احتفالات الكنيسة بالأعياد خلال الثلاث سنوات التي أمضاها في الرئاسة، بالإضافة إلى تعدد زياراته إلى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ولقاءاته المتعددة بالبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية من خلال تقليد ثابت، مؤكدا على قوة النسيج الوطني للدولة.
وأشارت المذكرة إلى تقدم الرئيس عبدالفتاح السيسي الجنازة العسكرية لشهداء الكنيسة البطرسية مع البابا تواضروس الثاني وبحضور كبار رجال الدولة وسط جمع غفير من المواطنين المصريين مسيحيين ومسلمين، حيث أعلن عن اسم منفذ العملية، وأكد حرص الدولة على القصاص من منفذي العملية، لافتة إلى أنه وتخليدا لشهداء مصر من المسلمين والمسيحيين، افتتح الرئيس السيسي اثنين من الكباري العملاقة أحدهما باسم الجندي الشهيد «أبانوب جرجس»، والآخر باسم العقيد الشهيد «محمد المنسي» تكريما لشهداء الشعب المصري في معركته ضد الإرهاب، فضلا عن إعادة بناء وترميم عدد 83 كنيسة بالإضافة إلى المئات من ممتلكات الأقباط المعتدى عليها.
وتحت عنوان «في الإطار التشريعي»، أوضحت المذكرة أن ممثلين عن الطوائف المسيحية الثلاث شاركوا في وضع دستور عام 2014، والذي رسخ مبدأ المواطنة، حيث تم تفعيل المادة (244) من الدستور والتي نصت على التمييز الإيجابي لفئات معينة، منها: المسيحيون بحصولهم على مقاعد بمجلس النواب بلغت (39) مقعدا من الرجال والسيدات في إطار غير مسبوق.
وتحت عنوان «نصوص الدستور المصري التي تثمن أهمية المواطنة»، لفتت المذكرة إلى أن المادة (53) تنص على أن «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي أو لأي أسباب أخرى...»، مشيرة إلى أن الدستور أقر كذلك بأن التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، فضلا عن النص دستوريا على التزام الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون «مفوضية مستقلة لهذا الغرض».
وأشارت المذكرة تحت عنوان «من أهم المؤشرات الدالة على إعلاء وتطبيق مبدأ المواطنة»، إلى صدور قانون «بناء الكنائس» بتاريخ 30 أغسطس 2016 والذي منذ إصداره تم بناء (17) كنيسة في جميع أنحاء مصر، كما تشهد الآونة الأخيرة نهضة في بناء الكنائس وتقنين أوضاع أكثر من 4 آلاف كنيسة، بالإضافة إلى مناقشة مجلس النواب مشروع قانون «إنشاء الهيئة العليا لمفوضية مكافحة التمييز»، ومشاركة الأقباط في تولي المناصب القيادية في وزارات وهيئات وأجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة، وإنشاء كاتدرائية عملاقة بالعاصمة الإدارية الجديدة.
واختتمت المذكرة بمقولة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية (وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن).