حصلت «المصري اليوم» على نص مرافعة النيابة العامة في قضية «حادث تصادم قطاري الإسكندرية» والذي راح ضحيته 43 شخصا وأصيب 196 آخرين، والمتهم فيها 6 من العاملين بهيئة السكة الحديد بينهما قائدي القطارين رقمي 13 و571. واستمعت محكمة جنح ثان الرمل إلى كل من المستشارين خالد عبدالقوي، ومحمد عبدالنبي، رئيسا نيابة شرق الإسكندرية الكلية، وقررت التأجيل إلى جلسة 12 ديسمبر الجاري.
وبدأ «عبدالقوي» مرافعته موجها حديثه لهيئة المحكمة، برئاسة المستشار أحمد عاكف، قائلا: «سيدي الرئيس، إنما جئت اليوم أنقل لحضراتكم شعور محقق عايش وقائع فاجعة بما حوته من آثام وآلام، إنها بالفعل مأساة، مأساة أناس أبرياء خرجوا من بيوتهم لتحصيل الرزق الحلال خرجوا من بيوتهم لأداء رسالتهم في الحياة فلتقفتهم يد آثمة متخاذلة كلفتهم أرواحهم بلا ذنب فعلوه ولا إثم اقترفوه».
ثم قام ممثل النيابة بتفنيد الواقعة: وذكر: «تخلص وقائع القضية المطروحة أمام المحكمة في البلاغ الوارد من شرطة النجدة ظهيرة يوم 11 أغسطس الماضي بوقوع حادث تصادم بين القطارين رقمى 571 و13 المتجهين لمدينة الإسكندرية».
وأضاف ممثل النيابة: «بانتقال النيابة العامة لمكان الحادث تواترت أمامنا صور متتالية لا يكفيها سطور مرافعاتنا ولا أوراق التحقيقات لتصورها فهذا مصاب وذاك مبتور وتلك أم باكية تبحث عن أبنائها وهناك الأب المكلوم ينظر لأشلاء نجله أمام عينه لا يعرف كيف تبدلت لحظات الحياة إلى موت».
وتسائل ممثل النيابة: «من المتسبب في إراقة تلك الدماء؟ من المسؤول عن ذلك الخراب؟ هل هو حظ المجنى عليهم العاثر كلا إنهم ست ممن سموا أنفسهم بشرا ممن ائتمنوا على أرواح وأموال فخانوها ليتهم أفشوا سرا أو سرقوا أو نهبوا بل أهملوا فالإهمال أشد وطأة من كل ما سبق ريثما يكون إهمالا في أرواح بريئة آمنة».
وأوردت النيابة العامة، في مرافعتها التهم الموجهة للمتهمين: «المتهم الأول عماد حلمي عباس رشوان قائد القطار رقم 13 قاد قطار الموت دون أن يراعى الأمانة في عنقه ودون أن يلتزم بالتهدئة والتوقف للإشارات المنظمة لمسيره مع تعطيله فاعلية جهاز التحكم الآلى بالقطار ولم يردع الحادث الجلل المتهم بل تمادى في غيه نافيا مسؤوليته عن الحادث».
وأشارت النيابة إلى أن أقوال كافة مسؤولي السكك السكك الحديد واللجنة المشكلة من النيابة العامة قررت أن الحادث ما كان ليقع لو أن المتهم اتبع تعليمات سلامة التشغيل الخاصة بسير القطار، وجاء بأقوال أحمد توفيق إبراهيم، مساعد قائد القطار رقم 13، أن المتهم تجاهل تحذيره له بدلائل السيمافورات غير مكترث بها، بينما قرر محمود أحمد سعد فنى مزلقان عزبة الشيخ، أن القطار رقم 13 كان يسير بسرعة متجاهلا تنبيهه له بالتوقف قبل اصطدامه بالقطار الآخر، كما قرر فايز فرج عوض عبدالنور، مدير عام التشغيل على الشبكة منطقة غرب الدلتا وآخرين من قيادات السكة الحديد أن إهمال المتهم وعدم إلتزامه بالوقوف وفقا للإشارات الضوئية وتقاعسه عن استخدام مكابح الطوارىء هو السبب الرئيسى للحادث.
وحول التقارير الفنية للحادث، قال ممثل النيابة: «وفقا لتقرير اللجنة المشكلة بمعرفة النيابة العامة وتفريغ ذاكرة جهاز التحكم الآلى للقطار، تبين أن المتهم لم يلتزم بتهدئة سرعة القطار تبعا لدلالات الاشارات الضوئية متجاهلا إياها حتى فوجئ بالقطار رقم 571 على مسافة تقارب 300 متر تقريبا، كما عطل استجابة نظام الرباط الآلى لإشارات التحكم بالقطار وكسر إشارات السيمافورات خلال الرحلة رغم تنبيهات مساعده له، أما المتهم الثاني محارب جلال خالد بيومى، ملاحظ بلوك أبيس، والمنسوب إليه التسبب في وقوع الحادث نتيجة عدم انتباهه لتوقف القطار رقم 571 بنطاق ملاحظته وعدم التصريح له بالسير رغم خلو مسيره فأنكر خطأه وقرر بتعطل السيمافور رقم واحد وهو ما لم يثبت صحته».
وأوضح ممثل النيابة أن أقوال مسؤولي السكة الحديد وتقرير اللجنة تؤكد عدم وجود أية أعطال وتفريغ التسجيلات الصوتية للمحادثات اللاسلكية بين المراقبة المركزية بالقبارى والبلوكات ثبت عدم علم المتهم بالقطارات التي مرت من نطاق البلوك المسؤول عنه، وهو ما يؤكد عدم تواجده بموقع عمله أو على أقل تقدير لم يكن منبها لمهام عمله، ولم يفتح السيمافور رقم «1 ن» ما تسبب في توقف القطار 571 لمدة 11 دقيقة ومن ثم وقوع الحادث، مشيرة إلى أن المتهم الثالث هشام عزيزى مصطفى، مساعد قائد القطار رقم 571، فقد تقاعس وتخاذل عن التواصل مع مراقبة الحركة أو بلوك أبيس بعد فوات المدة المقررة لائحيا وإخلاله الجسيم بواجبات وظيفته وإهماله في أداء مهام عمله المنصوص عليها في البند 409 من لائحة التشغيل للهيئة القومية لسكك حديد مصر، بينما تقاعس المتهم الرابع فرحات عبدالستار فرحات، قائد القطار رقم 571 هو الآخر عن الاتصال من الهاتف المصلحي مع مراقبة الحركة أو البلوك بعد فوات المقدة المقررة لائحيا، وإلقاء المسؤولية على المتهم الثالث.
وذكر ممثل النيابة أن المتهم الخامس على محمد على يوسف رئيس القطار 571 فقد تمثل خطأه في الإخلال الجسيم بواجبات وظيفته لعدم قيامه بالاتصال بقائد القطار أو الذهاب إليه فور توقف القطار لمعرفة أسباب التوقف والتأكد من اتخاذه الإجراءات المنصوص عليها لائحيا، مضيفا أن المتهمين الثالث والرابع والخامس لم يقوما بما تفرضه عليهما أصول وظيفتهما بل اختبأوا في جحور متوارية خشية البطش من أهالى الضحايا، أما المتهم السادس محمد محمد خليل الدكرورى، ناظر محطة مراقبة القبارى، فقد غفل عن متابعة انتظام حركة القطارات بنطاق مراقبته والتواصل مع الملاحظين والسائقين، حيث تلزمه اللوائح بمراقبة حركة السيمافورات وعدم ملاحظة مسير القطارات ومتابعة تأخر القطارات أرقام 11، 13، 571، والاتصال بسائقى تلك القطارات لمتابعة تحركاتهم.
وأثبت تقرير لجنة الفحص إهمال المتهمين في أداء عملهم وإخلالهم الجسيم بواجبات وظيفتهم على نحو ما سرد بشأن كل متهم، وهو ما أكده تحريات ضباط مباحث الإسكندرية حول الواقعة، فضلا عن تفريغ ذاكرة جهاز التحكم الآلى الخاص بالقطار رقم 13، وتفريغات التسجيلات الصوتية للمحادثات اللاسلكية التي تمت بين المراقبة المركزية بالقبارى والبلوكات.
واختتم ممثل النيابة مرافعته، قائلا: «هؤلاء المتهمون تعمدوا ارتكاب الخطأ متهاونين بأرواح مئات الآلاف ائتمنوهم عليها يوميا فكانت المأساة التي قصصناها، كانت المأساة التي أودت بحياة ثلاث وأربعين مسافر وأصابت ما يربو على المائة وست وتسعين شخص»، مضيفا: «نحن في مرحلة أمتنا المصرية استشرى الفساد في كافة مناحي الحياة فلا إيمان يعظ ولا ضمير يعظ فلنجتث بأيدينا بذور الفساد من المجتمع فقد حُملنا أمانة الحكم بالعدل لنضرب على أيدى المفسدين بيد من حديد ليكونوا عبرة لغيرهم علها تردعهم عن فتنة الشيطان ما وقفت أمام هيئتكم الموقرة إلا وقد ملئت ثقة في عدل حكمكم وسعة علمكم ورصانة تقديركم ورادعا لكل من استحل حرمات النفس والمال».
وقررت محكمة جنح الرمل ثان بالإسكندرية، تأجيل محاكمة المتهمين الستة في حادث تصادم قطاري خورشيد إلى جلسة 12 ديسمبر الجاري لسماع مرافعة المدعين بالحق المدني مع استمرار حبس المتهمين.