أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن الحفاظ على الدولة المصرية أهم الأهداف الاستراتيجية التي وضعها في أولوياته، مشيرا إلى أن حدوث انسجام واستقرار لمؤسسات الدولة يجعلها أكثر قوة وتميزا.
جاءت تصريحات الرئيس خلال مشاركته في جلسة السياسة الخارجية ومكافحة الإرهاب وإعادة بناء مؤسسات الدولة خلال اليوم الثاني من مؤتمر «حكاية وطن» بحضور الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب ووزراء الخارجية والهجرة والتنمية المحلية وضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، فضلا عن عدد من الخبراء على المائدة المستديرة.
وقال الرئيس: «كلما استقرت الدولة وتناغمت مؤسساتها كلما اتسم دورها بالقوة والتميز بينما عندما تتعرض الدولة لثورة يتراجع دور مؤسساتها وتتفكك وتتحلل ويتراجع دورها وتحتاج جهد كبير لإعادة بنائها.
وأضاف الرئيس أن الدولة المصرية تعرضت لثورتين خلال 3 سنوات، مما تسبب في هزتين عنيفتين تسببا في آثار صعبة على مؤسسات الدولة وأداء الدولة، مشيرا إلى أنه عندما تتعرض الدولة لثورات يتراجع وزن قوة الدولة الشاملة ويتراجع دورها وتصبح عرضة للمطامع.
وقال الرئيس إن الدولة فتحت الباب لقوى شر كان أملها في يوم من الأيام المشاركة بنسبة ضيئلة في قيادة الدولة وفجأة وجدت نفسها على رأس السلطة لتفتح الباب للعنف والتطرف.
واستطرد الرئيس قائلا: «مؤسسات الدولة التي تهدم فعليا لا تعود. ربنا حمانا من مصير سوريا»، مستشهدا بمؤسسات الدولة في أفغانستان والصومال.
وأضاف أن الحفاظ على الدولة المصرية يعد أحد أهداف الدولة الاستراتيجية التي وضعها نصب عينيه، مشيرا على سبيل المثال إلى أنه كان من الضرورى مواجهة بعض التحديات التي واجهت الدولة مثل تجميد عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي وتدخل الدول في الشأن المصري عقب ثورتين.
وقال: «هناك إجراءات تمت واتكسرت حواجز كثيرة وكان لابد من إعادة بناء هذه الحواجز من جديد واستعادة الدولة المصرية لهيبتها..والمصريون ساعدوني منذ 24 يوليو 2013 عندما منحوني تفويضا لمكافحة الإرهاب».
وأوضح أنه لم يكن مطلوبا أن تعود الدولة المصرية لسابق عهدها وتظل مكسورة، مشيرا إلى أن الله أراد أن يحمي مصر من مصير دول كثيرة في المنطقة.
وقال إن فرص تحطم الدولة المصرية عقب ثورة يناير 2011 كان أكبر من أي دولة أخرى لكن الله أراد أن يحميها، مشيرا إلى أن كل الحسابات كانت تشير إلى أن مصر لم يكن من المحتمل أن تنجو رغم جهود الجيش والشرطة إلا أنها تمكنت بفضل الله من الصمود أمام المخططات.
وأضاف الرئيس أنه تم وضع دستور متطور ومتقدم ويحقق آمال المصريين، كما عقب على انتخابات البرلمان المصري وترديد البعض بعدم رضاهم عن أداء البرلمان، مشيرا إلى أن المصريين هم من اختاروا أعضاء مجلس النواب في انتخابات حرة، قائلا: «لا يليق انتقاد البرلمان بشكل غير موضوعي».
وأضاف الرئيس أن الباب فتح للإرهاب في فترة ضعف الدولة وزادت عزلتها وتم تجميد عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي، مشيرا إلى أن حجم علاقات مصر مع الاتحاد الإفريقي لم تكن أيضا قبل الثورة جيدة بالشكل الكافي.
وأشار إلى أن أحد الأهداف التي وضعها أمامه في بداية عمله هي استعادة دور مصر في إفريقيا واستعادة العلاقات مع دول أوروبا والتأكيد على أن ثورة 30 يونيو 2013 كانت إرادة شعب.
وأشار إلى أن بعض الدول الخارجية في هذه الفترة كانت تصر على أن ما حدث تغيير بالقوة وليس إرادة شعب.
وتطرق الرئيس إلى رد الفعل الدولي بعد فض اعتصام رابعة والنهضة، مشيرا إلى أن جماعة الإخوان نشروا معلومات كاذبة للعالم بأن فض الاعتصامين تسبب في قتل عدد كبير من المواطنين لحث المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات ضد مصر.
وأشار إلى أن الملك عبدالله ملك السعودية الراحل خرج وقتها ببيان محذرا من المساس بمصر ليبدأ بعدها الدعم الحقيقي لمساندة مصر خارجيا.
وأكد الرئيس أنه عندما لا تقوم مؤسسات الدولة بعملها بشكل جيد يحدث اختراق للدولة، مشيرا إلى أن مصر على مدار 3 سنوات عانت من اختراق سمح بدخول أي شيء من متفجرات وسلاح وغيره.
وطالب الرئيس المصريين بأن يحافظوا على مصر، قائلا: «خلوا بالكم منها وعينكم عليها».
وأشار الرئيس إلى أنه كان هناك بؤرة في سيناء تعد مركزا للتجهيز للقيام بعمليات إرهابية، استنزفت الدولة على مدار 3 سنوات وكلفت مصر ثمنا كبيرا من أولادها وشبابها.
وأوضح الرئيس أنه كان لابد أن يتم إزالة مباني على 5 كيلومتر من الحدود الشرقية، مشيرا إلى أن التجرء على مصر لم يكن يحدث إلا في أعقاب ثورتين، مشيرا إلى أن مكانة مصر ودورها الخارجي يتراجعان مع أول مظاهرة تخرج.
وقال إن عدد المصابين في العمليات الإرهابية وصل إلى 13 ألف شخص ما بين مصاب يعود للحياة بشكل طبيعي أو يعود بإعاقة، مشيرا إلى أن كل ذلك جرح في جسم مصر. وأكد أن الدولة تتحرك بشكل جيد في ملف مكافحة الإرهاب وستنتهي منه قريبا.
وأشار الرئيس قائلا: «مفيش منزل في سيناء خرج منها طلقة طلبنا من القوات إزالته أو مزرعة خرجت منها طلقة طلبنا إحراقها»، مشيرا إلى أنه يجري حاليا جهد كبير لإعادة الدولة في سيناء.
وتطرق الرئيس إلى حادث الهجوم على مطارالعريش الذي تم تنفيذه من أحد المزارع القريبة من المطار، مشيرا إلى أنه يتم حاليا اتخاذ إجراءات لوضع حرم آمن للمطار بطول 5 كيلومتر.
وأكد الرئيس أنه سيتم استخدام عنف شديد وقوة غاشمة حقيقية حتى تعود الدولة لسيناء، مشيرا في نفس الوقت إلى أن حجم ما ينفق حاليا على تنمية سيناء تصل قيمته إلى 250 مليار جنيه، مؤكدا أن الدولة لن تسمح باستمرار الإرهاب في سيناء، مطالبا الأهالي في سيناء بمساعدة الدولة.
وفي إطار ملف السياسة الخارجية، أكد أن الدولة المصرية أصبح لها سياسة مستقلة بفضل وحدة المصريين وتلاحمهم، مشيرا إلى أن أي الرئيس لن يستطيع تحمل ضغط خارجي وداخلي.
وأشار إلى أن مصر حرصت على وضع علاقات متوازنة مع كافة الدول، مؤكدا أن مصر قوية بالمصريين.
وقال إن بعض الدول أرسلت أشخاص ليروا رد فعل المصريين في شوارع العاصمة عقب إعلان القرارات الاقتصادية الصعبة.
وأضاف قائلا: «كل ما نؤهل ونعلم أكثر كلما تزيد قدرة الدولة.. وكل وزير لابد أن يكون عنده تجرد وإخلاص في عمله».
وأشار الرئيس إلى أن وجود قيم ومبادئ في السياسة يعد أمرا غريبا لدى البعض، مشيرا إلى أن التجربة المصرية كانت خير دليل، حيث تمكنت مصر من إدارة سياستها الخارجية بقيم ومبادئ وأخلاقيات مصرية.
وأكد الرئيس أن الحوار والنقاش والتواصل مع الأخرين أمر ضروري، كما أن استعادة قوة الدولة الشاملة ومن بينها القوة العسكرية أهم عناصر التأثير في سياستها الخارجية، مشيرا إلى أن حجم القدرة والنفوذ التي تستطيع الدولة المصرية أن تحشدها هي العنصر الأهم في سياستها الخارجية.
وحول ملف سد النهضة، قال الرئيس أن الدولة تدير الملف بإدراك وتفهم متطلبات إثيوبيا في التنمية، إلا أن مصر لن تسمح بالإضرار بحصتها أو المساس بها، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على هذه النقطة مع إثيوبيا، مشيرا إلى أنه لم يتم الاتفاق على حجم المياه الذي سيقل مؤقتا حتى ملء خزان سد النهضة. وأشار إلى أن مصر تنفذ في نفس الوقت أكبر برنامج لمعاجة مياه الصرف تحسبا لأي ظروف.
واختتم الرئيس حديثه بأن ما تحقق خلال السنوات الأربعة الماضية في كافة مؤسسات الدولة عظيم جدا في ظل ظروف صعبة، مشيرا إلى أن الله يرى ما قدمه خلال السنوات الأربعة الماضية ويضعه أمامه في كافة تعاملاته مع الواقع المصري كله
وأكد الرئيس أن تعامله مع المصريين المسيحيين «ليس سياسة» ولكنه يتبع تعاليم دين الإسلام الحقيقي في التعامل مع مواطنين يجب حمايتهم.
وحول ملف السينما، أكد أن السينما الحقيقية عليها أجر وثواب عظيم عندما تدعو لقيم ومبادئ، مشيرا إلى أن دور السنما الحقيقي في الحفاظ على البلاد ونميتها. وأشار الرئيس إلى أنه يتألم من أي لفظ يقال في الإعلام المصري ضد أي دولة تسيء لمصر.
وكانت الجلسة قد استهلت فعالياتها بعرض فيلم تسجيلي عن الإنجازات التي تمت في محاور السياسة الخارجية ومكافحة الإرهاب وإعادة بناء مؤسسات الدولة، حيث تناول الأحداث التي مرت بها مصر منذ عام 2011 وما ترتب عليها من أهمية إعادة بناء مؤسسات الدولة ومواجهة شرسة مع قوى الإرهاب والتطرف، فضلا عن الدور الهام الذي تلعبه هيئة الرقابة الإدارية لاستئصال الفساد بكل صوره.
كما تناول جهود السياسة الخارجية للدولة المصرية التي ركزت على إعادة بناء العلاقات مع الدول الشقيقة ودول العالم. وأشار أيضا إلى جهود الدولة في التركيز على بناء الشباب ودعمهم من خلال مؤتمرات الشباب والبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة وإعلان عام 2016 عام الشباب المصري.
وقد تحدث عدد من الحضور من الوزراء والخبراء حول ما حدث في مصر خلال الفترة الماضية منذ ثورة 2011، حيث تناول الحضور ما تم خلال السنوات الأربعة الماضية من إعادة بناء حقيقي لمؤسسات الدولة واتباع سياسة خارجية مستقلة أعادت لمصر هيبتها ووزنها بين دول العالم، كما تحدث الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب حول دور البرلمان في سن القوانين والتشريعات التي ساهمت خلال السنوات السابقة في ضبط أداء مؤسسات الدولة.