رأى الكاتب البريطاني جدعون راخمن، أن التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكسيت) وانتخاب دونالد ترامب رئيسا لأمريكا سيظلان مرتبطين تاريخيا للأبد؛ ذلك أن الحدثين وقعا في فترة متقاربة كما أن كليهما يمثل تجسيدًا للمدّ الشعبوي.
ونوه «راخمن»- في مقاله بصحيفة الفاينانشيال تايمز- عن أن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي كانت أول قائد أجنبي يزور الرئيس الأمريكي الجديد ترامب غداة انتخابه؛ وقد باتت الصورة الفوتوغرافية التي تجمعهما يمشيان يدًا في يدّ رمزًا للتقارب بين أمريكا في ظل ترامب وبريطانيا في ظل البريكسيت؛ وبالنسبة للساسة الرئيسيين في أوروبا، بات كلّ من ترامب وبريكسيت بمثابة اختزال للقوات التي كانوا يحاولون مواجهتها.
لكن بمرور الشهور، بحسب الكاتب، اتضح أن ترامب والبريكسيت ليسا في الواقع توأمين متماثلين؛ إنهما أكثر شبها بـ«قريبين من بعيد تزيد المسافة بينهما بمرور الزمن».
ورأى راخمن أن الاختلافات بين ظاهرة ترامب والبريكسيت هي من حيث الشكل والمضمون؛ فترامب يخالف التوقعات التقليدية عن كيفية سلوك الرئيس الأمريكي يوميا، أما ماي فهي على النقيض من ذلك تتحرى الدقة التامة في سلوكها.
ولفت الكاتب، إلى أن ترامب تبّنى خطابًا معاديا للمسلمين وهو ما تفادته ماي بحذر؛ ويعكس هذا الملمح فارقًا أكبر بين التوجه القومي الراديكالي الذي ينتهجه ترامب والتوجه العالمي الحذر والتقليدي الذي تنتهجه ماي.
وأوضح «راخمن»، في هذا الصدد أنه إذا كان الكثيرون يرون في بريكسيت توجهًا قوميا فإن حكومة ماي تصرّ على تناول مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبي على أنه فرصة لبناء مستقبل جديد تكون فيه بريطانيا «عالمية».
ونبه صاحب المقال إلى أن اختلاف الرؤيتين على هذا النحو قاد إلى اختلاف السياسات الخارجية؛ وقد وقفت بريطانيا في العديد من القضايا إلى جانب الاتحاد الأوروبي بدلا من الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة؛ وعندما انسحبت إدارة ترامب من اتفاق باريس للمناخ أكدت المملكة المتحدة التزامها بالاتفاق وقوفًا إلى الجانب الأوروبي، وقد تكرر هذا النسق عندما أعلن البيت الأبيض نيته نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس، وبينما يسعى ترامب إلى تقويض اتفاق إيران النووي فإن بريطانيا انضمت إلى باقي دول الاتحاد الأوروبي مؤيدة للاتفاق.
ورأى الكاتب أنه على الرغم من الارتباط اللغوي للدول الناطقة بالإنجليزية، وفي القلب منها بريطانيا وأمريكا، إلا أن اختيارات السياسة الخارجية البريطانية منذ التصويت لصالح البريكسيت تشير إلى أن بريطانيا أكثر ارتياحا إلى الرؤية (الفرنسية-الألمانية) للعالم من الرؤية الأمريكية.
واختتم الكاتب قائلا إن التصويتين لصالح بريكسيت وترامب ربما قد صدرا عن دوافع متشابهة لكنهما انتهيا إلى أماكن مختلفة تماما.