أهتم كثيراً بالأخبار التى تتحدث عن رفض دول كثيرة استيراد بعض منتجاتنا الزراعية.. وأهتم أكثر بتساهلنا فى دخول أغذية خارجية دون تدقيق فى سلامتها.. والبعض يقولون إن قرارات بعض الدول - بمنع بعض منتجاتنا - سببها سياسى فى المقام الأول.. وإذا كان ذلك صحيحاً من بعض الدول المستوردة منا.. فماذا عن بعض «الأشقاء»؟ وهل وراء قراراتهم - أيضاً - أسباب سياسية؟! أقول: لا أعتقد.
وفى المقابل، أتعجب من طرح هذه المنتجات الممنوعة خارجياً، فى الأسواق المصرية، إذ إن بعض من يبيعونها يتفاخرون بأنها، أحياناً، بواقى تصدير وبالذات فى المنتجات الصناعية مثل الملابس الجاهزة.. أو «يدعون» أن إجراءات النقل الجوى هى سبب عدم تصديرها.. وليس لأسباب «صحية»!.
هنا تشيع مقولة إن «معدة المصرى» تهضم الزلط.. ومن مظاهر ذلك إصرار المصرى على أكل الفول المدمس بكامل قشرته لتطول فترة الهضم، وبذلك يستمر شعوره بالشبع.. تماماً كما يعشق أكل العدس «أبوجبة» أى بكامل قشرته.. ولكن الأخطر أننا تعودنا تناول أطعمة غير صحية!! بل قيل أيضاً إن هذا المصرى، إذا أكل طعاماً صحياً.. تصيبه الأمراض!! ولا ننسى هنا المصرى حتى سنوات قليلة كان إذا وجد لقمة عيش على الأرض رفعها بيده.. ثم نفض عنها ما علق بها مما يرى.. أو ما لا يرى.. ثم يضعها فى فمه.. ويأكلها وهو يسمى عليها ويقول: أخذت ثوابها لأن هذه اللقمة هى هبة من الله سبحانه وتعالى، ولهذا يطلق عليها: عيش.. أى هى الحياة، وتلك من طقوس الإنسان المصرى.. ما بين البطاطس المرفوضة كثيراً من الدول الأجنبية. وهى أهم غذائهم صيفاً وشتاءً، وهى بالمناسبة أهم صادرات مصر الزراعية، تتراوح القصص.. هل سبب الرفض هو مياه الرى.. أم المبيدات المقاومة للحشرات والآفات، أم الأسمدة سيئة السمعة، أم بسبب وجود فطريات عديدة حول القشرة الخارجية؟ وهم هناك يأكلون البطاطس مقلية، أو مسلوقة، أو مطبوخة دون تقشير لأن القشرة وما تحتها مباشرة هى: البروتين نفسه.. أما باقى الثمرة فهى مجرد مواد كربوهيدراتية.. أى مادة نشوية لا أكثر!! وإذا رفضت دولة مستوردة دخول شحنة بطاطس منها، يتم طرحها فى الأسواق المصرية.. ولا أحد يسأل لماذا تم رفضها هناك.. وكيف نطرحها للناس محلياً، دون أى حساب لأسباب هذا الرفض؟!
ونفس الشىء يقال حول الفراولة المصرية، وحول البصل المصرى وهو ثانى أكبر محاصيلنا التصديرية.. وأحياناً يرفضون شحنات من الكنتالوب المصرى، وكثيراً ما يتم رفض شحنات من البرتقال المصرى، وهو المحصول الثالث الواعد.. وكذلك بعض شحنات العنب المصرى الجديد وأخيراً الجوافة المصرية، المشهورة.
وسبب هذا الرفض - عالمياً وعربياً - هو عدم مطابقتها للمواصفات المحددة عالمياً سواء من منظمة الصحة العالمية، أو منظمة الزراعة العالمية، أو من القوانين المحلية، وذلك حرصاً على صحة الشعوب.. وإذا كان العالم المتقدم يطبق هذه القواعد، فهل نحن ننفذها ونأخذ بها.. ونمنع أسبابها سواء باستخدام مياه سليمة للرى بعيداً عن مياه الصرف الزراعى أو الصرف الصناعى والصحى.. وهل نتبع الإرشادات الدولية فيما يتعلق بالمبيدات وأيضاً الأسمدة والمغذيات؟!.. تلك هى المعضلة.
■ ولم نسأل أنفسنا: ما سر انتشار أمراض الكبد والكلى وفيروس سى وغيرها وما علاقتها بما نأكل.. وكيف أن المصرى - زمان - كان يكتفى «بنفض» عود الفجل والجرجير.. وعود السريس والجلاوين ثم يأكله دون غسيل، بل هو «يستحسن ويستطعم» دود المش ويسخر عندما يقول: كل الدود قبل ما ياكلك!!.
■ وهل تطبق الإدارات الصحية عندنا نفس الإجراءات التى تطبقها الدول الأخرى لنحمى شعبنا.. تماماً كما يحمون هم أيضاً شعوبهم.. أم مازال يحكمنا القول المأثور: ربنا هو الحامى وهو الحافظ؟!.
■ نقول ذلك بينما نستورد من الغذاء ما هو من الدرجة الرابعة وليس الثالثة من لحوم هندية، وسمك الباسا الذى يربونه هناك فى مياه الصرف الصحى لأن أسعاره أقل من غيره.. وهم يزعمون أنهم هنا يلبون رغبات المصريين الذين يبحثون عن الأرخص، اعتماداً على المعدة التى تهضم الزلط.
حقاً.. هناك فرق.. بل فروق رهيبة!!.