x

الدكتور أحمد الكحلاوى مؤسس فرقة الإنشاد الدينى لـ«المصري اليوم»: المدائح النبوية تحمل رسالة السلام فى مواجهة التطرف والإرهاب

الجمعة 01-12-2017 00:05 | كتب: محمد عبد الخالق مساهل |
الدكتور احمد الكحلاوي الدكتور احمد الكحلاوي تصوير : اخبار

«لجل النبى، عليك سلام الله، حب الرسول يابا دوبنى دوب، خليك مع الله»، وغيرها من المدائح النبوية المأثورة عن أبيه محمد الكحلاوى والأثيرة إلى قلبه وعقله ووجدانه، ظل يشدو ويصدح بها إلى جانب إبداعاته الرائعة فى فن الإنشاد والأغنية الدينية التى من بينها: نور النبى هل علينا، يا رسول الله يا سندى، صل يا رب وسلم على النبى طه السعيد، يا أبا الزهراء وجد الحسنين، قولوا ما بدالكم قولوا، صلوا على محمد، يا آل بيت النبى.

أكد الفنان الدكتور أحمد الكحلاوى، المنشد الدينى المعتمد فى الإذاعة والتليفزيون ومؤسس فرقة الإنشاد الدينى بوزارة الثقافة أن المدائح النبوية تلعب الدور الرئيسى فى تصحيح المفاهيم المغلوطة ومحاربة التطرف والإرهاب وإرساء القيم الأخلاقية. وشدد فى حواره لـ«المصرى اليوم» على أن هذا اللون الفنى بالغ الأهمية وأنه لا بد أن يركز على تعليم الناس سيرة الرسول وقيم التسامح والمثل العليا التى رسخها نبى الإسلام فى محطات حياته كلها.

■ كيف بدأت مشوارك المهنى فى فن المدائح النبوية والإنشاد الدينى؟

- لم أختر هذا الطريق، هو الذى اختارنى، مديح سيدنا النبى ليس حرفة يحترفها أحد، إنما هو اصطفاء وانتقاء وتأهيل، لقد غنيت كل الألوان الفنية، بدأت كورال مع أبى فى جميع أغانيه، وشربت الأغنية الدينية، ورضعت حبها من مهدها، ولكن بعد انتقال الوالد رحمه الله شعرت أنى عريان وظهرى مكشوف لأن شيخ المداحين الذى وعدنى أن يقدمنى ذهب، فخفت خوض مجال الأغنية الدينية، فقد كان هو الأصل وكنت أنا الفرع، هو فى المقدمة وأنا أتبعه وأمشى وراءه.

■ وما سر خوفك من مجال الأغنية الدينية بعد وفاة الوالد؟

- عندما انتقل الكحلاوى إلى دار الحق، خفت أن أقدم نفسى كأحمد الكحلاوى، فقد يقولون إنه يأخذ هذا اللون الفنى وراثة عن أبيه، وأنى أريد أن أبدأ من حيث بدأ الكحلاوى، كما خشيت أن يعقدوا مقارنة بينى وبين شيخ المداحين، فهجرت الغناء كله وهاجرت إلى أوروبا، ولكنى أخذت معى الأغانى البدوية والعاطفية ثم غنيت لجميع الملحنين على الساحة وقتئذ، محمد الموجى وسيد مكاوى وحلمى أمين وإبراهيم رأفت وعطية شرارة وصلاح عطية وعبدالمنعم البارودى وغيرهم.

■ وكيف بدأت الأغنية الدينية والإنشاد والمدائح؟

- كنت أغنى فى أوروبا جميع الألوان الفنية، ولكن عندما عدت إلى مصر قررت ألا أغنى شيئا وألا أنشد إلا لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا من فضل الله علىّ.

■ هل يلعب الإنشاد الدينى وخاصة المدائح النبوية التى تعدد الشمائل والمناقب المحمدية، دورا فى مكافحة الإرهاب والتطرف والتشدد؟

- أقسم بالله العظيم أنها تلعب الدور الأكبر، بل الدور الرئيسى لأن المدائح النبوية الوسطية الملتزمة التى لا تمدح خلقة الرسول، بل أخلاقه وسيرته وسريرته هى التى تعلم الناس، وأريد أن أقول إن هناك من يركز على مديح «الخلقة» ، ولكن المديح الحق هو أن تتوخى سنة الحبيب المصطفى، الراية البيضاء الوضاءة العالية التى نسأل فيها، والتى قال عنها «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا؛ كتاب الله وسنتى»، مع كل احترامى للخطاب الدينى، الناس ليس عندها قابلية لأن تسمع «افعل ولا تفعل» ولكنهم يتجاوبون مع عمل يستوفى عناصر المدح النبوى وفيه النص الغنى بالمعلومة الموثقة، أكثر الدعاة عندنا يستخدمون الترهيب وليس الترغيب، نريد أن نتكاتف جميعا فى البيت والمدرسة التى يجب أن تعيد حصص التعليم الدينى قوية وأن تكون مادة أساسية فيها نجاح ورسوب وتدخل فى المجموع ويجب أن تعيد الإذاعة والتليفزيون الأعمال الدرامية الهادفة، كانت تنقل حفلات ومدائح رائعة فى المولد النبوى وشهر رمضان، الذى يعج بمسلسلات العرى والجريمة والمخدرات والإدمان، وعلى الدولة دور كبير فى أن تزيد الجرعة الدينية فى المدارس وأن تهتم بالمسلسلات الدينية الاجتماعية الهادفة التى تعرض القيم، فعندما تشهد مسلسلا مثل «عمر بن عبدالعزيز» مثلا، تجده مفيدا ومليئا بالمعانى والقيم والمثل العليا.

■ كيف تسهم المدائح النبوية فى مواجهة «الإسلاموفوبيا» فى الغرب والتى تتجسد فى مهاجمة الإسلام فى شخص الرسول الكريم؟

- ليس هناك قلق من الخارج، القلق ممن فى الداخل، من يحملون صفة مسلم فى البطاقة، فالذى يسىء للرسول فى الخارج لو علم ما فعل، ومنهم من يقتنع ويتراجع ويعتذر بل يدخلون فى الدين أفواجا، ومن هنا يجب أن نعطيهم الفرصة كى يعلموا عن الله ورسوله، فبعد حادث الكاريكاتير المسىء فى الدنمارك، وقتها عملت «إلا رسول الله» وكانت وتناولتها بشكل أنا راض فيه عن نفسى، قلت فيها: «يا أمتى هذا ندائى فاسمعى، تجمعى، إياك أن تتصدعى، عيسى المسيح غاضبا يقول لا، موسى الكليم رافضا يقول لا، فبحد طه توقفوا، وإن جهلتم فاعرفوا قدر الرسول محمد فهو السلام وهو الإمام وهو الكمال ومنتهاه»، وتم ترجمة هذه الأغنية وتوزيعها على السفارات، فهى تعكس السلام والوئام رسالة الإسلام ونبى الإسلام.

■ إذن الغناء الدينى يساعد على تغيير تلك الصور النمطية المغلوطة؟

- نعم كان لهذه الأغنية تأثير كبير وسريع، فلا بد أن ترد الحجة بالحجة والدليل، وليس بالدم والهمجية وقلة الأدب وغيرها من الصفات الذميمة، فهم فى الخارج إذا علموا عملوا وانتهوا عن الإساءة واعتدلوا، أما عندما تنظر فى الداخل فتجد ما يؤسف له حقا، وآخرها الحادثة الأخيرة المريبة والتى تفقد المرء توازنه، فالقتلة يزعمون أن الضحايا الذين سفكوا دماءهم صوفية ومن قام بالفعل هم سلفية تكفيريون، ومن ثم ينخرط البسطاء فى قتالهم، ويعم الانقسام بين سنة وشيعة وتتحول إلى حرب طائفية مذهبية لا نهاية لها، ولكن إنسانا يقتل إنسانا يصلى فى المسجد، مثلما حدث قبل ذلك فى الكنيسة، كان هناك ناس تصلى، فهم لا دين ولا حياء وخسة، حسبى الله ونعم الوكيل.

■ وما نصيحتك لمداح النبى فى بداية مشواره؟

- أنصحه إلى جانب الاقتداء بسنة الرسول، أن يكون على علم وهو ما يتأتى من خلال إجادة عدة علوم، مثل علم اللغة العربية ومخارج الحروف وأحكام التجويد وعلم الموسيقى، وبهذا يكون مداحا حقيقيا على علم وعمل، ولكن عندما يكون مطربا عاطفيا وبنات ترقص وراءه فى الكليبات، ثم تجده فى مناسبة دينية يردد أدعية وأغانى للرسول، هل أنت تهرج، ألا تعلم قيمة من تمدحه؟ لكن للأسف الجهل الإعلامى الذى نشهده هو السبب، عندما تسمع رئيسة إذاعة تتفاخر بأنها هى أول من قدم هؤلاء النوع من المطربين الراقصين الذين يقدمون أدعية «تجنن» فى رمضان، فإنك لا تملك إلا العجب.

■ ماذا تعلمت من الكحلاوى الأب؟

- قل لى ما الذى لم تتعلمه من الكحلاوى، كان أبا وصديقا تنبع مصداقيته من القلب، لقد عشت محمد الكحلاوى بكل كلياته وتفاصيله، فهو بالنسبة لى المطرب والأب والأخ والصديق والأسوة والقدوة هو الذى حببنى فى سيدنا النبى، لذلك شعرت أنى اتكسرت بموته.

■ ما تقييمك للدور الذى تقوم به نقابة المنشدين فى تطوير الإنشاد الدينى والمدائح النبوية؟

- دور النقابة ضعيف فى الفن أساسا، والنقيب محمود التهامى رجل محترم مجتهد كتر ألف خيره، ولكن النقابة تحارب بدعوى أنها عمالية وليست مهنية، وقاموا بتأسيس شعبة داخل نقابة المهن الموسيقية تحت اسم شعبة الإنشاد الدينى، أنا معتمد من الإذاعة منذ سنة 1979 وخلع مجلس الوزراء على لقب «خبير وطنى» فى مجال الإنشاد الدينى، ورغم ذلك فأنا لست عضوا فى هذه الشعبة ولا أعرف عنها شيئا رغم أنى عضو فى نقابة الموسيقيين، والنقابة نفسها مستنزفة، أنا فى النهاية أريد نقيبا واعيا مهمته حماية المهنة والدفاع عنها، هل رأيت حضرتك الأغانى الهزلية والكلمات العبثية المسفة، أين النقابة من هذا؟ فنحن نسمع أصواتا تميت من الضحك بل تبكى من تهافتها، ومع ذلك تجد المذيع يجامله ويهز رأسه له ويقول مستحسنا الله الله، والأمر لا يعدو فى النهاية أن يكون مجاملة، يجب ترميم النقابات التى تحولت إلى دور شؤون اجتماعية، فأين دور نقابة الموسيقيين فى أزمة المطربين الذين يعانون من البطالة ولا يجدون عملا، وأين دورها فى امتحانات الإذاعة والتليفزيون، وشركات الأسطوانات والمصنفات والتربية والتعليم والتذوق الفنى.

■ ما وضع فرقة الإنشاد الدينى؟

- قمت بتأسيس أكبر فرقة للإنشاد الدينى فى الشرق وهى تابعة لوزارة الثقافة، ولكن تم حلها على يد أعداء النجاح بمجرد أن خرجت على المعاش سنة 2014، هذه الفرقة التى أعطيت لها عمرى وأمددتها بالتراث والعلم، لكن القائمين على وزارة الثقافة، الأبعد عن الثقافة، قاموا بتقليص الفرقة، فأرسلت لهم إنذارا رسميا على يد محضر يفيد بأنه ممنوع منعا باتا الغناء بألحانى وألحان أبى، بعد أن اكتشفت هذه الأمور غير المحترمة، كان عندى اقتراحات بصفتى «خبير وطنى» بقرار رئيس الوزراء من بينها تحويل الإنشاد الدينى إلى خطاب حيوى متحرك من خلال توزيعه فى أسطوانات إلى جانب إقامة حفلات نهارية للطلبة بهدف التوعية والتعليم.

■ ما موقع الإنشاد الدينى المصرى حاليا فى ساحة الإنشاد العربى؟

- ستظل مصر دائما بخير، فالإنشاد من مصر والقرآن قرئ فى مصر، فهى التى صدرت الإسلام والقرآن للدنيا، وهذه هى الحقيقة، والسوريون لهم فرق تعرض فنهم فى المدائح والإنشاد الدينى فأهلا وسهلا بهم، فكل من يمدح النبى بقلب صادق أهلا به، فهو فن وليس سبوبة.

■ من تحب أن تسمع دائما من جيل القدامى المخضرمين فى هذا المجال؟

- أحب الاستماع إلى الجيل كله فمن المشايخ اسمع من الجيل القديم الفيومى والفشنى وعلى محمود والطوخى، وفى العصر الذى عاصرته أحب الاستماع للشيخ عمران والهلباوى والشيخ ممدوح عبدالجليل، لكن بعد الكحلاوى لأنه كان المتخصص الوحيد، أم كلثوم كان لها أغان دينية على عينى وعلى رأسى أحسن من الدنيا لكنها لم تكن متخصصة، بينما كان الكحلاوى المتخصص الوحيد فى الغناء والإنشاد الدينى والمدائح النبوية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية