x

عزيز فهمي عزيز فهمي يكتب من واشنطن: تداعيات كتاب «نار وغضب» على مستقبل «ترامب» (1-3) عزيز فهمي السبت 13-01-2018 21:25


يبدو المستقبل السياسي للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على المحك، بسبب الأحداث المتسارعة منذ وصوله إلى المكتب البيضاوي، قبل نحو عام. فيما الرجل الذي جاء رئيسًا وسط عاصفة غير مسبوقة من الرفض في الشارع الأمريكي، خاصة النخبة منه، ما زال يمارس «ثقافة الإنكار» غير عابئ بالنار المشتعلة من حوله محليًا، والنار التي يود إشعالها من أدنى الكوكب في كوريا الشمالية إلى أقصاه في فنزويلا، فضلا عن «قرارات لا تغتفر» مثل قراره بنقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس المحتلة.

«نار وغضب.. داخل بيت ترامب الأبيض»، يبدو عنوان الكتاب في نصفه الأول من نوعية الكتب المثيرة، لكن المثير في الأمر حقا هو أن يتوقف مصير رئيس أكبر دولة في النظام العالمي على كتاب، في قضية تشبه فضيحة «ووترجيت»، فقبل حوالي 44 عامًا، أطاح تحقيق صحفي بـ«واشنطن بوست»، أعده الصحفيان «كارل برنستين» و«بوب وود ورد»، بالرئيس السابع والثلاثين للولايات المتحدة الأمريكية، ريتشارد نيكسون.

«المصري اليوم»، تحاول في سلسلة من المقالات يكتبها الإعلامي المصري المقيم في أمريكا، عزيز فهمي، قراءة ما بين سطور الكتاب، آملة أن تقدم للقارئ عرضًا وافيًا لـ«محنة» الرئيس الخامس والأربعين، فضلا عن الأسئلة التي يطرحها الكتاب واستقبال المواطن الأمريكي لما ورد به من اتهامات تخص «ملياردير العقارات» والانتخابات الرئاسية التي أوصلته إلى سدة الحكم في أمريكا، ومدى تأثيره على تحقيقات المدعي العام روبرت مولر، في دعاوى التدخل الروسي في انتخابات 2016.

بوابة «المصري اليوم»

عزيز فهمي يكتب من واشنطن: تداعيات كتاب «نار وغضب» على مستقبل «ترامب» (1-3)


اهتمت الصحافة العربية بالمقتطافات التي عرضت تصريحات ستيف بانين، كبير مستشاري الرئيس ترامب السابق والرئيس السابق لحملته الانتخابية في كتاب «نار وغضب: داخل بيت ترامب الأبيض» للكاتب مايكل وولف عن مواقف الرئيس ترامب المثيرة للجدل حول السلام في الشرق الأوسط والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والنزاع بين قطر من جهة والسعودية والإمارات ومصر والبحرين من جهة أخرى.

أما على الساحة الأمريكية فالأمر يختلف، والقضية الأهم التي فجرها هذا الكتاب هي التصريحات التي تتعلق بتحقيقات المباحث الفيدرالية في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية. فالقضية التي فجرها كتاب «نار وغضب» هي تصريحات نسبت لستيف بانين عن الاجتماع الذي شارك فيه ابن الرئيس ترامب وصهره جاريد كوشنير ورئيس الحملة الانتخابية آنذاك بول مونفورت في يونيو 2016 أثناء الحملة الانتخابية مع محامية روسية ادعت أن الحكومة الروسية تمتلك معلومات سرية عن منافسة ترامب الديمقراطية هيلري كلينتون، وأن هذه المعلومات قادرة على تدمير فرص كلينتون في الفوز في الانتخابات الرئاسية. وصف ستيف بانين في الكتاب هذا الاجتماع بأنه كان يمثل خيانة للوطن لأنه كان مع محامية روسية من بلد مناوئ للولايات المتحدة بهدف تبادل معلومات للتأثير في الانتخابات الرئاسية.

