«تحولت مصر الفترة الماضية من دولة تعانى من عجز فى قطاع الطاقة إلى دولة مؤهلة للتحول إلى مركز إقليمى لتصدير الطاقة للمنطقة، وبدأت مصر أولى خطواتها نحو صياغة تجربة جديدة للصعود الاقتصادى، لإستحواذ مساحة على خريطة الاستثمار العالمية، وتحقيق نمو اقتصادى يوزاى قوتها وثقلها السياسى فى منطقة الشرق الأوسط».. تقييم لخص به المهندس حسن أمين المدير الإقليمى لشركة أكوا باور إيجيبت وعضو اللجنة التنفيذية بالمركز الإقليمى للطاقة المتجددة - الأوضاع الراهنة والمستقبلية للاقتصاد المصرى فى ضوء مخططات التنمية الحالية. وتعد أكوا باور إحدى الشركات العالمية سعودية المنشأ والتى تحتل مكانًا فى الصدارة على المستوى العالمى كمطور فى مجال توليد الكهرباء وتحلية المياه. وكانت أكوا باور قد دخلت فى عدد من مشرعات الطاقة التى طرحتها وزارة الكهرباء المصرية.
أكد أمين أن قطاع الطاقة سيتصدر آليات تنفيذ هذه الخطط، عبر التركيز على تأمين الاحتياجات المستقبلية من الطاقة للمستثمرين، حتى تتحول نقاط الضعف بالقطاع إلى مراكز قوة تشير إلى رؤية صائبة فى هذا المجال. وأضاف أمين، أن الفرص الاستثمارية فى مصر بمجال الطاقة المتجددة تعد أبرز الفرص المتاحة حاليًا على مستوى العالم، على حساب عدد من الدول الكبرى، لافتًا إلى أن اهتمام الحكومة بتطوير البيئة التشريعية خلق نوع من الاهتمام لدى شركته وغيرها من الشركات للدخول فى مشروعات الطاقة الجديدة ودعم الاقتصاد المصرى.
■ الحكومة تتبنى استراتيجية تستهدف من خلالها تحقيق تنمية اقتصادية تؤهلها للعودة إلى خريطة الاستثمار العالمية كيف تقيم هذه الخطوات؟
- من مشاهدتى لهذه الاستراتيجية، أرى أن الدولة المصرية مُقبلة على تنمية حقيقية، وصياغة تجربة جديدة للصعود الاقتصادى فى منطقة الشرق الأوسط تتسق مع مكانتها فى المنطقة، ومن خلال الفرص الاستثمارية الضخمة فى مختلف القطاعات الاقتصادية يمكن للدولة تحقيق معدلات تنمية تفوق الخطط والاستراتيجيات المستهدفة.
ومما لاشك فيه أن الأحداث المتعاقبة التى شهدتها مصر بعد 2011، أثرت فى تعطيل انطلاق الدولة نحو تحقيق التنمية، لكن الوضع تغير اليوم وصوبت مصر رؤية العالم لها بفضل الفرص الاستثمارية المتاحة لديها ليس فى قطاع الطاقة فقط، ولكن فى مختلف المجالات التنموية والاقتصادية، وهو ما أكد للجميع مدى ربحية الفرص الاستثمارية التى جذبت إليها أصحاب رؤوس الأموال من مختلف دول العالم، ليدرسوا هذه الفرص ويتعرفوا على رؤية الدولة ومستقبل النشاط الاقتصادى فيها، وهذا التقدم يرسخ لانطلاقة كبرى للحكومة فى مجال الطاقة وخصوصاً الجديدة والمتجددة.
