أجاب الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، على أسئلة المشاهدين في حلقة اليوم من برنامج «والله أعلم» المذاع على شاشة «سي بي سي cbc»، بشأن جواز تدوين السُّنة وحقيقة نهي النبي عن تدويتها والأحاديث التي رويت عن ذلك وصحتها.
وقال على جمعة إن بدء تدوين السنة كان في عهد النبي محمد، وكان أول من كتب عنه هو الصحابي عبدالله بن عمرو بن العاص، وشدد على ذلك بحديث صحيح عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه، الذي قال: «كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله، ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله، فقال: أُكتب، فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلاّ حقّ؛ وأشار بيده إلى فيه».
وأضاف مفتي الجمهورية السابق أن عبدالله بن عمرو بن العاص كتب صحيفة وكان يسميها «الصادقة» دوّن فيها نحو 132 حديثا كلها في البخاري.
ولفت إلى أن المسلمين بذلوا جهدا مبدعا وغير مكرر في توثيق كلام النبي، فأنشأوا علوما كثيرة، ولم يحدث مثل ذلك أبدا لأي نبي أو مفكر أو عالم أو شاعر أو أديب في تاريخ البشرية، فهو أمر فريد اختُص بكلام النبي.
وبخصوص ادعاء البعض أن النبي طلب ألا يكتب عنه غير القرآن في حديث «لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب على متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار»، قال جمعة: «نهى النبي عن الكتابة المخصوصة التي يختلط فيها الحديث مع القرآن. فالنهى محدود في حالة أن يكون هناك التباس بين الحديث والقرآن، ولا يوجد تمييز بينهما».
وأشاد بالتوثيق الذي حدث وقت النبي، معتبرا أنه مما مَنّ الله به على المسلمين، مضيفا «لم يأخذوا التوثيق من أمة خلت، ولم يقلدوا أحدًا من الناس، فكان من العلوم التي وضعوها وكملت غاية الكمال، وعلم التوثيق مثله في ذلك مثل (علم الفهم) أو ما يسمى (بأصول الفقه)، فإنه علم بديع نشأ من حضارة المسلمين».
ودلل جمعة على كلامه بتوثيق الإمام الحسن البصري وهو من التابعين، قائلا أن سلسلة «الطريق إلى الله» و«طريق الإحسان» للبصري امتدت إليه عن الإمام على بن أبي طالب، إذ تربى الحسن البصري في بيت أم سلمة أم المؤمنين، وأدرك عليًّا وأخذ عنه الطريق وآداب الطريق.