بعد ما يقرب من أسبوعين من ختام فعاليات دورته الـ39، وبعدما أثير من جدل أعقب تقدم رئيسته ماجدة واصف باستقالتها، لوزير الثقافة حلمى النمنم، تسود حالة من الترقب أروقة مهرجان القاهرة السينمائى، انتظارا للإعلان والكشف عن الرئيس القادم للمهرجان في دورته الـ40، بعد 3 دورات قضتها ماجدة واصف في رئاسته، والتى تولت خلالها شبكة DMC الفضائية رعاية المهرجان وتمويله، وحضر حفل ختامه 3 من نجوم السينما العالميين نيكولاس كيدج وهيلارى سوانك وأدريان برودى، في الوقت الذي أكدت فيه «واصف» أنها تقدمت باستقالتها بعدما أدت ما عليها تجاه المهرجان وخروجه بشكل مشرف، استعاد خلاله بريقه، وجذب النجوم والمشاهير، بالتعاون مع القناة الراعية، وتمهيدا لتقديم دورات أفضل في الأعوام المقبلة. «المصرى اليوم» تفتح في هذه السطور تحقيقا حول مواصفات الرئيس القادم للمهرجان، ومن يمكن أن يتولى هذه المهمة في دورته المقبلة.
ومن المتوقع أن يصدر الكاتب حلمى النمنم خلال الساعات القليلة المقبلة قرارا بإسناد رئاسة مهرجان القاهرة السينمائى لأحد السينمائيين من بين الأسماء المرشحة للمنصب وهى المخرج والمنتج شريف مندور والفنان حسين فهمى والفنانة إسعاد يونس والمنتجة والمخرجة ماريان خورى والفنان خالد النبوى وسهير عبدالقادر.. استطلعنا آراء النقاد في المعايير المطلوب توافرها في الرئيس الجديد للمهرجان.
يقول الناقد طارق الشناوى إن الرئيس القادم للمهرجان يجب أن يكون شخصية قيادية، وله علاقة وطيدة بفن السينما وصناعتها في كافة المجالات، وصاحب اسم حينما يذكر يكون مصدر معرفة للجميع.
وأضاف «الشناوى»: يفضل من يمتلك سابق خبرة في إدارة المهرجانات، لأن ذلك يوفر الكثير في إنجاز العمل، وبالضرورى يكون صاحب شبكة علاقات قوية محليًا وعربيًا وعالميًا، حتى إنه حينما يطلب من أحد النجوم في العالم الحضور سواء للتكريم أو لأى غرض ينجح في ذلك.
وتابع: اقترحت على وزير الثقافة في الدورة 37 للمهرجان، أن يكون الفنان حسين فهمى رئيس شرف المهرجان، ولم أكن أقصد المعنى الحرفى لكلمة الرئيس الشرفى، ولكن كنت على دراية أن ماجدة واصف ويوسف شريف رزق الله يحتاجان إلى واجهة، وفى نفس الوقت لم أعن أن يكون حسين فهمى شرفيا بالمعنى المباشر للكلمة، وكنت أعلم أنه سيضيف لهما ويضفى بعض الأفكار نتاج خبرته ورئاسته للمهرجان في 4 دورات، منذ عام 1998 وحتى 2002، وهى الفترة التي شهدت قدرا من الإضافة، ولم يستسلم حسين فهمى لكل الأفكار التي طرحها وقدمها سعد الدين وهبة، وكانت له رؤية ولمحة خاصة، وفى 2015 اقترحت اسمه على وزير الثقافة ولكن لم يأخذ باقتراحى وتم تعيين محمود حميدة وقتها، وللأسف مكانة رئيس شرفى المهرجان لم تكن متوافقة مع إمكانياته أو طموحاته.
وواصل «الشناوى»: حسين فهمى مازال قادرًا على العطاء، ويمتلك الكفاءة والخبرة، وواجهة لمهرجان عريق في حجم مهرجان القاهرة، أضف إلى ذلك أنه صاحب كاريزما قوية.
وعن رأيه في الأسماء المرشحة للمنصب قال: «من الصعب أن أقول رأيا سلبيا في تلك الأسماء فقد يكون لكل منهم ميزة، لكن رؤيتى لمن يستطيع قيادة المركب في هذه اللحظة الراهنة مع احترامى لكل هذه الأسماء، هو الفنان حسين فهمى، وفى كل مرحلة تتطلب مواصفات معينة وللأسف مهرجان القاهرة أصبح منطفئا، ويحتاج لبقعة ضوء تعيد له بريقه، ويستطيع من خلال علاقاته برجال الأعمال أن يتجاوز أزمات التمويل، وهو ما سينجح فيه فهمى».
ويقول الناقد أحمد شوقى مدير برنامج «آفاق السينما العربية» في الدورة الـ39 للمهرجان: «أنا جزء من الإدارة التي تقدمت باستقالتها بعد انتهاء الدورة الأخيرة، وبالتالى إبداء رأيى في الشخصيات التي من الممكن ترشيحها لرئاسة المهرجان في دورته القادمة فيه إحراج، ولكن هناك معايير من وجهة نظرى يجب توافرها في رئيس مهرجان القاهرة، لأن إدارته مهمة أعتبرها في منتهى الصعوبة، ولا تدار بالكاريزما أو النجومية».
وأضاف شوقى: «رئيس المهرجان يحتاج شخصا متفرغا له على مدار العام، ويمتلك قدرات فنية وإدارية معًا، وفى نفس الوقت لديه خبرة في السينما والإدارة، والشرط الأساسى أن يتمتع بقدرة التعامل مع الإدارات في الدولة، لأن التعامل مع الدولة ليس سهلا على الإطلاق على كافة المستويات».
وتابع شوقى: «من الضرورى كذلك أن يكون متابعا لكل مهرجانات العالم، والتطورات والأفكار التي تقدمها، وألا يكون قادما من زمن آخر، بتصورات انتهت عن عالم السينما، ورأيى أن أي رئيس قادم في ظل الميزانية الضعيفة المخصصة من الدولة سوف يفشل، لأنها غير كافية بالمرة لتنظيم مهرجان كبير، وبالكاد تصلح لإقامة مهرجان مقبول، ويجب أن يتم استغلال الشراكة التي حدثت في الدورة الماضية مع قناة دى إم سى، ويحاول إعادة شراكة مماثلة ولكن بشروط أوضح، تضمن الاستفادة المادية للمهرجان، وفى نفس الوقت يتلافى أي مشاكل ظهرت في التجربة الماضية، مع ضرورة تقويمها والتخلص من سلبياتها لأنها لم تكن ناجحة بنسبة 100% وبها الكثير من المشاكل».
وتابع شوقى: «أيًا كان الشخص الذي يتولى الرئاسة مع احترامى لكل الأسماء، يجب أن يكون الاختيار وفق المعايير التي سبق أن ذكرتها».
وواصل: اتخذت قرارا بعدم المشاركة ضمن إدارة المهرجان في السنوات المقبلة، لأن الأمر يتطلب جهدا وتفرغا وعملا على مدار العام، وبصراحة العائد سواء كان ماديا أو معنويا غير مجز بالمرة على مدار الـ3 سنوات التي عملت خلالها بالمهرجان، ولم أجد سوى التعليقات السلبية، وفى المقابل التجربة صعبة ومعقدة، وما أؤكد عليه أننى أعذر أي شخص سيتولى هذه المهمة، وسوف أدعمه قدر الإمكان.
وقال الناقد كمال رمزى: إن اختيار رئيس الدورة الـ40 لمهرجان القاهرة السينمائى يجب أن يكون وفق معايير محددة، ويأتى في مقدمتها ضرورة أن توفر وزارة الثقافة ممثلة في وزيرها الظروف المناخية المحيطة التي تساعد أي رئيس يتولى هذه المهمة أن ينهض بعمله، وهذا أهم من اختيار الرئيس نفسه».
وأضاف «رمزى»: «لا يوجد رئيس جيد وآخر سيئ، ولكن هناك ظروف سيئة وأخرى جيدة، وإذا كان النظام والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية جيدة، فهى بالضرورة تفرز نجاحا يحمل حتى رئيس المهرجان، والظروف السيئة للأسف تحبط أي اسم كبير، ورأيى أن رؤساء المهرجان في السنوات الأخيرة، كل منهم كان يتميز بصفة معينة، وماجدة واصف كانت تتمتع بنفس هادئ وكان هدفها العبور بالسفينة إلى بر الأمان بدون مشاكل، والأستاذ الراحل سمير فريد تجربته كانت استثنائية لأن الدورة التي تحمل مسؤوليتها كانت قيمة ويكفى أن نتذكر أن المهرجان في دورة سمير فريد أصدر 13 كتابا، وهى سابقة لم تحدث على مدار تاريخ المهرجان، إضافة إلى دقة المواعيد وجدية الندوات وغيره، ويعتبر معيارا لمدى نجاح أي مهرجان أو رئيس آخر». وتابع: أن فكرة الشراكة مع قناة دى إم سى، في تقديرى أن هذه المؤسسة سوف تلتهم أي مهرجان أو أي رئيس يقترب منها، ويجب التحرر من هذه الشراكة، وأطالب هذه القناة بأن تقوم بالنهوض بمهرجان خاص بها وليس مهرجان القاهرة، لأنه قائم ومستمر، يضعف وينهض ويتراجع ويتقدم لكنه قائم.
وشدد «رمزى» على أن وزير الثقافة يجب أن يضع نصب عينيه ضرورة أن يكون رئيس المهرجان القادم تتوافر أمامه ظروف نجاح عمله، وأن يكون صاحب كاريزما، وأن تكون لديه مرونة القبول والرفض، واحتكاك بالمهرجانات العالمية والعربية.
وقال الناقد أمير العمرى: «لابد من ملاحظة أن معظم رؤساء المهرجان السابقين استقالوا احتجاجا، إما على ضعف الميزانية وتدخل من لا يتمتعون بالمعرفة في عملهم أو لتدخل الجهات الإدارية بوزارة الثقافة، ولهذه الأسباب استقال حسين فهمى وشريف الشوباشى وسمير فريد، والآن ماجدة واصف، وأن أي شخص في الوزارة يمكنه أن يتصل ويغير موعد عرض فيلم أو استبداله كما يشاء». وتابع العمرى: «أما فكرة إسناد رئاسة مهرجان سينمائى دولى إلى ممثل نجم، فهى بدعة مصرية رهيبة ومضحكة»، متسائلا: من أين جاء حسين فهمى أو غيره بخبرة من المهرجانات السينمائية وهم عادة يحضرون حفلات الافتتاح لكى يبتسموا وتلتقط لهم الصور ثم ينصرفوا؟! إضافة إلى أنهم لا يعرفون شيئا عن السينما العالمية واتجاهاتها المختلفة ومخرجيها، فهم لا يعرفون سوى أفلام النجوم من السينما التجارية الأمريكية».
وواصل: «المشكلة في ضرورة توافر حرية الإبداع لشخص رئيس المهرجان في مصر، بعدما بات في السنوات الأخيرة بعيدًا عن الخريطة الدولية وافتقد للمعايير الدولية.. ولكن السبب كما قلت ليس فقط شخص رئيس المهرجان بل في المنظومة الثقافية كلها».