■ وكيف تقيم الأوضاع الحالية لسوق الطاقة الكهربائية فى مصر ودور قوى العرض والطلب فيه؟
- الدولة نجحت فى إحداث طفرة حقيقية فى قطاع الكهرباء والطاقة الفترة الماضية، سواء من خلال طرح عدد من المشروعات فى مجالات الطاقة المختلفة «الرياح والشمس والنووى والتقليدى»، أو من خلال تنفيذ الخطة العاجلة، وهو ما أحدث طفرة فى إنتاج الكهرباء، بعد فترة العجز التى تم التعرض لها فى الفترة من 2011 وحتى 2013، وتحول الوضع داخليًا من دولة لديها عجز فى الطاقة وانقطاع التيار فى 2013، وارتفاع نسب العجز لديها فى بعض الأوقات إلى 5 آلاف ميجا وات، إلى دولة لديها اكتفاء ذاتى من الكهرباء يلبى احتياجات قطاعات الدولة، ويسد حاجة المشروعات الاقتصادية والتنموية الجديدة بمنطقة قناة السويس ومشروع المليون ونصف فدان من الطاقة، وبالتالى لا توجد أية إشكاليات تواجه المستثمرين فى السوق المحلية.
■ وما رؤيتك لهذا الملف خلال السنوات المقبلة؟ وهل نحن بحاجة لطرح مشروعات طاقة جديدة؟
- ستستمر وتيرة الزيادة فى الطلب على الطاقة الكهربائية فى مصر بمتوسط ٧٪ سنوياً، وهذه الزيادة فى جانب الطلب من الواجب أن تتوافر زيادة مقابلة لها فى جانب المنتج مع الحفاظ على هامش يقدر بحوالى 20%، حتى يمكننا تغطية حجم الاستهلاك، وبالنسبة لاحتياجات الدولة من الطاقة بعد 2022 فلابد من عمل خطة استراتيجية للقطاع يتم خلالها تحديد منحنى الأحمال والاستهلاك من الطاقة فى مقابل معدل الإنتاج، وعلى هذا الأساس يتم تحديد إجمالى القدرات التى تحتاجها الشبكة، لكن برأيى فالكميات المولدة من المشروعات التى يتم تنفيذها حاليًا - باستثناء التى لم تُستكمل باقى إجراءاتها- ستغطى احتياجات السوق حتى 2022، وبالتالى سيحتاج القطاع إلى قدرات إضافية تدخل على خريطة الإنتاج قبل 2022، فالأحمال الكهربائية تزيد سنويًا بنسبة 7% بجانب دخول عدد من المشروعات القومية والتى ستحتاج لكميات كبيرة من الطاقة، خاصةً وأن التخطيط لمشروعات الطاقة يحتاج إلى مدد طويلة فى تدبير التمويل وعمليات الطرح والتنفيذ، وحتى يتم تغطية احتياجات الدولة بعد 2022، لابد من طرح مشروعات جديدة من الآن باعتبار أن لدينا مساحة من الوقت تسمح لنا بطرح مشروعات بعد دراستها جيدًا كى تكون قادرة على سد احتياجات الدولة، لكن هناك ضرورة لإنهاء كامل المشروعات التى طرحتها وزارة الكهرباء الفترة الماضية مثل مشروع ديروط وذلك قبل البدء فى إجراءات الطرح الجديدة.
وهنا أود أن أشير إلى أن السرعة فى تحويل المناقصات إلى عقود مفعلة يحافظ على مصداقية القطاع أمام مستثمرى العالم والحكومة حريصة على ذلك، فالمستثمرون يبحثون جديًا عن مدى مصداقية وسرعة الحكومة فى تنفيذ المشروعات التى تطرحها. وقد كان تركيز الدولة خلال السنوات الماضية على حل أزمة الكهرباء والسعى إلى حلها فى فترة وجيزة من خلال الاستعانة بعدد من الشركات التى تمكنت من تنفيذ مشروعات كهربائية ضمن برامج الحكومة لسد العجز الذى كان موجود بالشبكة فى وقت قياسى.
■ وكم تقدر بالتحديد احتياجات الدولة السنوية من الكهرباء بعد 2022؟ وماذا عن الاستثمارات المطلوبة لذلك؟
- بحلول 2022 قد تحتاج الدولة إلى إضافة قدرات سنوية تصل لحوالى 2000 ميجا وات، باستثمارات تقارب 2 مليار دولار، لسد الاستهلاك المتنامى، ولتوفير الطاقة اللازمة للمشروعات الاستثمارية والصناعية الجديدة خلال الفترة المقبلة، وتحسين كفاءة التيار الكهربائى الموجه للأغراض الاستهلاكية الفردية فى المنازل وغيرها، لذا من الضرورى أن تُعطى كل وزارة مثل «الصناعة والزراعة والإسكان» خطتها التوسعية إلى وزارة الكهرباء لتحديد احتياجاتها المستقبلية من الكهرباء والوقوف على المشروعات التى قد تحتاج إلى طرحها مستقبلًا، خاصةً وأن الطاقة تعد محور استراتيجى يؤثر بشكل كبير فى اختيار المستثمرين بين الأسواق المتنوعة المرشحة لاستقبال رؤوس أموالهم.
■ وكيف تؤثر الطاقة فى اختيارات المستثمرين للأسواق التى تعمل بها؟
- أى مشروع استثمارى فى أى قطاع إنتاجى وبخاصة الصناعة يحتاج إلى «الطاقة» كمدخل إنتاجى رئيسى فى نشاطه وتشغيله، ولا شك أن غياب هذا العنصر أو عدم وضوح الرؤية بشأن مستقبل توافره فى السوق سيدفع لعزوفه عن الاستثمار فى هذا السوق من قبل أصحاب رؤوس الأموال، لأن هذا الأمر سيهدد بشكل مباشر مستقبل أموالهم، وقد يدفعهم إلى تحقيق خسائر فى المستقبل، لذا كانت الخطوة السليمة التى نفذتها الحكومة الفترة الماضية هى التركيز على تأمين الاحتياجات المستقبلية من الطاقة للمستثمرين، حتى تتحول نقط الضعف المتمثلة فى عجز الطاقة فى السوق إلى نقطة قوة تشير إلى رؤية صائبة فى هذا المجال.
■ بالنسبة لمخطط رفع نسبة الطاقة الجديدة والمتجددة إلى 20% من إجمالى الطاقة المنتجة بحلول 2022..هل القطاع قادر على تحقيق هذه النسبة وفقًا للمؤشرات الحالية؟
- معدلات الإنتاج الحالية تشير إلى صعوبة تنفيذ هذه النسبة، ورغم ذلك فهى قابلة للتنفيذ بشرط توافر الإرادة والبدء فورًا فى طرح وتنفيذ عدد آخر من مشروعات الطاقة المتجددة -غير تعريفة التغذية-، فإجمالى نسبة الـ 20% وفقًا للمؤشرات المتوقعة فى 2022 ستقدر بنحو 9 آلاف ميجا وات، والمتوافر منها حاليًا لا يتجاوز الـ 1000 ميجا وات، وبالتالى سنحتاج إلى إنتاج نحو 8 آلاف ميجا وات، باستثمارات تقدر بنحو 8 مليارات دولار.
وهناك أكثر من محور قد يدعم الدولة فى تنفيذ استراتيجياتها أبرزها؛ تغيير طريقة التعاقد على تنفيذ المشروعات، والاعتماد على نظام الـ bot، ومشاركة القطاع الخاص مما يرفع عبئًا كبيرًا عن كاهل الدولة.
■ وماذا عن جدوى نظام الـ BOT ؟
- هناك طريقتان للتعاقد على مشروعات الطاقة وهى نظام الـ EPC، وفى هذه الحالة تقوم الدولة بدفع تكلفة إنشاء المشروع للمقاول من خلال قيامها بعملية الاقتراض لنفسها من الخارج، ومن شأن ذلك التأثير على التصنيف الائتمانى للدولة على المدى البعيد.
لكن العالم يتوجه حاليًا إلى نظام الـ bot، باعتباره استثمار حقيقى، وهنا يقوم القطاع الخاص بتدبير التمويل وبناء وتشغيل المحطة وبيع الكهرباء فى النهاية وإجراء عمليات الصيانة، بحيث لا تتحمل الخزانة العامة للدولة أية أعباء مالية فى تنفيذ المحطة، كما أن اقتراض الشركات المنفذة للمشروعات لا يؤثر على التصنيف الائتمانى للدولة، ويدعم نظام الـ bot تحسين كفاءة المحطات وترشيد الاستهلاك وتحسين مستوى التنافسية بالسوق، إضافة إلى أن المخاطر الخاصة بالتمويل والإنشاء وتنفيذ المشروع والتشغيل والصيانة تقع على عاتق الشركات والمستثمرين وليس على الدولة، وبالتالى هناك حتمية للسير بسرعة كبيرة فى اتجاه هذا النوع من المشروعات الذى تعتمد عليه دول العالم بصورة كبيرة الفترة الراهنة فى تنفيذ مشروعاتها.
■ بالنسبة لـ «تعريفة التغذية» أين انتهيتم حتى الآن فى المشروع؟
- انهينا الإغلاق المالى للمشروع الفترة الماضية وفى انتظار مواقف وزارة الكهرباء وإنهاء تصريح التنفيذ من جهات الدولة المختلفة، لبدء توليد 120 ميجا وات باستثمارات تقارب الـ 200 مليون دولار، ستتراوح مدة التنفيذ من 10 إلى 12 شهرًا، ويعتبر عنصر الوقت هو التحدى الخاص بنا فى المرحلة الثانية من المشروع.
وفى أغسطس الماضى وقعنا ثلاثة اتفاقيات لشراء الطاقة لمشروعات الطاقة الشمسية قدرة 120 ميجاوات ببرنامج تعريفة التغذية فى بنبان -محافظة أسوان-، وذلك فى إطار جهود الحكومة المصرية لتفعيل برنامج تعريفة التغذية، ونسعى من خلال مشروعات أكوا باور فى مصر إلى نقل التقنيات الحديثة التى تمتلكها الشركة فى إنتاج الطاقة للسوق المصرى وكذلك فى المساهمة قى تنمية المجتمعات من خلال إشراك المجتمع المدنى وبرامج المسئولية المجتمعية والتى تعد إلتزام رئيسى يمثل جزءاً مهما من مبادئ أكوا باور.
■ الشركة تولى اهتمامًا كبيرًا بمشروع ديروط..فمتى ستتم عمليات التنفيذ؟
- مشروع ديروط مرَّ بمراحل عديدة الفترة الماضية، وكان من المقرر تنفيذه فى منطقة ديروط، لكن تم نقله إلى محافظة الأقصر بناء على رغبة وزارة الكهرباء، ووافقنا على ذلك من أجل تنمية الصعيد ولعدم تمركز المحطات فى الوجه البحرى، لكن نقل المشروع يستوجب وجود تنسيق بين كل من وزارتى الكهرباء والبترول لتوريد الغاز للمنطقة المخصصة للمشروع بجانب الاتفاق على تكلفة كميات الغاز الموردة للمحطة، وخلال مايو الماضى تم الموافقة على الضمانة الحكومية من رئاسة الوزراء بناء على موافقة وزارة المالية متضمنة بند التحكيم الدولى، وبالنسبة لتلكفة استهلاك الغاز الطبيعى فالمحطة ستحصل على الغاز من وزارة البترول، ثم يتم محاسبة وزارة الكهرباء على تعريفة الإنتاج متضمنة سعر الغاز، وعقب ذلك تقوم الشركة بسداد تكلفة الغاز إلى وزارة البترول.
وسيتم تنفيذ المشروع بنظام الدورة المركبة خلال مدة 3 سنوات بقدرات إنتاجية 2250 ميجا وات، حيث يحتوى على 3 وحدات إنتاجية قدرة كل وحدة 750 ميجا وات، وبتكلفة تقدر بـ 2.3مليار دولار، وسيتم الاعتماد على نظام الدورة المركبة لدوره فى خفض كميات الغاز المستهلكة ورفع كفاءة المحطات حيث تصل نسبة الوفر فى استهلاك الغاز لحوالى 30%. ومن المقرر دخول المحطة الخدمة بحلول 2022 حسب خطة الوزارة.
■ وهل لديكم مُخطط للدخول فى مشروعات الرياح؟
- الشركة تولى اهتمامًا كبيرًا بالسوق المصرية، وكنا قد وقعنا مذكرة تفاهم مع وزارة الكهرباء بخصوص محطة رياح فى جبل الزيت ومنتظرين تفعيلها كى تتحول إلى مشروع فعلى يتم البدء فى تنفيذه، وفى حالة إنهاء إجراءات المشروع سيتم تنفيذه بنظام الـ bot مثل كافة مشروعات الشركة، وبالتالى فنحن نسعى جديًا لتنفيذ مشروعات رياح بجانب المشروعات الأخرى التى ستشارك بها الشركة فى مصر الفترة القادمة، حيث نأمل فى المساهمة فى تطوير منظومة الطاقة المتجددة فى السوق المحلية من خلال اقتناص المزيد من المشاريع الاستثمارية السنوات المقبلة.
■ وكم تقدر استثمارات الشركة المستهدفة فى مصر؟ وما هى العوامل المحفزة لـ «أكوا باور» للاستثمار محليًا؟
- منذ دخولنا السوق المصرية ونحن نستهدف ضخ استثمارات من 10 إلى 12 مليار دولار، لتنفيذ مشروعات تنموية بقطاع الطاقة، خاصة وأن الشركة تعطى اهتمامًا كبيرًا بالسوق المصرية، ويُعد دخول صندوق الاستثمارات العامة بالسعودية كشريك فى مشروع ديروط هو بمثابة داعم أساسى للاقتصاد المصرى، ورغم تأخر المشروع إلا أن صندوق الاستثمارات مازال داعمًا له ولتنفيذه.
وتولى مصر أولوية قصوى لزيادة ناتجها من الطاقة، وأطلقت الدولة واحدة من أكثر برامج الطاقة المتجددة طموحاً فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتأتى تلك الجهود ضمن سعى مصر إلى تلبية الطلب المحلى المرتفع على الطاقة.
■ وكيف ترى دور جهات التمويل الدولية فى تمويل مشروعات الطاقة؟
- بداية إجمالى الاستثمارات التى تم ضخها عالميًا بمشروعات الطاقة المتجددة خلال 2016 و2017 تقارب الـ 300 مليار دولار فى العام الواحد وهذا رقم كبير، ويشير إلى حجم التمويلات التى تقوم بها جهات التمويل الدولية فى هذا المجال، ودائمًا ما تكون نظرة المستثمر وجهات التمويل الدولية للأسواق الاستثمارية متقاربة بدرجة كبيرة، على اعتبار أن كلاهما يتحمل جزء كبير من المخاطر الخاصة بالمشروعات، فما يجذب المستثمر والممول يحدده مجموعة عوامل أهمها الاستقرار، والخطط الواضحة والمعلنة من الحكومة والمصداقية فى التنفيذ والمناخ التشريعى والاستثمارى، لكن بجانب هذه العوامل يبقى السوق المصرى جاذب لأسباب أخرى منها الفرص الاستثمارية العديدة المتاحة به فى ظل النمو السكانى المتزايد الذى يرفع الطلب على الطاقة، وبالتالى يحفز المستثمرين وجهات التمويل على الدخول فى مشروعات جديدة بهذا القطاع، وهو ما تم ملاحظته من خلال دخول هذه الجهات كممول للمستثمرين فى المرحلة الثانية من برنامج تعريفة التغذية بعد تفادى إشكاليات المرحلة الأولى.
■ وكيف ترى برنامج رفع الدعم الذى تتبناه الحكومة؟
- رفع الدعم وإصلاح الهيكل المالى المتعلق بالعرض والطب فى السوق، هو نقطة التوازن الرئيسية التى مكنت الحكومة من الوفاء بسداد الالتزامات الخاصة بالدولة تجاه المستثمرين فى مجال الطاقة، وتزامن مع ذلك قيام الدولة بتعويض محدودى الدخل، وتحقيق كثير من مطالب المواطنين وأصحاب المعاشات من بينها زيادة دعم المواطن على البطاقات التموينية لمواجهة ارتفاع الأسعار وحماية محدودى الدخل، وبحث مشكلات أصحاب المعاشات والعمل على حلها وصرف الإعانات للعمال من صندوق تحيا مصر. وهناك قاعدة رئيسية وهى أن الدعم لا يمكن أن يتم توجيهه إلى الفئات غير المستحقة، والشرائح الكهربائية التى أقرتها الوزارة راعت ذلك بشدة، وهو ما دفع مختلف الفئات للتوجه وبشدة نحو ترشيد الاستهلاك، خاصة وأن رفاهية الاستهلاك لم تعد متاحة فى الوقت الحالى، وقبل الحديث عن الترشيد لابد من التوجه للاعتماد على العدادات الذكية واللمبات الليد، وإنشاء المبانى الذكية الموفرة للطاقة، وبالتالى سيتم الحفاظ على كثير من قدرات الدولة الكهربائية، ويلعب ذلك دورًا أيضًا فى تقليل الانبعاثات الملوثة للبيئة، ووفقًا لاتفاقية المناخ يتم تعويض الدول الأقل تلوثًا من الدول الأكثر تلوثًا والأكثر استهلاكًا للغاز الطبيعى فى توليد الكهرباء، وبالتالى فإصلاح النمط الاستهلاكى هو بمثابة جزء من الإصلاح الاقتصادى بالدولة، ولابد من تقديم حلول تشجيعية للمواطنين للدخول إلى مجال الطاقة الشمسية وتركيب وحدات أعلى أسطح المنازل من خلال توفير التمويل البنكى الميسر لهم.
■ وماذا عن الضمانات والحوافز المطلوبة من الحكومة لجذب المستثمرين؟ وهل البيئة التشريعية محفزة للا ستثمار أم عائق له؟
- الشركات الأجنبية تحتاج باستمرار إلى بعض المزايا الخاصة بالضرائب والجمارك وتحديد سعر دقيق للكهرباء، وبرأيى فالأهم من كل ذلك هو توافر الإرادة الحكومية والمناخ الاستثمارى الحقيقى للاستثمار بالدولة، وهو ما بذلت فيه قيادات الدولة جهدًا كبيرًا خلال العامين ونصف الماضيين لتهيئة المناخ التشريعى للمشروعات ورؤوس الأموال المستهدف جذبها خلال السنوات القادمة.
وبرأيى الوعاء التشريعى بالدولة ليس معوق للاستثمار على الإطلاق، لكن ذلك لا يمنع إجراء مزيد من التعديلات لتحسين المناخ التشريعى، وقد مثل قانون الاستثمار الجديد إضافة قوية لبيئة الاستثمار الداخلية، لكن نحن كدولة مطالبين بمزيد من التحركات للاعتماد على مشروعات الـ bot، لتخفيف الأعباء عن كاهل الدولة.
■ وماذا عن نشاط أكوا باور العالمية وكم تقدر حجم استثماراتها؟
- تعد أكوا باور المطور والمستثمر والمالك المشترك والمشغل لمجموعة من محطات توليد الكهرباء وتحلية المياه فى أكثرمن11 دولة، تشمل منطقة الشرق الأوسط وشمال وجنوب أفريقيا ومنطقة جنوب شرق آسيا، وتتجاوز قيمة استثمارات الشركة حاجز الـ 30 مليار دولار، بجانب 6.9 مليار دولار مشاريع قيد التطوير، وتنتج الشركة أكثر من 22 جيجا وات من الكهرباء، وحوالى 5.2 مليون متر مكعب من المياه التى يتم تحليتها يوميًا وتوفيرها لمرافق الدول والكيانات الصناعية الكبرى وفق عقود شراء طويلة الأمد. ويتكون هيكل الشركة من مجموعة أبو نيان القابضة، وصندوق الاستثمارات العامة «سنابل»، ومؤسسة التمويل الدولية، ومجموعة كبيرة من المستثمرين السعوديين.
حقل ظهر
أشار أمين إلى أن الغاز الطبيعى هو المصدر الأول للطاقة فى مصر حاليًا، باعتبار أن أكثر من 90% من الطاقة الكهربائية المولدة مصدرها الغاز الطبيعى، وبالتالى فدخول حقل ظهر لمرحلة التشغيل بحجم إنتاجه الضخم يُعد نقلة حقيقية لمصر، وسيدعم قدرة الدولة على تلبية احتياجات مشروعات قطاع الكهرباء من الغاز، مؤكدا على دوره فى إحداث تحولاً كاملاً فى قطاع الطاقة، من خلال دعم قدرة الدولة على تحقيق الاكتفاء الذاتى فى 2018، والتحول من مستورد للغاز إلى مصدر ضخم للإنتاج فى المستقبل القريب.
أوضح أن الحقل سيسهم على المدى القريب فى تلبية احتياجات المشروعات التنموية التى يتم تنفيذها فى قطاعات الدولة المختلفة وتأمينها بالكامل، وتخفيف العبء عن كاهل الموازنة العامة للدولة وتقليل فاتورة الاستيراد من الخارج.
قانون المناقصات الجديد
أوضح أمين أن القانون الخاص بالمناقصات والمزايدات، يتم مناقشته حاليًا فى لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، حيث تتم المناقشات بالتنسيق مع عدد من الشخصيات الممثلة للقطاع الخاص، وممثلين لوزارة المالية وقطاعات الدولة المختلفة، والذين شاركوا فى إبداء الملاحظات على القانون، ويتم التشاور لإعداد قانون يضمن التوازن فى التعاقدات بين طرفى التعاقد، بما يسمح بوجود بيئة تشريعية مناسبة للتعاقدات سواء عن طريق المناقصات أو المزايدات أو الأمر المباشر، مضيفاً أنه خلال المناقشات تم التأكيد على أهمية مشروعات الـ bot باعتبار أن العالم يتوجه حاليًا بشكل مباشر لهذه النوعية من المشروعات. وقال «أود أن أشكر مجلس النواب ممثلا فى لجنة الخطة والموازنة وعلى رأسها النائب الدكتور حسين عيسى والنائب ياسر عمر والنائبة سليفيا نبيل على الإدارة المحترفة للجلسات والحرص على الاستماع لكافة وجهات النظر».
تصدير الطاقة
قال «إن مصر مؤهلة جغرافيًا لتكون مركزًا إقليميًا لتصدير الطاقة لدول المنطقة، وقيادة الشرق الأوسط فى هذا المجال، فاستغلال البنية التحتية الحالية بقطاع الطاقة وإنشاء خطوط ربط كهربائى مع دول أفريقيا سيدعم بشكل مؤثر تحسين العلاقات الإقليمية بين مصر ودول أفريقيا، وعلى المستوى العربى لابد أن تتحول مصر إلى نواة لسوق عربية مشتركة فى قطاع الطاقة من خلال إنشاء خطوط ربط كهربائى مع غالبية دول الجوار العربية، تزامنًا مع الربط القائم حاليًا بين مصر وكلٍ من الأردن وليبيا، وهناك مشروع ربط آخر بقدرات ضخمه يتم تنفيذه حاليًا مع السعودية، ومع انخفاض تكلفة مشروعات الطاقة الشمسية بات من الضرورى التوسع بتلك المشروعات وتصدير كميات من الكهرباء المولدة محليًا للخارج كاستثمار يُدر عائد جيد للدولة، فى نفس الاتجاه فإنشاء خطوط ربط مع قبرص واليونان يعد خطوة محورية لنقل الكهرباء إلى أوروبا». وتابع «بالنسبة لقطاع البترول فهو مُطالب بتوفير الغاز الطبيعى إلى محطات الكهرباء التى تم التعاقد على تنفيذها، وبالتالى سيتم الاستفادة من الاكتشافات الجديدة فى دعم التحول إلى مركز إقليمى للطاقة، كما سيتم الاستفادة من محور قناة السويس الذى سيتحول إلى منطقة تنمية صناعية ولوجستية لكن لابد من توفير احتياجاته من الطاقة اللازمة لإقامة المشروعات الصناعية والتنموية هناك».