أمام منزل متواضع مكون من 3 طوابق مقابل للكنيسة، جلس عدد من أفراد أسرة «نرمين» الشابة الثلاثينية، التى استُشهدت فى الحادث الإرهابى، يستقبلون المُعزِّين من المسلمين والأقباط، وتحتضن الابنة الكبرى صورة أمها التى تركتها وحيدة، بينما جلست الصغرى لا تدرى ما يدور حولها.
وقالت الطفلة نسمة وائل نادى، 11 سنة: «خرجت أنا ووالدتى فى الصباح إلى الكنيسة لأداء الصلاة كعادتنا كل جمعة، وودعنا والدى وقبّلنا أنا وشقيقتى الصغرى، وطلب من والدتى أن تكون حذرة على نفسها وعلينا أنا وشقيقتى، التى تصغرنى بـ4 سنوات، وعندما وصلنا إلى الكنيسة سقط أمامنا موتوسيكل عليه اثنان، اقتربنا منهما، وسألتهما والدتى: هل أنتما بخير؟».
وأضافت الطفلة: «بعد لحظات من سقوطهما على الأرض وحديثى أنا ووالدتى معهما، نظر أحدهما بشدة على سلسلة ترتديها والدتى، وظهرت عليه علامات الغضب، ثم أخرج سلاحا وأطلق منه عدة أعيرة علينا أصابت والدتى، فسقطت على الأرض!».
وانهارت «نسمة» فى البكاء، وبعد لحظات استكملت حديثها، مؤكدة أن الإرهابى حاول قتلها هى وشقيقتها الصغرى، إلا أن والدتهما احتوتهما بذراعيها، رغم إصابتها، حتى لا تصيبهما الطلقات.
وتابعت: «نجونا أنا وشقيقتى، وتوفيت والدتى بين أيدينا، وبعدها بدأ الإرهابى فى إطلاق النار بشكل عشوائى، فأصاب مَن أصاب وقتل مَن قتل!».
وأوضحت الطفلة: «بعد ذلك حضر رجال الشرطة، وبدأ التعامل المسلح مع الإرهابى، وبمجرد إصابته وسقوطه على الأرض هجم الجميع عليه، فى محاولة للحاق به قبل أن يقتل آخرين أبرياء، وبالفعل نجحوا فى ضبطه، وتم اقتياده إلى جهات أمنية لا نعلمها».
وقال وائل نادى رمزى، والد «نسمة»، زوج الشهيدة «نرمين»: «زوجتى عمرها 32 سنة فقط، تركت لى طفلتين 11 سنة و7 سنوات، ماذا أفعل معهما؟!، حياتى انتهت بوفاة زوجتى، فأنا كنت مرتبطا بها عاطفيا ليس لأنها أم ابنتىَّ، ولكنها إنسانة بسيطة، وأدرك كيف تحافظ على منزلها وأسرتها».
وأضاف «وائل»: «الشهيدة كانت تعمل ممرضة، وحبها لإنقاذ ومساعدة المحتاجين أو المرضى كان ينعكس على حياتى أنا وأسرتى، فهى كانت حنونة على الجميع، وتحب أن تقدم المساعدة دون مقابل».
وتابع: «يوم الواقعة خرجت كعادتى كل صباح، لأننى أعمل سائقا على تاكسى، وهى تعمل من أجل أن تشعر بحياتها ومن أجل تقديم المساعدة للمحتاجين، وقبل الحادث بدقائق خرجت هى وابنتانا لأداء الصلاة بالكنيسة، بعد أن أعدت لى وجبة الإفطار».
وأكد الزوج أنه بعد لحظات من خروجها من المنزل سمع طلقات الرصاص، ثم خرج مهرولا إلى الشارع ليجد زوجته وهى ملقاة على الأرض، وقد فارقت الحياة، وأن ابنتيه فى حالة من الغياب عن الوعى من هول المشهد، لأن الطفلتين شاهدتا جريمة مقتل والدتهما عن قرب، وكادتا تكونان فى عداد الشهداء لولا العناية الإلهية التى أنقذتهما من الإرهابى.
وشدد على أنه لا يريد سوى القِصاص العادل من الإرهابى، مشيرا إلى أن المنطقة لا يوجد بها فرق بين مسيحى ومسلم، وأن الجميع إخوة.
وقال أشرف صادق، شقيق «نرمين»: «نرمين كانت رايحة توصل بنتها الدرس، وفجأة سمعنا ضرب النار، فخرجنا لقينا الإرهابى بيجرى، و(نرمين) مرمية على الأرض، وغارقة فى دمها، وسابت وراها طفلتين (نسمة) و(كارين)، وعزاؤنا الوحيد إن (نرمين) شهيدة».