x

أيمن الجندي هل أخطأت شادية بقرار الاعتزال؟ أيمن الجندي الثلاثاء 05-12-2017 21:45


معروف أن شادية قد انسحبت من الحياة العامة، وقررت اعتزال الفن، فهل كان قرارها بالاعتزال خطأ أم صواباً؟، بصراحة أكبر: هل الفن مما يتوب المرء منه؟ أم أنها- بفنها الجميل المبدع- لم تفعل ما يستوجب منها أن تتوب؟.

■ ■ ■ ■

هل تريدون الحق أم ابن عمه؟، إننا لو كنا صادقين مع أنفسنا لاعترفنا أن هناك أنواعاً من الفن تتصادم- مهما فعلنا- مع تعاليم القرآن.

فن البالية مثلاً!، هل هناك ما هو أروع من ذلك التوافق العصبى العضلى، وتلك المرونة التى تبلغ آفاقاً فى الجسد البشرى يصعب تصور وجودها؟، برغم ذلك هل يشك عاقل أن بروز جسد الأنثى مخالف لتعاليم القرآن؟.

الرقص، وهو بالمناسبة فن محترم جداً لدى الشعوب الغربية المتحضرة، هل يجادل أحد أن التثنى وعرض مفاتن الأنثى يتعارض مباشرة مع تعاليم القرآن؟.

■ ■ ■ ■

عندما كنت- فى الصيف الماضى- أتجوّل فى متحف اللوفر، خزانة حضارة الغرب، فإننى اهتممت أن أسير حسب الترتيب الزمنى، فأشاهد لوحات ما قبل عصر النهضة، ثم روائع مايكل أنجلو ودافنشى، ثم فنون القرون المتتالية وصولاً إلى عصرنا الحالى، كان السؤال الذى كان يلح علىّ هو: لماذا لم تشهد عصور نهضة المسلمين نظيرا لتلك النهضة الفنية؟، لماذا انحصرت فنوننا فى الزخرفة ونقوش المساجد؟، هل السبب فى بعض الأحاديث التى حرّمت التصوير برغم أن القرآن لم يحرمه؟، أم أن الأمر أعمق من هذا؟ ويعود إلى أن جسد الأنثى هو الغواية لكل من أمسك ريشة، هذا الجسد الملهم، ذو الانحناءات المثيرة والتكوير البديع، فأدرك الفنانون المسلمون بالفطرة غواية هذه الانحناءات التى سوف تنتقل- لا محالة- من خيالهم إلى اللوحة فرأوا أنها تتعارض قطعاً مع تعاليم القرآن؟.

■ ■ ■ ■

نعود لشادية والسؤال الحائر: هل الفن مما يتوب المرء منه؟، إنك لو سألت أى فقيه معتبر عن حكم الفن لقال لك بكل بساطة إن الفن الحلال حلال والفن الحرام حرام. أى أنه سوف يردك إلى ضميرك لتقرر أنت بنفسك ما إذا كان حلالاً أم حراما؟.

وأنا حين أعود إلى ضميرى فإننى أقول إن من الواضح لكل من يقرأ القرآن ويفهم اللغة العربية أن الحشمة مطلوبة بذاتها، مؤكد على وجوبها فى تعاليم القرآن. تكفى تلك الآية الكريمة (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ). إذا كان الأمر والنهى وصل إلى خلجات النفوس وطريقة مشى الأنثى فهذا يدلنا على ما يوليه القرآن من عناية فائقة للحشمة وعدم إثارة الغرائز. فإذا أضفت لذلك الأمر القرآنى بالغض عن البصر أدركت على الفور أن كثيرا من الفن- شئنا أم أبينا- مما يتوب المرء منه إلا ما رحم ربك. ولا شك عندى أن أفلام شادية- على نظافتها ورقيّها- قد احتوت بعض المشاهد التى لا تتفق مع تعاليم القرآن.

■ ■ ■ ■

ولكن أعود فأقول إن الأمر- فى اعتقادى- ليس بهذا التضييق. لأن الله حين قرر الحلال والحرام أخبرنا أن الإنسان سيذنب لا محالة، وأن الذنوب منها الكبائر ومنها اللّمَم. وقد وعدنا بالمغفرة إذا اجتنبنا الكبائر (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ...)، فالله يعلم ضعفنا صوب غوايات الدنيا والله غفور رحيم. المهم ألا يختلط عندنا الحكم الشرعى وتبقى القواعد مستقرة ومحترمة. نعم عناق الممثل للممثلة حرام. نعم انكشاف ما أمر الله بستره من الجسد حرام. ولكن من منّـا لم يذنب؟، وربنا رب كريم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية