أكد صندوق النقد الدولي أن أزمة نقص العملات الأجنبية في مصر انتهت واختفت السوق الموازية للعملة، وبات سعر الصرف يتحدد بناء على قوى العرض والطلب، وتمكنت مصر من إعادة بناء احتياطيها من النقد الأجنبي ليتجاوز 36 مليار دولار، بفضل استعادة الثقة وعودة التدفقات الرأسمالية بعد قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر الصرف في الثالث من نوفمبر من العام 2016.
وذكر الصندوق، في رده على استفسارات الصحفيين على موقعه الإلكتروني، الخميس، أنه سيكون لسعر الصرف الذي تحدده قوى السوق أهمية كبيرة في ضمان تنافسية الاقتصاد المصري دوليًا ودعم الصادرات، ومن ثم تحقيق نمو أقوى وأكثر توفيرا لفرص العمل، مشيرا إلى أنه قبل تعويم الجنيه كان مركز مصر الخارجي- أي الفرق بين تدفقات النقد الأجنبي الداخلة والخارجة- غير قابل للاستمرار، حيث كان يتداول الدولار في السوق الرسمية بسعر 8.8 جنيه، وهو سعر لم يكن يعبر عن القيمة السوقية الحقيقية للجنيه المصري.
وأضاف أنه «نتيجة لذلك، حدث نقص في العملات الأجنبية في مصر، مما جعل مؤسسات الأعمال تواجه صعوبة في ممارسة أنشطتها وكانت هناك سوق موازية (سوداء) للعملة».
وأشار إلى أن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي المصري مؤخرا، التي تتعلق بإلغاء القيود على السحب والإيداع بالدولار الأمريكي، وفرض رسوم على الاستثمار في أدوات الدين وآلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب، تتسق مع استعادة أوضاع السوق العادية والقضاء على نقص العملات الأجنبية منذ نوفمبر 2016، متوقعًا أن تقدم هذه الإجراءات دعمًا أكبر لزيادة العمق والسيولة في سوق النقد الأجنبية.
وحول ارتفاع معدلات التضخم عقب إطلاق برنامج الإصلاح، أوضح صندوق النقد الدولي أن ذلك كان أمرا متوقعا نظرا لكونه انعكاسا لآثار الزيادات في أسعار الكهرباء والوقود، وضريبة القيمة المضافة الجديدة، وتأثير انخفاض سعر الصرف، وكان التحدي الأساسي على صعيد السياسات هو التأكد من أن هذه العوامل لن تؤدي إلى ارتفاع دائم في التضخم.
ولفت إلى أن البنك المركزي المصري كان على دراية كاملة بهذه المخاطر وقد اتخذ العديد من الإجراءات الصحيحة لتخفيضه، وساعدت الخطوات التي اتخذها البنك في مواجهة هذا الارتفاع وبدأنا نرى انخفاضا مطردا في التضخم خلال الثلاثة أشهر الماضية، حيث هبط معدله من 33% في يوليو إلى 26% في نوفمبر الماضي، وذلك في الوقت الذي اتخذت فيه الحكومة المصرية توازيا عدة إجراءات للحماية الاجتماعية، منها زيادة قيمة الدعم النقدي على السلع الغذائية بأكثر من الضِعْف من خلال بطاقات التموين الذكية لترتفع من 21 إلى 50 جنيها لكل مواطن وزيادة تحويلات الدعم لألبان الرضع وأدوية الأطفال.
وأشار إلى أن الحكومة اتخذت أيضا إجراء بالتوسع في معاشات التضامن الاجتماعي لتشمل الرعاية الطبية، مع التوسع في تغطية برنامج «تكافل وكرامة»، ليشمل 2 مليون أسرة إضافية وزيادة المبالغ المقدمة؛ ورفع المزايا التقاعدية، خاصة لأصحاب المعاشات المتدنية؛ وإطلاق برنامج «فرصة» في يونيو 2017 كأحد البرامج المكملة لبرنامج «تكافل وكرامة»، ولمساعدة الأسر محدودة الدخل على تحسين مستوياتها المعيشية، وفي إطار البرنامج الجديد تتشارك الحكومة مع القطاع الخاص لإتاحة فرص عمل تدر دخلا ثابتا للباحثين عن عمل من أبناء الأسر المستفيدة من برنامج تكافل وكرامة.
ونوه بأن الحكومة المصرية صرفت علاوات استثنائية لموظفي الحكومة لتعويض آثار التضخم المرتفع؛ وتقديم وجبات مدرسية مجانية وتوصيلات غاز جديدة للمناطق الفقيرة؛ فضلا عن زيادة حد الإعفاء من الضرائب على الرواتب المحلية، وعجلت ببرامج خلق فرص العمل في القطاع الخاص كجزء من استراتيجية الحكومة لتحقيق النمو الاحتوائي، وهو ما يتوقع أن يؤدي إلى تحسن مطرد في مستويات المعيشة، بما في ذلك مستويات معيشة العمالة محدودة المهارات.