أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأربعاء، أن مصر واجهت خلال السنوات الماضية حربا مكتملة الأركان تسعى إلى هدم الدولة واستنزاف جهودها للحيلولة دون استقرار الوطن وازدهاره، مشيرا إلى أن تلك الحرب تقودها فئة تتوهم بأن الشعب المصري سيتوقف عن المضي قدما في مسيرة البناء والتنمية.
جاء ذلك خلال كلمته في الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف الذي تقيمه وزارة الأوقاف، حيث طلب من الحضور الوقوف دقيقة حدادا على أرواح شهداء الوطن الطاهر.
وقال السيسي: «تأتي ذكرى مولد نبي الرحمة هذا العام بعد أيام قليلة من حادث أليم أدمي قلوبنا وأصاب العالم كله بالصدمة، حادث إرهابي جبان استهدف أبرياء مصلين داخل أحد بيوت الله، حادث اقترفته أيدى مجرمين تجردوا من أدنى معاني الإنسانية، ومن أية صفات للرحمة من التي نادي بها رسولنا الكريم نبي الرحمة، وإننا إذ نحيي معا الذكرى العطرة لنبينا العظيم وندعو المولى عز وجل أن يعيد هذه المناسبة على الشعب المصري والأمتين العربية والإسلامية بالخير واليمن والبركات».
وأضاف: «نتساءل في الوقت ذاته كيف لمن يدعون اتباعهم لنهج الرسول الكريم أن يقترفوا مثل هذه الجرائم البشعة، كيف لمن يدعون انتماءهم لدين الإسلام الذي يحث على التراحم ونشر التسامح أن ينشروا الفساد في الأرض بأي منطق إنساني يحلل البعض لأنفسهم قتل الأطفال والشيوخ والأبرياء وحرمانهم من حقهم في الحياة».
وأكد الرئيس أن «مصر تواجه خلال الأعوام الماضية حربا مكتملة الأركان تسعى إلى هدم الدولة واستنزاف جهودها للحيلولة دون استقرار هذا الوطن وازدهاره، حرب تقودها فئة تتوهم أن الشعب المصري سيتوقف عن المضي في مسيرة البناء والتنمية، وتدعم تلك الفئة الباغية قوة خارجية تمدها بالسلاح والأموال والعناصر الإرهابية، سعيا من تلك القوى بفرض هيمنتها على المنطقة وإثناء مصر عن القيام بدورها الإقليمي الذي لا يهدف سوى لترسيخ الأمن والاستقرار وتسوية ما يشهده الشرق الأوسط من أزمات ..بهدف أساسي وهو إنهاء المعاناة الإنسانية التي أنهكت شعوب المنطقة وإفساح المجال لتحقيق تنمية حقيقة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا».
وتابع: «اسمحو لي أن أتوقف أمام المقدمة التي تناولتها، أنتم جميعا في نظري تمثلون كتائب النور التي وجب عليها صراحة أن تنزع الظلام الذي نراه اليوم».
وأكد الرئيس أن «هذه الأفكار المتطرفة الشيطانية لن تسود ولكنها تهدم الأمم وتعرقل مسيرة الدول إذا لم يتم مواجهتها والسيطرة عليها»، مضيفا: «لا تستطيع أمم أن تصمد وتنجح وتنمو وتتقدم بهذه الأفكار، فمن يوضح ذلك، نحن لا نتحدث أبدا عن أننا نشوه أو نضيع دين، من يفهم ذلك فهي مشكلة كبيرة، وأنا تحدثت عن هذا الأمر قبل ذلك ثلاث مرات في هذه القاعة، إذا كان أحد فيكم يتصور أننا نتحدث عن الإساءة للدين فهو أمر صعب، يا ترى ما شكل الإسلام والمسلمين في العالم الآن، الناس كلها خايفة ومفزوعة مننا، بغض النظر عن الأسباب، إننا يمكن أن ندخل في نقاش كبير عن هذا الموضوع وأسبابه ومن يدعو له ومن يدعمه، لكن في الآخر إننا الأدوات التي يتم استخدامها لتدمير دولنا».
