15 عاماً ظلت جماهير الإسماعيلى تبحث عن حارس مرمى يعيد الهيبة لـ«الدراويش»، الذي شهد على مدار تاريخه حراساً صنعوا مجداً كبيراً ليس للقلعة الصفراء فقط وإنما للكرة المصرية، على رأسهم «عبدالستار»، أحد أبرز حراس المرمى خلال حقبة الستينيات، وحسن مختار الذي قاد الدراويش لأول بطولة أفريقية يحصل عليها نادٍ مصرى عام 1970، بعدما فاز على الإنجلبير الكونغولى في نهائى بطولة دورى الأبطال، مروراً بـ«على أغا» في جيل الثمانينيات الذي لم يسعفه القدر لحصد أي بطولات بعدما وافته المنية إثر حادث أليم، وسعفان الصغير، مدرب حراس الفريق الحالى، الذي حصد بطولتى الدورى عام 91 وكأس مصر عام 97، وأخيراً محمد صبحى، حارس المقاصة، الذي أسهم في حصد بطولة الدورى موسم 2002. وخلال السنوات الماضية تعاقب حراس مرمى على قلعة الدراويش، منهم من كان طامعاً في جماهيرية النادى العريق، ومنهم من كان يرغب في حصد الأموال فقط غير مكترث بعشق جماهيره لكرة القدم وحصد البطولات وتقدير المواهب.. حتى جاء محمد عواد، حارس الدراويش، الذي بات يحمل على عاتقه رغبة المسؤولين والجماهير في إعادة الهيبة وحصد البطولات للقلعة الصفراء بعد أن تألق بشكل لافت خلال الموسمين الماضى والجارى، وبات وجوده ضمن كتيبة المنتخب الوطنى في مونديال روسيا مطلباً أساسياً لسد الأزمة التي تعانى منها حراسة المرمى في الفترة الأخيرة.
«المصرى اليوم» التقت حارس الدراويش المتميز، وحاورته عن أسباب تألقه، وإمكانية رحيله للأهلى أو الزمالك، وعلاقته بعصام الحضرى وهيكتور كوبر ومحمد صلاح.. فكانت إجاباته مرتبة وحاسمة؛ فإلى الحوار.
■ دعنى أبدأ معك الحوار بسؤال ينتظر إجابته جماهير الإسماعيلى حول إمكانية رحيلك عن الدراويش سواء في يناير المقبل أو بنهاية الموسم؟
- أعتقد أنك بدأت حوارك ساخناً.. وقبل أن أتحدث عن موقفى مع الإسماعيلى لابد أن أتوجَّه بالشكر للجميع على مساندتهم لى خلال الفترة الماضية حتى وصلت للمرحلة التي يشيد فيها الخبراء والنقاد والجماهير بى، ويطالبون بانضمامى للمنتخب الوطنى رغم أننى خارج الأهلى والزمالك.
■ ألم تتوقع المطالبة بانضمامك للمنتخب كونك حارساً بالإسماعيلى وليس لاعباً بأحد القطبين؟
- دعنى أحدثك بصراحة: أي لاعب أو حارس مرمى خارج الأهلى والزمالك يجد صعوبة كبيرة في إثبات ذاته وإقناع جميع عناصر اللعبة بقدراته وإمكانياته؛ فحارس المرمى من خارج الأهلى والزمالك يجب أن يتحلى بالصبر ويلتزم أكثر من أي لاعب آخر في القطبين، ويتألق في كل مباراة، وهو أمر يحتاج لتركيز في المباريات والتدريبات وعدم التفكير في أي أمر آخر حتى يبدأ الحديث عنك بشكل طيب.
■ هل تشعر بالاختلاف في المعاملة بين لاعبى الأهلى والزمالك والأندية الأخرى في معسكرات المنتخب الوطنى؟
- مطلقاً.. وأقسم لك أن الجهاز الفنى بقيادة الأرجنتينى هيكتور كوبر يتعامل مع جميع أفراد المنتخب، لاعبين وجهازاً فنياً وإدارياً وطبياً، على أنهم عائلة واحدة.. لا توجد تفرقة بين فرد وآخر، وليس بين لاعب وآخر، وهذا هو سر نجاح هذا الرجل وسر نجاح الجهاز الفنى والتأهل للمونديال بعد 28 عاماً.
■ البعض يردد أنك تلقيت وعوداً من جهاز المنتخب بانضمامك للمعسكرات المقبلة والتواجد في قائمة المونديال بعد تألقك؟
- لم أتلق أي وعود.. وهو أمر سابق لأوانه؛ لأنه لايزال أمامنا 6 أشهرعلى تحديد قائمة المونديال، وقد يحدث فيها الكثير، لكننى أبذل قصارى جهدى حتى أكون عند حسن ظن الجهاز الفنى بقيادة الأرجنتينى كوبر وأحمد ناجى مدرب حراس المرمى.
■ هل يمكن أن تجيب على السؤال الذي حيَّر الخبراء والنقاد بأن يظل «الحضرى»، صاحب الـ45 عاماً، الحارس الأول للمنتخب؟
- بلاشك؛ فهو حارس أسطورى، وحقق أرقاماً قياسية يجب احترامها، ومن ثم فإن كرة القدم تعطى من يجتهد ويصبر من أجلها.
■ لكننى أقصد أن تواجد الحضرى على رأس حراسة المنتخب يعنى عدم وجود حراس آخرين لمنافسته!!
- قلت لك إن الحضرى حارس كبير، لكننى لم أتنافس معه حتى تحملنى مسؤولية استمراره على قيادة حراسة المرمى.. ولكن دعنى أذكرك بأن إصابة أحمد الشناوى وشريف إكرامى في بطولة أمم أفريقيا لعبت دوراً كبيراً في تواجد الحضرى، وهو استغلها بشكل جيد.
■ هل حزنت لعدم اختيارك في قائمة أمم أفريقيا السابقة؟
- بالتأكيد شعرت بالحزن لعدم اختيارى، لكن عندما أصيب أحمد الشناوى ثم شريف إكرامى توجَّهت للمولى- عز وجل- بالشكر لعدم اختيارى؛ فقد كان من الممكن أن أكون بدل أحدهما.
■ قلت إنك لم تتنافس مع الحضرى في المنتخب، فهل أنت قادر على منافسته في المرحلة المقبلة؟
- أعتقد أننى وصلت لمرحلة تدفعنى لمنافسة أي حارس مرمى، ولو حصلت على فرصتى سأكون قادراً على الدفاع عن حراسة مصر في المونديال وسط المنافسة المحترمة مع بقية الحراس.
■ أيهما ينافسك.. أحمد الشناوى أم شريف إكرامى؟
- هما حارسان كبيران ومتميزان ويمتلكان مقومات كبيرة، ولا يمكن التقليل من شأنهما، رغم ما يتعرضان له من انتقادات بين الحين والآخر.
■ بماذا تفسر تذبذب مستوى أحمد الشناوى وتراجع أداء إكرامى؟
- سأحدثك بصراحة: أحمد الشناوى من أفضل حراس مصر، وهو صديقى، وعلاقتى به قوية للغاية، ولا يمكن التشكيك في قدراته نهائياً.. لكنه يخطئ أحياناً مثل أي حارس مرمى، وهو أمر وارد لكل الحراس.
■ ماذا عن تراجع أداء إكرامى؟
- شريف إكرامى يتعرَّض لضغوط كبيرة لا يتحملها أحد، وهى السبب الرئيس في تذبذب مستواه، لكن من ينتقدون إكرامى يتناسون أنه شريك أساسى في كل الأرقام القياسية التي حققها الأهلى في السنوات الماضية، وهم أنفسهم الذين يتباهون بهذه الأرقام.
■ واضح أنك تتحدث بدبلوماسية!!
- أحدثك بصراحة ومن قلبى وعن قناعة بمستوى أحمد الشناوى وشريف إكرامى.. لكن أن يتم التشكيك فيهما لمجرد خطأ في مباراة أو مباراتين فهذا أمر جائز، بالإضافة إلى أنهما يحملان طموحات ناديين كبيرين ويمتلكان شعبية كبيرة، ومن الطبيعى أن يتعرضا للضغوط.
■ نعود إلى سؤالى الأول: هل سترحل عن الإسماعيلى؟
- رد مبتسماً: مازلت تصر على السؤال، وسأرد عليك بأن اللاعب يجب أن يكون لديه مبررات حتى يتخذ قراراً بالرحيل عن ناديه، خصوصاً إذا كان هذا النادى يمتلك جماهيرية كبيرة وتربيت بين جدرانه.
■ ألا يوجد مبررات تدفعك للرحيل عن الدراويش؟
- لا يوجد سبب واحد يدفعنى للانتقال لأى نادٍ آخر داخل مصر؛ فنحن نمتلك مجلس إدارة قوياً برئاسة المهندس إبراهيم عثمان، يفى بوعوده، ويحترم اللاعبين.. دفعنى للتألق والتركيز في الملعب فقط بعد أن عدَّل عقدى ووضعنى ضمن الفئة الأولى، فضلاً عن جهاز فنى متميز بقيادة المدرب الفرنسى ديسابر الذي أعتبره أحد أفضل المدربين الذين تعاملت معهم.. إلى جانب أننى على المستوى الشخصى لن أجد مثل سعفان الصغير، مدرب حراس المرمى، وهو أحد الأسباب الرئيسة التي جعلتنى أصل إلى المستوى الذي وصلت إليه.
■ كيف؟
- سعفان الصغير بالنسبة ليس مدرباً فقط؛ فهو أخ أكبر لى.. يُعنِّفنى عندما أخطئ، ويدافع عنى أمام الجميع، ويدخل في معارك إعلامية من أجل الدفاع عنى ودَفْعى إلى التألق والتركيز في المباريات.
■ لكن أي لاعب يتمنى اللعب للأهلى أو الزمالك حتى يضمن الانضمام للمنتخب!!
- ضمان اللعب للمنتخب بيد المولى- عز وجل- ولا تنسَ أننى ألعب لنادٍ كبير يحمل طموحات كبيرة لجماهيره بالحصول على بطولة هذا الموسم.
■ ألم تتلقَّ عرضاً من الأهلى أو الزمالك؟
- سأجيبك بصراحة ولأول مرة حتى نُنهى هذا الجدل: «طول ما أحمد الشناوى موجود في الزمالك فلن أنضم إليه».. ولن أخسر جمهور الإسماعيلى من أجل اللعب في الأهلى.
■ ألم تقل إن «الشناوى» صديقك فلماذا ترفض الانضمام للزمالك في وجوده؟
- ليس من مصلحتى ولا مصلحة أحمد الشناوى أن نكونا متواجدين في فريق واحد؛ لأن مشاركة أحدنا ستأتى على حساب الآخر.. وسيبقى الحارس البديل أسيراً لدكة البدلاء، ومن ثم لن ينضم للمنتخب، ولن يظهر مستواه الحقيقى، لكن من مصلحتنا أن يبقى الشناوى في فريق وأنا في فريق آخر، وهذا ما فعلته منذ موسمين.
■ كيف؟
- تراجعت عن توقيعى للزمالك عندما علمت بتوقيع أحمد الشناوى للقلعة البيضاء، وقمت بإعادة 3.5 مليون جنيه إلى مسؤولى القلعة البيضاء حتى أفسخ تعاقدى معهم، وفضَّلت العودة للإسماعيلى.
■ هل أحمد الشناوى طلب منك ذلك؟
- مطلقاً.. كل ما في الأمر أننى تفاوضت مع أحمد سليمان، عضو مجلس إدارة نادى الزمالك في ذلك الوقت، من أجل الانضمام للقلعة البيضاء، وأكد لى أننى سأكون الحارس الأول، وأنه سيتولى تدريبى بنفسه، ثم علمت أنهم يتفاوضون مع أحمد الشناوى؛ فاتصلت به وأبلغته بأنهم يتفاوضون أيضاً معى، وأكد لى الشناوى وقتها أنه لم يحسم أمره، ثم علمت أنه وقَّع للزمالك بعدما وقَّعت وحصلت على 3.5 مليون جنيه، فاتصلت به مرة أخرى وقلت له: «يابنى إنت مش قلت لى لسه ومفيش توقيع»، فقال لى: «إيه المشكلة إحنا الاتنين نكون مع بعض»، فقلت له: «لأ.. ده هيكون على حساب واحد فينا»، فقررت الرحيل وأعدت المبلغ المالى لمسؤوليه.
■ لماذا وافقت على التفاوض مع الزمالك مادمت لا ترغب في إتمام الصفقة؟
- ما لا يعرفه أحد أن العميد محمد أبوالسعود، رئيس نادى الإسماعيلى السابق، اتفق مع مرتضى منصور، رئيس نادى الزمالك، على إتمام الصفقة دون علمى.. وعندما قررت فسخ التعاقد بعد توقيع الشناوى للقلعة البيضاء انقلب علىَّ العميد أبوالسعود، لدرجة أنه حاول أن يدمر مستقبلى وتعاقد مع عصام الحضرى من أجل إبعادى عن المشاركة الأساسية.
■ واضح أنك واجهت صعوبات كبيرة قبل 3 سنوات؟
- فعلاً؛ فقد واجهت محاولات كادت تجبرنى على الاعتزال والابتعاد عن الدراويش نهائياً..عندما تمسكت بموقفى من عدم الانضمام للزمالك بسبب توقيع الشناوى فقط، وليس لأى سبب آخر، حتى لا يفسر أحد كلامى بأننى أرفض الزمالك؛ فهو نادٍ كبير وأحترم جماهيره ومسؤوليه، لكن العميد أبوالسعود لم يتفهم كلامى وقتها، وتعاقد مع الحضرى من أجل إجبارى على الرحيل أو الاعتزال؛ لدرجة أن مارك فوتا، المدير الفنى، كان يحملنى مسؤولية أي خسارة للفريق رغم أننى كنت أسير دكة البدلاء.. ولدرجة أنه كان يحملنى مسؤولية أي هدف يسجَّل في مرمى عصام الحضرى.
■ كيف؟
- أذكر أن مارك فوتا في إحدى المرات عقد اجتماعاً مخصوصاً بعد هزيمتنا في الدورى وحمَّلنى المسؤولية؛ لأننى كنت أتحدث مع زملائى على الدكة أثناء المباراة، ولأننى كنت أرتدى «قميص كت»، ولم يتحدث عن الأمور الفنية.
■ ماذا فعلت وقتها؟
- تدخل محمد البغدادى، أحد رجال الأعمال، الذي لن أنسى له موقفه المحترم معى، وسافر إلى الإمارات على نفقته الخاصة إلى العميد محمد أبوالسعود وأقنعه بالسماح لى بالرحيل إلى المصرى في عهد الإسبانى ماكيدا لمدة 6 شهور، وهى الفترة التي شهدت تألقى وأعادتنى للمنتخب الوطنى.
■ هل شعرت بأن الحضرى يشارك مع أبوالسعود في القضاء عليك بالإسماعيلى؟
- لا أعرف.. و«ربنا يديله على قدّ نيته».
■ ماذا عن إمكانية انضمامك للأهلى؟
- أحترم النادى الأهلى وجماهيره، لكننى لا أستطيع الانضمام إليه احتراماً لجماهير الإسماعيلى ومجلس إدارته الذي مدَّ عقدى.
■ هل ترفض الانضمام للأهلى لكونك من ناشئى الإسماعيلى أم أنك تخشى التهديدات التي قد تتعرض لها أسوة بما حدث مع حسنى عبدربه؟
- أولاً لا أخشى تهديداً من أحد؛ فما لا يعرفه أحد أن عائلتى كبيرة جداً، ونحن عرب في الأساس، و«اللى هيفكر يهددنى سيكون الرد قاسياً».. لكننى تربيت في الإسماعيلى وأعشق جماهيره وناديه، وكل ما أفكر فيه هو حصد بطولة هذا الموسم للدراويش، وأسعى لخوض تجربة الاحتراف الخارجى.
■ ألم يفاوضك الأهلى نهائياً؟
- الأهلى فاوضنى مرة واحدة في الموسم المنقضى عن طريق المهندس محمود طاهر، رئيس النادى السابق، ومحمد عبدالوهاب، عضو مجلس الإدارة، لكن المفاوضات لم تكتمل.
■ ما الذي يمنع الإسماعيلى من حصد بطولة؟
- لا يوجد شىء سوى القرارات التحكيمية التي نتعرض لها ظلماً في بعض المباريات، ولا أرغب في التحدث أكثر من ذلك؛ لأن الجميع يعلم أن البطولة التي نحصدها تكون صعبة لأنها تقصى الأهلى والزمالك.
■ كيف ترى فرصتنا في مونديال روسيا؟
- المجموعة ليست سهلة كما يعتقد البعض، لكننا نمتلك منتخباً قوياً وقادراً على التأهل إلى دور الـ16.
■ ما رأيك في حصول محمد صلاح على جائزة BBC كأفضل لاعب في أفريقيا؟
- محمد صلاح نموذج عالمى ناجح أقتدى به وهو فخر لكل العرب وليس للمصريين فقط.. وأعتقد أن شخصيته وتواضعه وتعامله المحترم مع الجميع هي سر نجاحه، ويجبر الجميع على احترامه.