x

شيخ الأزهر: الادّعاء بأن القدس لم تُذكَر باسمها في القرآن «هذيان محقق»

الجمعة 29-12-2017 14:40 | كتب: أحمد البحيري |
الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر الشريف
 - صورة أرشيفية الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر الشريف - صورة أرشيفية تصوير : آخرون

أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن ادّعاء اليهود بأن المسلمين ليس لهم حق في القدس وأنها لم تُذكر في القرآن الكريم هو من قبيل الترّهات التي تخلو من أي مضمون علمي أو تاريخي.

وقال شيخ الأزهر، في حديثه الأسبوعي الذي يذاع على الفضائية المصرية يوم الجمعة: «المشكلة في أننا كعرب ومسلمين غير مهيئين للتعامل مع القضية بالجدية الواجبة، وسبب ذلك هو الأمية الثقافية التي وقع فيها شباب العرب والمسلمين في مقابل شباب صهيوني لديه الحظ الوافر من المعلومات بغض النظر عن كونها صحيحة أو مضللة أو مغلوطة، ولكنها كونت لديه رؤية وصورة ذهنية على أسس تاريخية، جعلت عنده استعدادًا للدفاع والتضحية من أجل قضيته، بينما شبابنا لا يعرف شيئًا عن هذه القضية، ولذلك ذكرنا سابقا أنه لا بد من التركيز على مشكلة القدس في المراحل التعليمية المختلفة، بحيث يستنير الطالب العربي مسلمًا كان أو مسيحيًّا بمعلومات يستطيع من خلالها أن يكتشف زيف الصهيونية وادعاءاتها في عدم أحقية المسلمين والمسيحيين في مدينة القدس، والكتب في هذا الشأن كثيرة جدًا، ولكنها لا تصل للقاعدة العريضة من الشعب القارئ».

وأضاف أن الكيان الصهيوني زُرع كخنجر في خاصرة العالم العربي للقضاء عليه، ولكي تبقى لهذا الكيان الغاصب الكلمة الأخيرة في المنطقة، وقد ذكرنا سابقًا كيف أن كلينتون استيقظ واطمأن أن الحل الجديد للدولتين لا يصطدم مع السفر اليوشعي، كما أشرنا إلى كتاب اسمه «الكتاب المقدس والاستعمار» ألفه القس مايكل برير الذي عاش في فلسطين، وهذا العنوان ذو دلالات عميقة، وهو ليس من تأليف العرب والمسلمين، وإنما هو عنوان المؤلف، وهو يوضح أن التوراة كانت وراء الاستعمار، ومن يقرأ فهرسه بسرعة نرى كيف تحدث عن الأرض وقيمتها في التوراة في سفر يوشع وأسفار أخرى.

وأوضح شيخ الأزهر أن هذه النصوص هي وراء هذا الاستعمار، فالتفسير المغلوط لنصوص معينة من التوراة هي التي أذاقت العالم الويلات، وهي التي بررت استعمار الغير، وأخيرًا استعمار فلسطين، وهناك كتاب آخر لمحمد جلال إدريس، قدم فيه القدس أو أورشليم ليس من وجهة نظر المسلمين أو المسيحيين ولكن من وجهة نظر الفكر الديني الإسرائيلي، سواء من خلال التوراة أو شروحها، واعتمد في إثبات أن القدس عربية وليست إسرائيلية وأن إسرائيل ليس له أي حق بها، على الكتب الدينية اليهودية، ونحن بحاجة لترويج مثل هذه الأفكار.

وأكد «الطيب» أن من يقول إن القدس لم تُذكر باسمها في القرآن ويستدل بذلك على عدم أحقية المسلمين بالقدس، فإن كلامه يشبه كلام هذيان محقق، فالقدس فعلًا لم تذكر باسمها وهو من علامات إعجاز القرآن الكريم، ولكنها ذكرت في القرآن بالوصف: «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله»، أي أنها بلدة مباركة، فالقرآن لم يذكرها اسمها لسبب بسيط جدًا وهو أنه لو استعرضنا أسماء القدس على مدار التاريخ من أول اليبوسيين ذُكرت بعدة أسماء وكان الاسم يتغير حسب الاستعمار، فقد استعمرت من الفرس والبابليين والرومان حتى العهد الإسلامي، فذُكرت مرة باسم إيلياء وباسم يبوس وباسم مدينة داوود.

