جاء قرار الأمم المتحدة رقم 194 قبل نهاية حرب 1948، وقد صدر «زي النهارده» في 11 ديسمبر 1948، وقد تضمن هذا القرار 15 بندا، بعد البند الأول الذي حيت فيه الجمعية العامة وسيط الأمم المتحدة فولك برنادوت على جهوده، فإن البند الثاني يطالب بتشكيل لجنة للمصالحة تتكون من ثلاثة أعضاء في الأمم المتحدة، ويختارهم ـ وفقا للبند الثالث ـ الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن- الصين وفرنسا واتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وتقوم هذه اللجنة بالقيام بمهام وسيط الأمم المتحدة، وتنفذ القرارات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن، ولجنة الهدنة.
ووفق أكثر من بند في هذا القرار فإنه كان يتعين ووفقا للبند الرابع أن تعمل اللجنة على إنشاء اتصال ومفاوضات ـ ووفقا للبند الخامس ـ بين الأطراف أنفسهم ـ أي بين الدول العربية وإسرائيل ـ ولجنة المصالحة أو بشكل مباشر بين الأطراف نفسها من أجل التوصل إلى تسوية نهائية للقضايا المعلقة بينهم كما ركزت بنود أخرى في الاتفاقية السادس والسابع والثامن على التعامل مع القضايا الآنية التي نتجت عن الحرب العربية ـ الإسرائيلية الأولى؛ ومنها العمل على أن تبقى مفتوحة محاور الوصول إلى الأماكن المقدسة ـ بما فيها الناصرة ـ في القدس وبيت لحم، وإدارة مدينة القدس التي سوف تكون ـ وفقا لقرار التقسيم ـ واقعة تحت سيطرة الأمم المتحدة.
وتم تعريف نطاق إدارة الأمم المتحدة على أنها تشمل بلدية القدس والقرى والمدن المتاخمة لها والتي تشمل قرية أبوديس في الشرق، وبيت لحم في الجنوب وعين الكرم في الغرب والشوفات في الشمال وفى البند العاشر فإن القرار يطلب من لجنة المصالحة أن تتخذ الإجراءات التي تكفل تسهيل الحياة الاقتصادية والوصول إلى الموانئ والمطارات واستخدام وسائل المواصلات والاتصالات فيما اختص البند الحادي عشر الشهير الخاص بشأن اللاجئين والذي يقول إن اللاجئين «الذين يريدون العودة إلى منازلهم والعيش في سلام مع جيرانهم يجب أن يسمح لهم بالعودة في أقرب وقت عملي ممكن، وأن يدفع التعويض عن الممتلكات لهؤلاء الذين يقررون عدم العودة أو للضرر في الممتلكات وفقا لقانون الدولي»، وواضح من هذا النص ليس فقط أنه مرتبط بوجود لجنة المصالحة والمفاوضات المباشرة أو غير المباشرة وإنما أيضا بوجود حالة من السلام بين الأطراف المعنية تسمح للجنة بالقيام بمهامها في تسهيل عودة اللاجئين، أو إعادة توطينهم وتعويضهم ومراعاة أحوالهم بالتعاون مع وكالة غوث اللاجئين وهيئات الأمم المتحدة المعنية
وفيما يتعلق بوضع القدس في هذا القرار وفي البند 13 وجاء في نصه: «ستتخذ لجنة التوفيق القدس مقرها الرسمي، ويكون على السلطات المسؤولة عن حفظ النظام في القدس ونظراً إلى ارتباط منطقة القدس بديانات عالمية ثلاث، فإن هذه المنطقة، بما في ذلك بلديةالقدس الحالية، يضاف إليها القرى والمدن المجاورة فإنها تتمتع بمعاملة خاصة منفصلة عن معاملة مناطق فلسطين الأخرى، ويجب أن توضع تحت مراقبة الأمم المتحدة الفعلية وتطلب من مجلس الأمن اتخاذ تدابير جديدة بغية تأمين نزع السلاح في مدينة القدس في أقرب وقت ممكن وتصدر تعليمات إلى لجنة التوفيق لتقدم إلى الجمعية العامة في دورتها العادية الرابعة اقتراحاتها مفصلة بشأن نظام دولي دائم لمنطقة القدس، يؤمن لكل من الفئتين المتميزتين الحد الأقصى من الحكم الذاتي المحلي المتوافق مع النظام الدولي الخاص لمنطقة القدس وإن لجنة التوفيق مخولة صلاحية تعيين ممثل للأمم المتحدة، يتعاون مع السلطات المحلية فيما يتعلق بالإدارة المؤقتة لمنطقة القدس».
فيما كانت البنود الـ12و13و14 فقد كانت إجرائية وإدارية فيما يتعلق بعمل لجنة المصالحة، ومن المدهش أن إسرائيل وافقت على القرارفي حينه لأن موافقتها عليه كانت ضرورية لقبولها عضوا في الأمم المتحدة، وهو ما أضفى الشرعية الدولية على دولة إسرائيل، ولكن ما يثير الدهشة أكثر أن الدول العربية ـ مصر والعراق ولبنان والسعودية وسوريا واليمن ـ رفضت القرارلأنه كان يؤدى إلى الاعتراف بإسرائيل التي كانت معروفة آنذاك بالكيان المزعوم، ويربط عودة اللاجئين بالسلام معها، ما لم يكن مقبولا مع دولة قامت على أشلاء الوطن الفلسطيني.