وأردف السيسي، قائلا: «إنه خلال السنوات الخمسين الماضية كانت تأتي ضربة كل خمس سنوات وتم اتخاذ إجراءات أمنية شديدة وبذل جهود ضخمة يستنزف فيها الاقتصاد»، موضحا أنه «يتحدث هنا عن بلادنا مصر»، ووجه الرئيس حديثه للأئمة والعلماء قائلا«أنا لا أتحدث إليكم لنقنع المتطرفين ولكن حتى تحافظوا على المعتدلين، أتحدث إليكم لكي تحافظوا على الشعب المصري وشبابه وشاباته حتى لا يتأثروا بهذه الأفكار».
وتابع: «هذه الأفكار المتطرفة لا تقود شعوبا، ولا أمما ولا حضارات، نحن نتحدث عن 12 دولة عانت سنينا طويلة من هذا الأمر، انظروا إلى ما حدث في أفغانستان وباكستان، وما رأيكم فيما يحدث في العراق وسوريا وما حال الصومال اليوم، وما الموقف في ليبيا، ونتساءل متى ستعود هذه الدول»، مضيفا: «المطلوب لإعمار سوريا على الأقل 250 مليار دولار، من كان يستيطع أن يقوم بهذه المهمة ويدمر هذه الدولة بهذا الشكل، لا يوجد أي جيوش في العالم تقدر أن تفعل ذلك».
وأضاف الرئيس: «أنتم معنيون بالحفاظ على بلادنا، بل والمجتمع كله معني بالحفاظ على الأمن الاستقرار، فلدينا 100 مليون نسمة في مصر، إن الأمن والاستقرار لا يأتي أبدا بالجيش والشرطة فقط، لكن بالمجتمع كله فهو من يقوم بهذا الدور».
وتابع: «ولذلك كان لزاما على الدولة المصرية ومؤسساتها أن تتحرك على عدة محاور في آن واحد لتواجه تلك المخططات بكل حزم وقوة، فعلى الصعيد الأمني تحرص الدولة على التصدي لكل من تسول له نفسه أن يهدد أمنها واستقرارها، تتخذ ما يلزم من إجراءات للدفاع عن نفسها، تطور قواتها المسلحة، تحمي حدودها، وتثأر لأبنائها، أؤكد هنا مرة أخرى أن دماء شهدائنا لن تذهب سدى، واسمحوا لي إني أنتهز الفرصة دي وألزم الفريق محمد فريد حجازي قدامكم وقدام شعب مصر كله، أنت مسؤول خلال 3 شهور عن استعادة الأمن والاستقرار في سيناء، أنت ووزارة الداخلية، خلال 3 شهور تستعيد مصر بفضل الله سبحانه وتعالى وجهدكم وتضحياتكم أنتم والشرطة المدنية، تستعيد الاستقرار والأمن في سيناء، وتستخدم كل القوة الغاشمة.. كل القوة الغاشمة».
وأكد الرئيس أن رجال القوات المسلحة والشرطة عازمون على مواصلة الحرب على الإرهاب حتى اقتلاعه من جذوره، وواثقون في أن الله سينصرنا بإذنه تعالى، كما أن الدولة تدرك أن تحقيق تقدم ملموس على صعيد التنمية الاقتصادية يعد أحد المحاور الهامة التي تقضي على البيئة الخصبة لنمو التطرف والإرهاب، والمساعدة في مكافحته«.
