أصدرت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، الثلاثاء، حكمًا أكدت فيه أن «قضايا بعثات خريجي الكليات العسكرية للخارج تختص بها اللجان القضائية بالقوات المسلحة، لأنها الأكثر دراية بالوظيفة العسكرية وأسرارها».
وقضت المحكمة بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيًا بنظر دعوى بين وزارة الدفاع وخريج كلية عسكرية حصل على منحة بالولايات المتحدة الأمريكية ولم يعد ولم يدفع تكاليف منحة الإيفاد.
وتضمن الحكم إلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (أول درجة) في الدعوى، وأمرت بإحالتها بحالتها إلى اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة للاختصاص.
وذكرت المحكمة أن المادة (190) من الدستور عهدت إلى مجلس الدولة الاختصاص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية بوصفه صاحب الولاية بالفصل في هذه المنازعات، إلا أن الدستور ذاته أقام إلى جواره بمقتضى نص المادة (202) منه قضاء عسكريا متخصصا يتمثل في اللجان القضائية لضباط وأفراد القوات المسلحة والتي عهد إليها بقسط من هذه المنازعات، فأوسد إليها الاختصاص دون غيرها بالفصل في كافة المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات الصادرة في شأن ضباط وأفراد القوات المسلحة، وهى تلك القرارات المتعلقة بشؤون خدمتهم العسكرية بدءا بقرار إلحاقهم بهذه الخدمة وما يثار في هذا الشأن من منازعات تتصل بهم أو تؤثر فيهم، وانتهاء بقرار إنهاء هذه الخدمة بوصف هذه اللجان هي الأكثر دراية بشؤون ضباط وأفراد القوات المسلحة والأقدر على الإحاطة بها وكفالة البت في أمرها بما يتفق وطبيعة الوظيفة العسكرية المهام الموكلة للقوات المسلحة بمقتضى نص المادة (200) من الدستور في حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها.
وأضافت المحكمة أنه يخضع لقضاء اللجان العسكرية بالقوات المسلحة فئة طلبة الكليات العسكرية، التي تعدهم للخدمة كضباط في القوات المسلحة وقادة للوحدات الصغرى، وهم بذلك يعدون خلال فترة دراستهم بها في خدمة القوات المسلحة ومن الأفراد المنتمين إليها.
وأوضحت المحكمة أنه ثبت من الأوراق أن القائد العام للقوات المسلحة صدق في 13 ديسمبر 1982 على إيفاد الطاعن وكان بدرجة نقيب آنذاك إلى الولايات المتحدة الأمريكية في بعثة تدريبية لمدة أربع سنوات بصفة مبدئية اعتبارا من منتصف يناير 1983 للحصول على درجة الدكتوراة من جامعة أوهايو، كما صدق رئيس أركان حرب القوات المسلحة في 12 يناير 1987 على امتداد البعثة 6 أشهر اعتبارا من 17 يناير 1987 وظل مستفيدا من امتداد البعثة حتى 1989 أو حصوله على درجة الدكتوراة أيهما أقرب، إلا أنه لم يعد وظل بالخارج حتى عودته في 10 نوفمبر 1993 فتم القبض عليه ومحاكمته وعوقب بالحبس مع الشغل لمدة سنتين، ثم تم تخفيف العقوبة لتكون أربعة أشهر وصدق وزير الدفاع على إنهاء خدمته مع خصم تكاليف البعثة وفقا لنص المادة (51) من لائحة البعثات والمنح والإجازات الدراسية والمأموريات العملية بوزارة الدفاع.
وأكدت المحكمة أن هذه المنازعة تدخل في صميم الاختصاص الولائي للجان القضائية لضباط القوات المسلحة المختصة.
وذكرت المحكمة أنه لا يوهن من سلامة هذا النظر القول إن الطاعن قد أنهيت خدمته من القوات المسلحة وانفصمت عُرى العلاقة الوظيفية بينه وبين القوات المسلحة على نحو أصبح معه من أحاد الناس ضد جهة الإدارة ممثلة في وزارة الدفاع ولا يسرى عليه حكم المحكمة الدستورية العليا التي تعلقت بضباط القوات المسلحة وطلاب القوات العسكرية وينعقد الاختصاص بشأنه لقضاء مجلس الدولة.
وأوضحت المحكمة أن هذا القول مردود عليه بأن البعثة- محل طلب تكاليفها بالنزاع الماثل- التي حصل عليها كانت بمناسبة خدمته كضابط بالقوات المسلحة ولا تنفك عنها، ولولاها لما حصل عليها فهي ترتبط بها ارتباط السبب بالنتيجة، كما أن تصديق وزير الدفاع على إنهاء خدمته كان معاصرا لها خصم تكاليف البعثة بحسبان أن إنهاء خدمته قرار إداري عسكري ملتصق به إلزامه بدفع تلك التكاليف ومن ملحقاته وتوابعه، مما ينعقد الاختصاص بشأنه للجان القضائية لضباط القوات المسلحة.