صعدت القوات الموالية للزعيم الليبى معمر القذافى هجماتها للسيطرة على أجدابيا التى شهدت حرب شوارع مع المعارضة المسلحة، فى الوقت الذى ارتكبت فيه القوات الحكومية مجزرة وحشية ضد الثوار فى مدينة مصراتة شرق طرابلس، مما أسفر عن مقتل 30 من المعارضة فى المدينة المحاصرة، كما وسعت من نطاق هجماتها على الثوار فى مدن الغرب الليبى والجبل الغربى، بينما شنت مقاتلات حلف شمال الأطلنطى «الناتو» غارات على الكتائب الأمنية فى أجدابيا ومصراتة والبريقة وكبدتها خسائر كبيرة بهدف دعم المعارضة.
وشنت قوات القذافى هجوما مباغتا على قوات المعارضة فى بلدة أجدابيا شرق ليبيا وقصفت البلدة ونشرت القناصة فى الشوارع، وأعلن الثوار أنهم نجحوا فى صد هجوم كتائب القذافى بعد اشتباكات دامت عدة ساعات، تخللتها حرب شوارع أسفرت عن مقتل 8 أشخاص على الأقل وإصابة 9 آخرين، بينما فر عشرات العائلات هربا من بطش القوات الحكومية.
ويتواصل القتال فى المدينة رغم الدعم الذى وصل الثوار من معقلهم فى مدن الشرق، خاصة بنغازى، واستخدم الثوار، لأول مرة، مروحيتين فى مهاجمة كتائب القذافى فى المدينة التى ساندتها الهجمات الجوية لحلف الناتو، وقالت المعارضة إنها تحاصر عدداً من كتائب القذافى رغم نجاحها فى اختراق المدينة والتقدم باتجاه أطرافها الشرقية، بينما اتهم نائب وزير الخارجية الليبى خالد الكعيم الناتو بالسماح للثوار باستخدام مروحيات فى القتال فى انتهاك لقرار فرض الحظر الجوى.
وفى الوقت نفسه، قللت المعارضة من انتقاداتها للناتو بعد أن ساندها فى غاراته التى استهدفت كتائب القذافى فى مصراتة وأجدابيا والبريقة، وقال الحلف إنه نجح فى تدمير 17 دبابة تابعة لقوات القذافى فى مصراتة والبريقة، كما دمر مخازن للأسلحة والذخيرة تابعة للكتائب فى طرابلس استجابة لنداءات الثوار. وفى مصراتة غربى ليبيا أعلنت مصادر فى المعارضة عن مقتل 30 على الأقل من قواتها فى هجوم للقوات الحكومية على المدينة المحاصرة التى تعانى واحدة من أصعب الأزمات الإنسانية رغم وصول معونات طبية وغذائية دولية.
واتهم اللفتنانت جنرال تشارلز بوتشارد قائد عمليات الحلف فى ليبيا قوات القذافى باستخدام المدنيين كدروع بشرية لمنع قوات الناتو من مهاجمتها، وقال: «لاحظنا أمثلة مروعة لقيام قوات النظام بوضع أنظمة أسلحتها عن عمد قرب المدنيين ومنازلهم بل وأماكن عبادتهم»، وأضاف: «لاحظنا اختباء قوات الجيش خلف النساء والأطفال. هذا النوع من السلوك يخرق مبادئ القانون الدولى ولن يتم التغاضى عنه».
ووسعت قوات القذافى من هجماتها وقصفها لمواقع الثوار فى عدة جبهات فى الغرب شملت مدن الزنتان والرجبان ويفرن ومناطق الجبل الغربى، وعززت حصارها لمدينة زوارة شمال غرب ليبيا وعزله، مما فاقم الأزمة الغذائية والإنسانية فيها.
ومع احتدام المواجهات المسلحة، تستمر الجهود السياسية الدولية والإقليمية لإنهاء الأزمة، واستبقت المعارضة وصول الوفد الأفريقى إلى ليبيا الأحد، وأكدت رفضها أى وقف لإطلاق النار يُبقى القذافى أو أبناءه فى السلطة، وقال مصطفى الغريانى، المتحدث باسم الثوار فى بنغازى: «نعرف تماما ما نريد، إذا كانوا يفكرون فى فترة انتقالية بوجود القذافى أو أبنائه، عليهم اذن أن يتوجهوا إلى مصراتة، ويقولوا ذلك للنساء والأطفال الذين يتعرضون فيها للاغتصاب».
وجددت لجنة الاتحاد الأفريقى حول ليبيا دعوتها إلى «الوقف الفورى لجميع أعمال العنف»، واقترحت تحديد «مرحلة انتقالية» لاعتماد إصلاحات، وقررت اللجنة التى تضم رؤساء 5 دول أفريقية العمل وفقا لخريطة طريق كانت أقرتها فى مارس الماضى واقترحوا إدارة شاملة لمرحلة انتقالية لإقرار تطبيق إصلاحات سياسية ضرورية لحل الأزمة الحالية ومراعاة التطلعات المشروعة للشعب الليبى إلى الديمقراطية والإصلاح السياسى والعدالة والسلام والأمن. بدوره، قال أمين مؤتمر الشعب العام الليبى (البرلمان) محمد الزاوى إن مشروع دستور يجرى إعداده منذ 2007 سيعرض على الليبيين فور انتهاء الأزمة، وأضاف أن «المؤتمرات الشعبية الأساسية ستراجع مواد الدستور وستدخل التعديلات التى تريدها بعد عودة الوضع إلى الهدوء فى البلاد».
وقال إبراهيم بوخزام، الخبير فى القانون الدستورى العضو فى اللجنة، إنه «دستور حديث» مستوحى من «دساتير عشرات الدول الأوروبية والعالم الثالث، وينص على سلطة غير مركزية مثل المطبقة فى الولايات المتحدة ويقضى بمنح سلطات واسعة إلى المناطق وإقامة نظام تشريعى من مجلسين مستوحى من التجربتين البريطانية والأمريكية دون الإشارة إلى دور القذافى فيه. وفى تلك الأثناء عرض التليفزيون الليبى لقطات للقذافى اثناء زيارة لمدرسة فى طرابلس أعلن أنها جرت السبت فى أول ظهور علنى له منذ 5 أيام. وظهر القذافى فى اللقطات مرتديا زيه التقليدى ونظارة شمسية وهو يدخل المدرسة محاطا بحرس خاص، وضرب القذافى بقبضته فى الهواء، بينما ردد التلاميذ عبارة «الله معمر وليبيا وبس».
وكشف مسؤولون بوزارة الخارجية التركية عن أن وزير الخارجية أحمد داود أوغلو سيزور مصر خلال اليومين المقبلين فى إطار المشاورات التى تجريها تركيا حول خريطة الطريق التى طرحها رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان، الخاصة بالتوصل لإنهاء الأزمة فى ليبيا، وقال المسؤولون إن أوغلو سيلتقى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، لمناقشة خريطة الطريق قبل مناقشتها فى اجتماع مجموعة الاتصال الدولية الخاصة بليبيا فى الدوحة «الأربعاء» المقبل.