وأضاف ستيف بانين في الكتاب أنه كان ينبغي على ابن ترامب أن يخطر المباحث الفيدرالية فوراً بهذا الاجتماع، ولكن ابن ترمب وصهره لم يفعلا ذلك، وهي قضية تمثل أهم النقاط التي يحقق فيها المحقق المستقل روبرت موللر لأنها أبرز دليل محتمل حتى الآن على تواطؤ حملة ترامب مع جهات روسية للتدخل في الإنتخابات الرئاسية.

ولم يكتف ستيف بانين بهذا التصريح بل لمح بأن المحقق المستقل سيركز على قضية غسيل الأموال وعلاقة عائلة ترامب بالبنك الألماني دويتش بنك وهو البنك الذي منح كثيرا من القروض لتمويل أعمال عائلة الرئيس ترامب لعقود.

ويذكر أن السلطات الألمانية فرضت غرامة مالية كبيرة على هذا البنك في قضايا تتعلق بغسيل أموال روسية. ومن المعروف أيضا أن دويتش بنك يرتبط بالنخبة الحاكمة في روسيا، وكانت التحقيقات الصحفية قد كشفت في الأشهر السابقة ان المحقق المستقل موللر يحقق بالفعل في إمكانية وجود علاقات مالية بين كبار رجال الأعمال الروس المقربين من الرئيس فلادمير بوتن وأسرة الرئيس ترامب من خلال هذا البنك.

وتوفر تصريحات بانين في الكتاب إذا ثبت صحتها مصداقية جديدة للتحقيقات في التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية بعد أن وصف الرئيس ترامب التحقيق في إمكانية تواطؤ حملته مع جهات روسية بأنها قصة وهمية بلا أساس يسعي الديمقراطيون من خلالها إلى تبرير هزيمتهم في الانتخابات الرئاسية، هذا ورفض ترامب كل ما جاء في الكتاب واتهم بانين بالجنون.

وتنبئ هذه التصريحات بصدام مرتقب بل حتمي بين الرئيس ترامب والمحقق المستقل روبرت موللر، وقد يضطر ترامب إلى طرد موللر بهدف إنهاء التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، وهو نفس الهدف الذي سعى لتحقيقه عندما طرد رئيس المباحث الفيدرالية جيمس كومي من منصبه في مايو الماضي. ولكن على عكس تمنيات الرئيس ترامب، فإن طرد رئيس المباحث الفيدرالية لم يوقف التحقيق بل أدى إلى تعيين المحقق المستقل روبرت موللر بصلاحيات أكثر من صلاحيات جيمس كومي، وبإستقلالية أكثر من تلك التي تمتع بها جيمس كومي، بل أدى طرد كومي إلى فتح باب جديد في التحقيقات لبحث إن كان هدف ترامب من طرد كومي هو عرقلة وإعاقة التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، وهذا الخطأ يمثل جريمة يُعاقب عليها القانون إذا ثبتت.

وبمعنى آخر، فإن طرد جيمس كومي لم يحل مشاكل الرئيس ترامب بل زادها عددًا وتعقيدًا، وبالمثل فإن طرد المحقق المستقل الآن سيزيد مشاكل ترامب القانونية ولن ينهي التحقيقات الدائرة حول التدخل الروسي، وإن كان طرد كومي يمثل إعاقة لمجرى العدالة والقانون، خاصة أن بعض المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين خلال الأسابيع الماضية، وقبل نشر كتاب «نار وغضب في بيت ترامب الأبيض» حذروا ترامب من مغبة طرد المحقق المستقل موللر. كما بدأ بعض المشرعين في التفكر في صياغة تشريع يمنع الرئيس ترامب من طرد المحقق المستقل، ولذلك فإن طرد المحقق المستقل الآن بعد نشرالكتاب ستكون له تداعيات سلبية في الكونجرس.

والسؤال الذي سنجاوب عليه غدا هو: كيف ستؤثر هذة المحنة على رئاسة الرئيس ترامب، وما هي الخيارات المتاحة أمامه للتعامل مع هذة المحنة؟


إعلامي مصري مقيم في الولايات المتحدة منذ 30 عامًا

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية