x

100 عام.. بين وعد بلفور ووعيد ترامب

الجمعة 08-12-2017 07:57 | كتب: أ.ش.أ |
كلمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول هجوم لاس فيجاس - صورة أرشيفية كلمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول هجوم لاس فيجاس - صورة أرشيفية تصوير : E.P.A

أثار قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها موجة من ردود الأفعال العربية والدولية الغاضبة والرافضة، كما اعتلى شعار «القدس عربية» قائمة الأكثر تداولا عالميا على مواقع التواصل الاجتماعي بل خلال جميع الفعاليات المنددة بهذا القرار.

وفور إعلان القرار، ارتفعت وتيرة الاحتجاجات المنددة على الصعيدين العربى والإسلامي والفلسطيني، حيث اتفقت الأوساط العربية والإسلامية والفلسطينية على أن «إعلان ترامب باطل وغير قانوني ومدان ومرفوض ولن يغير من وضعية القدس»، مشددين على «أن القدس هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، ولا قبول لأي تسوية سياسية ولن يتحقق سلام ولا استقرار بالمنطقة دون أن تكون القدس عاصمة دولة فلسطين».

وقد جاء إعلان ترامب، بالتزامن مع ذكرى مرور قرن من الزمان على وعد وزير الخارجية البريطاني (إبان حقبة الاستعمار البريطاني)، أرثر بلفور لليهود ببناء وطن قومي لهم بفلسطين والمعروف إعلاميا بـ«وعد بلفور»، وبهذه المناسبة نظمت وزارة الثقافة بمقر دار الكتب والوثائق القومية بالفسطاط مؤتمرا على مدى يومى الخميس والجمعة، كان على رأس المتحدثين فيه السفير الفلسطيني بالقاهرة دياب اللوح، الذي قال إن «الولايات المتحدة الأمريكية بعد قرار دونالد ترامب المشؤوم لم تعد راعية للسلام، لكنها صارت خصما للفلسطينيين»، مؤكدا أن «الفلسطينيين لن يقبلوا بأي تسوية دون أن تكون القدس أساسا لها».

ونوه «اللوح» بموقف مصر الثابت والداعم دائما للقضية الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ورفض مصر قرار الرئيس الأمريكي ترامب بشأن نقل سفارة بلاده إلى القدس.

من جانبه، أدان الدكتور أحمد الشوكي، رئيس دار الكتب والوثائق القومية، قرار ترامب مؤكدا أن «القدس الشريف عربية الأرض والأصل والنسل» معربا عن اعتقاده بأن «هذه بداية جديدة للقضية الفلسطينية وليست النهاية، ومن يدرى ربما نصلي جميعا في القدس قريبا بعد عودتها إلى أحضان العرب».

وقال الشوكي، في كلمة ألقاها أمام المؤتمر، إن قرار ترامب لم يغير من الواقع شيئا سوى أنه أعاد القضية الفلسطينية بقوة إلى صدارة المشهد. منبها إلى أهمية توعية الأجيال القادمة بجرائم العدو الصهيوني وعدالة القضية الفلسطينية.

وناقش المؤتمر الذي عقد تحت عنوان «تصريح بلفور.. الجذور التاريخية لتقسيم العالم العربى»، العديد من المحاور من بينها وعد بلفور في إطار المشروع البريطانى لإعادة تنظيم الشرق الأوسط 1917-1921.. فقد أوضح المشاركون في المؤتمر أن إصدار وعد بلفور قد مثل حدثا تاريخيا بامتياز، حيث لم يحظ حدث تاريخي في تاريخنا الحديث وحتى يومنا هذا بهذه الجدلية التاريخية والمستمرة حتى الان كما حظي هذا التصريح وهو الأمر الذي له تداعياته بشكل كبير حتى يومنا هذا.

وبحث الخبراء والمتخصصون وعد بلفور باعتباره مشروعا لإعادة تقسيم الشرق الاوسط والمعرفة التاريخية للاحداث التي جرت منذ عام 1916 حتى عام 1921، مؤكدين أهمية عدم اغفال دور هذا الوعد لمدة قرن من الزمان وانما يجب وضعه في سياقه الطبيعي كمخطط متكامل تمتد جذوره إلى المنطقة الشرقية ودول اوروبا والدولة العثمانية حتى نصل إلى المستجدات التي أدت إلى الحرب العالمية الاولى ونتائجها .

في الوقت نفسه، أكد المؤتمر أن بريطانيا منذ بداية هذا المشروع عملت في اتجاه دون كلل أو ملل في قطع أي علاقات بين الحركات العربية التي كانت تقف امام هذا المشروع وبين الوطنيين المصريين، موضحا أيضا أن مصر لم تكن يوما طرفا في هذا المشروع لتقسيم المنطقة لا من قريب ولا من بعيد، بل تحملت فواتير صراع المشكلات الاقليمية ولم تكن يوما طرفا فيها، لا محرضة لها ولا داعية اليها.

واعتبر أن «وعد بلفور» منذ مائة عام كان له تداعيات حتى اليوم، فقد جاء في توقيت وظروف متشابهة مقارنة بالوضع الحالي..فمنذ مائة عام جاء هذا الوعد متزامنا مع ما يسمى بصعود أهل النفوذ في العالم الغربي وظهور الصراع الاستعماري، وهناك ربط بين صعود أهل النفوذ في الغرب وإقامة دولة صهيونية لاسرائيل مع ظهور تكتلات وتحالفات.. أما في الوقت الحالي، قد تكون الظروف متشابهة في وقت يتصاعد فيه نفود اللوبى الصهيونى واليمين المتطرف في امريكا والغرب ونجد فيه العالم العربي في حالة يرثى لها من الضعف والتمزق والصراعات الداخلية، وهو ما يوفر الاجواء المناسبة للادارة الامريكية واللوبي الصهيوني لصدور قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل والعمل على إعادة هيكلة المنطقة بالشكل الذي يتراءى له وتشكيل مشروع شرق أوسطي جديد يمكن لإسرائيل أن تكون أحد ركائزه الاساسية.

في السياق ذاته، بحث المؤتمر موقف بريطانيا بين إقامة الدولة اليهودية وأمن قناة السويس. وتطرق للاحداث التي دارت في الفترة مابين 1897 و1917 والظروف التي أدت إلى إصدار وعد بلفور في عام 1917، حيث في البداية لم تكن لبريطانيا سياسة واضحة تجاه الكيان الصهيوني ولكنها دعت إلى بناء هذا الكيان لحماية مصالحها في المنطقة. وبحسب ما أشار إليه الباحثون كان مغزى بريطانيا من وعد بلفور حينئذ البحث عن أمن قناة السويس ضد أي محاولة من جهة الشرق لغزو مصر أو الإضرار بمصالح بريطانيا في المنطقة.

كما تناول المؤتمر دور اتحاد جنوب أفريقيا العنصري آنذاك في إصدار وعد بلفور عام 1917، حيث كان الاتحاد يقدم الدعم السياسي لليهود وكان له دور تاريخي في الاستيطان اليهودي في فلسطين.

وأوضح الخبراء أن الامتداد الصهيوني ساعد في تغيير العلاقة بين انجلترا وفلسطين من علاقة انتداب إلى علاقة استعمار، لأن فلسطين كانت جزءا من المستعمرات البريطانية، وتستطيع انجلترا أن تتيح العمل فيها لأي جماعة أخرى، مثلما أتاحت العمل للجماعات العنصرية في جنوب افريقيا، وبدلا من ان تتولى انجلترا إدارة فلسطين كدولة منتدبة بهدف تحسين الاوضاع فيها، اتاحت الفرصة للحركة الصهيونية لتحقيق مآربها وتنفيذ وعد بلفور من خلال تحويل هذه العلاقة إلى علاقة استعمارية.

كما ناقش المؤتمر «موقف إمارة نجد والوجود اليهودى في فلسطين 1971-1932» و«موقف الأقليات في العالم العربى من تصريح بلفور»، و«التوثيق الفوتوغرافى لفلسطين عشية وعد بلفور 1917»، و«تصريح بلفور وأثره على المجتمع اللبنانى 1918- 1936».

ومن المحاور أيضا ردود فعل على وعد بلفور بين الأوساط اليهودية في مصر، والهجرة اليهودية إلى فلسطين وتأثر إصدار وعد بلفور عليها، ووعد بلفور في الدراسات الأجنبية، واستمرارية تقسيم العالم العربى بعد قرن على صدوره.

وحذر الخبراء المشاركون في أعمال المؤتمر من ان «قرار ترامب لايقل خطورة في تأثيراته السلبية على مستقبل دول وشعوب المنطقة مثلما كان وعد بلفور، الذي أعاد رسم خريطة المنطقة وفقا لاطماع القوى الاستعمارية وعلى قاعدة»فرق تسد«.

جدير بالذكر أن وعد بلفور أو تصريح بلفور (Balfour Declaration) كان يطلق على الرسالة التي أرسلها وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917 إبان فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد رئيس الاتحاد العالمى للصهيونية يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية