ربما تصور الكثيرون أن اشتراك كل من تونس ومصر في ثورات سلمية، سيكون باعثا على نبذ حالة التوتر في مباريات كرة القدم التي تجمع أياً من الفرق المصرية مع فرق الشمال الإفريقي بشكل عام والتونسية بشكل خاص، لكن الآلاف من جماهير نادي الزمالك رفضوا الانصياع لمعادلات ما بعد الثورات العربية، وأثاروا شغباً غير مسبوق في الملاعب المصرية.
ففي ثاني المباريات الإقليمية التي تجمع فرقاً مصرية بأخرى إفريقية بعد ثورة 25 يناير، يتحول استاد القاهرة من ساحة للمبارزة الرياضية والتعبير عن حالة الوفاق بين الشعوب العربية التي حالت أنظمتها دون إظهارها طوال السنوات السابقة، إلى ساحة معارك من نوع آخر، معارك سارت في اتجاه واحد، فالأمر لم يكن معركة متكافئة بين طرفين، بل وصلة من العنف في اتجاه واحد ربما لم تميز وجهتها.
في البدء كانت «الشماريخ» التي ربما أصبحت إحدى سمات التشجيع الكروي في ملاعب العالم كافة، إلى أن تحولت إلى عنف غير مبرر ومبالغ فيه مع اقتراب موعد نهاية المباراة التي لم تكن في صالح الفريق المصري، ليتحول الملعب إلى ساحة حرب لم تسلم منها مقاعد الجماهير ولا حتى عوارض المرميين، في معركة ربما كان فارسها الأول «الراجل أبوجلابية».
«المصري اليوم» كانت هناك، حضرت لكي تسجل حدثاً لم يكن طبيعياً على الإطلاق، فهاهي المرة الأولى التي نواجه خلالها إحدى الفرق التونسية بعد الثورتين، لكن لم يدر بخلد أعظم الحالمين أن يتحول الحدث «غير الطبيعي» إلى حدث فاق حدود التخيل.