وأوضح أن مدراش اليهود ينص على أن مدينة القدس لها سبعون اسمًا في المدراش، وسوف نخصص بعض الحلقات لوصف الكتاب المقدس في العهد القديم حتى يكون لدى أبنائنا فكر عن هذا الموضوع، ولذلك لم يذكرها القرآن باسم أو اثنين من السبعين، وإنما ذكرها بوصفها المستمر الذي لا يتغير، أما مكة مثلًا فذكرت باسم بكة ومكة، ولم يتغير اسمها حتى الآن، فذكرها باسمها لأنه لما ذكرها به عرف الناس هذا المكان، لكن لو اختار أي اسم من السبعين، التي يذكرها اليهود وليس المسلمين أو العرب، ألم يكن ذلك يقدم حجة لليهود على أن يستمسكوا بأكاذيبهم، وأن القدس ليس فيها للمسلمين موطئ قدم، فذكرها بوصفها لأن الوصف ثابت، أما الأسماء تتغير من جيل إلى جيل ومن استعمار إلى استعمار.

وأشار شيخ الأزهر إلى أن الادعاء بأن سيدنا عمر بن الخطاب لم يُصَلِّ في الأقصى، سفسطة ضد التاريخ وضد الواقع وضد المصادر التاريخية المعتمدة، فقد صلى سيدنا عمر بن الخطاب في المسجد الأقصى، وذكر ابن كثير ذلك في كتاب البداية والنهاية في الجزء التاسع صفحة 655، تحت عنوان كبير «فتح بيت المقدس على يدي عمر بن الخطاب» يقول فيه: «وسار بالجيوش نحوهم، واستخلف على المدينة على بن أبي طالب، وسار العباس بن عبدالمطلب على مقدمته، فلما وصل إلى الشام تلقاه أبوعبيدة ورؤوس الأمراء كخالد بن الوليد، ويزيد بن أبي سفيان، فترجّل أبوعبيدة وترجّل عمر، فأشار أبوعبيدة ليقبّل يد عمر، فهمّ عمر بتقبيل رجل أبي عبيدة، فكفّ أبوعبيدة، فكفّ عمر، ثم سار حتى صالح نصارى بيت المقدس، واشترط عليهم إجلاء الروم إلى ثلاث، ثم دخلها إذ دخل المسجد من الباب الذي دخل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء.

وأضاف شيخ الأزهر: «ويقال إنه لبى حين دخل بيت المقدس، فصلى فيه تحية المسجد بمحراب داوود، وصلى بالمسلمين فيه صلاة الغداة من الغد، فقرأ في الأولى بسورة (ص) وسجد فيها والمسلمون معه، وفي الثانية بسورة (بني إسرائيل) ثم جاء إلى الصخرة فاستدل على مكانها... ثم نقل التراب عن الصخرة في طرف ردائه وقبائه»، لأن الرومان كانوا يرمون عليه المزابل، وسيدنا عمر هو من نظف ذلك بنفسه ووضعه في ردائه، وطهر هذا المكان، وسنرى في العهدة العمرية أنه أتاحها للمسيحيين وللمسلمين».

وكشف شيخ الأزهر عن أن المسجد كان قائمًا ولكن الشبهة في أن مسجد قبة الصخرة بناه فعلا الوليد بن عبدالملك، ولكن هناك فارقًا كبيرًا بين مسجد قبة الصخرة وبين المسجد الأقصى، فالمسجد الأقصى في ذلك الوقت لم يكن عليه بناء، وهذا مثل الكعبة، فالكعبة لم يبنها سيدنا إبراهيم وإنما أعاد بناءها «وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل» فالقواعد كانت موجودة، وكل ما فعله سيدنا إبراهيم أنه رفعها، وهكذا كان المسجد الأقصى، ثم بُني بعد ذلك على قواعده، أي حدث له ما حدث للكعبة أو للبيوت المقدسة من زلازل وأمطار واعتداءات، فتهدم ثم تقام، وحينما صلى سيدنا عمر في هذا المسجد لم يكن عليه بناء، لكنه كان محددًا ومعروفًا، فهناك المكان الذي دخل منه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والصخرة التي ركب عليها وركب البراق، وكل هذا مسجل في تاريخ المسلمين، فعندما يأتي شخص مسلم أو غير مسلم ويقول إن سيدنا عمر لم يصل في بيت المقدس فهو إما جاهل بالتاريخ أو لا يفهم دلالات النصوص ولا يتذوق سياقاتها.

وأوضح «الطيب» أن الذي يشجع هؤلاء على الظهور ونشر الأكاذيب هو ضحالة ثقافة الناس في مثل هذه المسائل، أما الأجيال السابقة فكانت أحسن حالًا، متسائلًا عن سبب اهتمام الإعلام المصري بمثل هؤلاء وإفساح المجال لهم ليكذبوا على الناس في قضايا هي في منتهى الخطورة، داعيًا أن يكون هناك إعلام مقابل، يوضح الحقائق في مثل هذا الزيف الذي يُقدم للناس ويُزيف عقولهم بشكل يومي.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية