حذر الدكتور مجدى بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، واستشارى الأطفال وزميل كلية الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس، مرضى حساسية الأنف والعين والصدر، والذين يعانون من أمراض بالجهاز التنفسي خاصة مرضى الربو من الخروج من المنزل، أثناء تعرض مصر لحالة من عدم الاستقرار في الأحوال الجوية، اليوم الخميس وغدا الجمعة، حيث تنشط الرياح على أغلب الأنحاء، وتكون مثيرة للرمال والأتربة وتصل لحد العاصفة على بعض المناطق.
وأكد الاستشاري أن، جزيئات الغبار تدخل جسم الإنسان عن طرق الانف أو سطح الجلد أو العين، وأن استنشاق الأتربة يزيد من معدلات الحساسية وزيادة الحركة وقلة الانتباه، ويزيد تلوث الهواء من معدلات الإصابة بالأنفلونزا والفيروسات التنفسية، ويتيح للفيروسات فرصة البقاء فترة أطول في الهواء، والانتقال لمسافات أبعد.
وذكر، أنه في حالة الاضطرار لمغادرة المنزل يجب استخدام أقنعة ( ماسكات ) ضد الأتربة ،أو تغطية الأنف بكوفية أو إيشارب أو منديل، وتناول أدوية علاج الحساسيات خاصة الوقائية التي تباعد بين فترات حدوث أزمات التحسس، مشددا على أن التلوث يؤثر سلبا على الشفرات الوراثيه والمناعه، وأن استنشاق الأتربة في الرضع ربما يصل لعشرين ضعف الكبار، والتعرض البيئي للهواء الملوث من عوامل الخطورة المحتملة للإصابة بالأوتيزم ( التوحد )، والإفراط في الحركة ونقص التركيز والانتباه في الرضع، ويحدث إما قبل الولادة في الرحم، أو خلال الولادة أو بعدها مباشرة.
وقال إنه في كل يوم يستنشق الشخص البالغ 15 ألف لتر من الهواء، وان هناك 150 ألف مادة لوثت هواء اليوم مقارنة بهواء الأجداد، وأن التلوث يشمل مواد ضارة وغازات سامه والعديد من الميكروبات، وأن كل هذه المواد الغازية يتم توقيفها بواسطة الأهداب في الأشخاص الطبيعيين، وأن الهواء الملوث بالأتربة يضر بالأجنة وينقص من وزن المواليد، وأن الأطفال الرضع يستنشقون الأتربة 20 ضعف معدلات استنشاق البالغين له.
وأوضح أنه في كثير من الأحيان يعتقد البعض أن حساسية الأتربة نزلة برد أو الانفلونزا، ولذلك يهمل علاجها، مشددا على أنه من الأهمية تحسين نوعية الهواء داخل المنزل والهواء الذي يتم تنفسه، معتبرا أن الأتربة والغبار بصفة عامة وداخل المنزل بصفة خاصة يعد «قنبلة موقوتة»، إذ يتسبب في الإصابة بالعديد من الأمراض خاصة في الأطفال وكبار السن، والذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
وتشمل مكونات الغبار المنزلى ملوثات الهواء الخارجى مع ملوثات هواء المنزل من بقايا تدخين التبغ ومعطرات الجو والبخور، والملوثات العالقة بالأحذية والملابس والحمامات والمطابخ وغرف النوم والطعام، وأدوات التجميل، وأن أخطر ما في غبار المنزل هو مسببات الحساسية التي تفرزها حشرة الفراش التي لا ترى بالعين المجردة وتعد المسبب الأول للحساسية في المنازل.
ويشير استشارى الأطفال، إلى أن الأطفال الرضع هم الأكثر عرضة لمشاكل غبار المنزل بسبب تكرار لمسهم لجميع أنواع الأسطح من حولهم، ووضع أياديهم في أفواههم، وأن الأثاث المنجد والستائر الخفيفة والثقيلة من المصادر الغنية بالغبار، لافتا إلى أن غبار المنزل يسبب الإصابة بالالتهابات التنفسية والإصابة بالحساسية سواء في الصدر أو الأنف أو الجلد أو العين أو بأكثر من نوع من الحساسية، وكلما زاد الغبار في المنزل كلما زادت معدلات الأزمات الربوية , وحكة الجلد والأكزيما وحساسية العين، والسعال، والرشح، ومشاكل الجيوب الأنفية.
وأكد أن لتلوث الهواء أضرارا على الأجنة في أرحام أمهاتهن، حيث يتسبب في نقص وزن المواليد عند الولادة، بمعدل 9ر8 جرام لكل زيادة 10 ميكروجرام من الجسيمات العالقة في كل متر مكعب من الهواء الملوث، إلى جانب أنه يعوق اكتمال نمو الرئتين، وينقص كفاءتهما الوظيفية فيما بعد، ويضر 40 نوعا من الخلايا في الجهاز التنفسى، مما يرفع فرص إصابة المواليد بالالتهابات التنفسية خاصه الالتهاب الرئوي، والإصابة المبكرة بحساسيه الصدر أو الأنف أو الجلد بدءا من السنة الأولى من العمر، وزيادة معدلات الأزمات الربوية بعد الولادة، والقصور في الدورة الدموية، وربما أيضا ولادة طفل ميت.
وقال، إن العديد من الدراسات أوضحت أن نقص محيط الرأس عند الولادة أو خلال السنة الأولى من العمر، يرتبط سلبا بالوظائف الإدراكية للشخص، والأداء المدرسي في مرحلة الطفولة، وأشار إلى ما يترتب على ذلك من تأثيرات ضارة على المخ أو الإصابة بالتخلف العقلى، والتأخر الدراسى، وصعوبات في تعلم مادة الرياضيات واللغات، وضعف مناعة المواليد والإصابة بعيوب خلقية خاصة في الجهازين الدورى والتناسلي، ومع تلوث الهواء بأكاسيد النيتروجين والجسيمات العالقة في الهواء، وزيادة معدلات السرطان فيما بعد.
وتابع خبير المناعة، أنه في الأشخاص الطبيعيين الأصحاء، تستطيع الأهداب التنفسية تنظيف الشعب الهوائيه من أي مخاط زائد خلال 24 ساعة، ومع الإصابة بالربو ولالتهابات الشعبية يزداد إنتاج المخاط وتقل حركته في الجهاز التنفسى، ولولا الأهداب التنفسية لتجمع المخاط وسد الشعب الهوائية، لذلك فإن الرئتين تحاولان التخلص منه بالكحة، مشيرا إلى أن كفاءة عمل الأهداب تتأثر بالعوامل الوراثية فتجعلها غائبة أو غير مؤهلة للعمل، وتقل بالتدخين وسوء التغذية خاصة مع نقص فيتامينات أ، وسى، وهـ، وتوقف البرودة الشديدة الأهداب عن العمل، إلى جانب تأثير قلة السوائل في الجسم السلبى عليها، حيث يقلل الجفاف المخاط، ويوقف الأهداب عن العمل، وكذلك بعض الأدوية والعقاقير مثل بعض مضادات الحساسية، وبعض أدوية التخدير، وأدوية البرد وقطرات علاج احتقان الأنف، وإدمان الكحوليات ،و العدوى بالميكروبات.
وأشار، إلى أن الأهداب تفقد مع بعض التهابات الشعب الهوائية، ولا يستطيع الرضع استعادتها بعد التهابات الشعب الهوائية إلا بعد حوالى 16أسبوعا في المتوسط منها، موضحا أن العدوى بالفيروسات تقصر من أطوال الأهداب التنفسيه، وإن بعض أنواع البكتيريا تفرز سموما تصيب الأهداب التنفسيه بالشلل مثل بكتيريا السعال الديكى، التي تستطيع أن تدمر الخلايا التنفسيه الحاملة للأهداب، ولحسن الحظ , يتم تطعيم الأطفال ضد هذه البكتيريا في التطعيمات الدورية للأطفال التي توفرها وزارة الصحة مجانا، والبعض الآخر تبطئ من عمل الأهداب ثم توقفها عن العمل وتدمرها.
وأضاف أن فيتامين سى يعد من أهم مضادات الأكسدة، فهو يساعد في نمو الأنسجة وإصلاحها، ويقى من الآثار السلبية لملوثات الهواء مثل الأتربة , لقدرته على خفض الشوارد الحرة في المجارى الهوائية وبالتالى حماية خلايا الجهاز التنفسى من التهتك والتدمير، مشيرا إلى تضاعف معدلات حدوث الأزمات الربوية والاحتجاز بالمستشفيات مع انخفاض مستويات فيتامين سى خلال موجات الأتربة، مشيرا إلى أن أهم مصادره الطبيعية الجوافة , الكيوي , الفلفل الملون , البروكلى , الفراولة , البرتقال , الليمون.
وأكد بدران، أهمية التكرار اليومى لغسل الأجزاء المكشوفة من الجلد وفتحتى الأنف والعين والأذن والفم، لأثر ذلك في التقليل من مشاكل التعرض للغبار أو الأتربة، مشددا على أهمية غسل الأيدى باستمرار حيث يفيد في تحجيم العدوى بالميكروبات عموما، وينقذ مليون طفل من الوفاة نتيجة الإسهال سنوياً.
ووصف بدران، ست نصائح للوقاية من نزلات البرد وتوفير السلامة للأهداب التنفسية، تتمثل في التغذية الجيدة المتوازنة في الكم والنوع مع شرب الماء والسوائل الطبيعية بوفره، والحصول على قسط وافر من النوم لتجنب التوتر الذي يقلل المناعة، وممارسة الرياضة يوميا وأبسطها المشى نصف ساعه في الهواء الطلق، والبعد عن التدخين والمخدرات والخمور والأدوية العشوائية، وعدم إهمال تطعيم الأطفال بالتطعيمات التي توفرها الدولة مجانا، ومحاربة تلوث الهواء.