من دمشق إلى درعا إلى حمص، لم تدخر قوات الأمن السورية جهداً فى تفريق المظاهرات المتفجرة فى البلاد منذ 15 مارس الماضى. وارتفع عدد الضحايا المدنيين قبل يومين، فى جمعة الصمود، إلى 37 شخصاً على الأقل فى مختلف المحافظات، بينهم 26 فى مدينة درعا وحدها، بحسب المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان.
وبدا من التردى الأمنى الذى تشهده سوريا أن قرار الرئيس بشار الأسد قبل عدة أيام بعزل محافظ حمص لم ينجح فى تهدئة المحتجين. كما لم تفلح وعوده بإلغاء قانون الطوارئ - المطبق منذ نحو 50 عاماً – فى السيطرة على الغضب الشعبى، فلجأ إلى وحدات من الشرطة السرية وقوات موالية «غير نظامية» ووحدات من الجيش لمواجهة هذا التحدى غير المسبوق.
ومع ذلك، مضى الرئيس السورى فى محاولاته للسيطرة على الوضع، فأكد فى تصريحات له الأحد أن بلاده «ماضية فى طريق الإصلاح الشامل ومنفتحة على الاستفادة من خبرات وتجارب الدول الأوروبية».
وبينما يطالب المتظاهرون بإطلاق الحريات وإلغاء قانون الطوارئ ومكافحة الفساد وتحسين المستوى المعيشى والخدمى للمواطنين، يعزو الأسد، الذى يحكم سوريا منذ 11 عاما، احتجاجاتهم إلى «مؤامرة خارجية لإزكاء الفتنة الطائفية».
وتنعكس تصريحات الأسد ( 45 عاما) على الأرض فى تكثيف قوات الأمن «البعثية» التابعة له استخدامها المفرط للقوة ضد المظاهرات، لاسيما فى مدينة درعا، التى شهدت إطلاق رصاص على جنازة قرب المسجد العمرى. واتهم المناوئون للأسد القوات السورية بإطلاق النار على الحشود، خاصة أن الواقعة جرت بعد يوم من بيان لوزارة الداخلية هددت فيه بمواجهة «الجماعات المسلحة» و«بعض الموتورين والدخلاء».
وبحسب شاهد عيان، فإن قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحية وقنابل الغاز لتفريق آلاف السوريين، الذين رددوا هتافات مطالبة بالحرية عند المسجد، بعدما تحولت الجنازة إلى مظاهرة احتجاج.
وبعد ساعات من الواقعة، جرى نشر قوات أمن سورية فى نقطتى توتر للسنة. وشوهدت الدبابات فى منطقة شمالية من مدينة بانياس الساحلية. وترددت أصداء إطلاق مكثف للنيران لكن لم ترد أنباء مؤكدة عن سقوط ضحايا. كما لجأ النظام إلى قطع اتصالات الهواتف الأرضية والمحمولة مع بانياس.