وفي كلمته، ذكر الرئيس السيسي أن«الحكومة سعت لتحقيق نهضة حقيقية فتبنت خطة لإصلاح المشكلات التي طالما عاني منها الاقتصاد المصري، خطة نهدف من خلالها إلى تحقيق معدلات نمو مرتفعة وإنشاء بنية تحتية متطورة تنقل مصر من حال إلى حال أفضل وبحيث تحقق تنمية مستدامة تتوفر فيها فرص العمل للشباب، وتحقق مستوى معيشة كريمة للمواطنين وينعمون فيها بخدمات عامة متميزة مثل التعليم العصري المتطور والرعاية الصحية اللائقة»، مضيفا: «شوفوا أنا عايز أقولكم على حاجة، الجهود التي تبذلها الدولة هي جهود علمية ومخلصة وأمينة لا تهدف إلا لإعادة بناء الدولة وتحقيق الاستقرار فيها والازدهار لأهلها، وأقول هذا الكلام لكم لأن الدنيا لم تتحسن حتى الآن، وخلوا بالكم أن الأمور التي تتراجع في سنين طويلة وتتأزم تنصلح في سنين طويلة، العدل يقول ذلك، مش معقول هيحصل تراجع في عشر سنوات ونستطيع حل المسألة في سنة واحدة، على الرغم من أننا نبذل أقصى جهد والله يشهد على ذلك، حتي نستطيع اختصار الزمان وتحقيق ما نرغبه، ودون مبالغة أقول لكل المصريين إحنا شايفين بفضل الله سبحانه وتعالي النتائج التي تتحقق، ونحن نتكلم معكم بكل وضوح وشفافية، ما يتحقق كثير جدا جدا جدا وعظيم جدا جدا في ظل الظروف التي نعيشها الآن».
وأضاف: «أن الدولة تحارب وعشان تحارب لمدة 4 سنوات حتى الآن، ولتكون حركة ومعدلات التنمية فيها بهذا الشكل الآن، أود أن أقول لكم كيف يتم ذلك، وأرجو أن تتوقفوا أمام هذا الكلام الذي سأقوله، فاليوم هذا الجهد وحشد القوة الأمنية سواء لوزارة الداخلية أو القوات المسلحة، أليست الحرب تكلفة على الدولة المصرية، كان طبيعي أننا في تلك المرحلة أن نحشد كل جهودنا لصالح تلك المعركة فقط، ولكننا تحركنا لدرجة أن الناس تصورت أنه لا يوجد حرب، نحن نعمل على الأرض كأن مفيش حرب، ولم نحملكم بقدر الإمكان سوى المساويء التي تروها مثل ما حدث في مسجد الروضة، سوف نجعل مدينة بئر العبدبفضل الله مدينة يشار لها بالبنان، فإذا كان لدينا مروءة يا أهل المروءة يا مصريين، هل سنسمح لأحد يعمل كده في أهلنا وناسنا».
وقال السيسي: «السيدات والسادة لا يخفى عليكم أن بناء الإنسان وتنوير العقول وتحصينها من الأفكار الظلامية الهدامة لا يقل أهمية عن المحورين السابق ذكرهما إن لم يكن الأهم على الإطلاق، ومن هنا جاءت دعوتي لتجديد الخطاب الديني سعيا لتنقيته من الأفكار المغلوطة التي يستغلها البعض لتضليل أبنائنا وأجتذابهم إلى طريق الظلام والتدمير، وأقول لكم بكل صراحة ووضوح إن عملية تنوير العقول وتطوير وترسيخ المفاهيم الثقافية والاجتماعية اللازمة لحماية أبنائنا من الأفكار المتطرفة لا يمكن أن تقودها مؤسسة واحدة أو حتى الدولة بمفردها، بل تتطلب عملا جماعيا تشترك فيه الدولة بمختلف مؤسساتها مع المجتمع بشتى مكوناته مثقفيه وكتابه ونابغيه في جميع القطاعات، وأنني من هنا وفي هذه المناسبة أدعوكم جميعا إلى التكاتف من أجل بناء الإنسان والفرد، أدعو كل أم وكل أب أن يحافظوا على أبنائهم من سعي كل غادر لاستغلالهم كوقود للإرهاب والكراهية، أدعو كل شابة وشابة أن يتسلحوا بالعلم وقيم التعايش وقبول الآخر وأن يواجهوا بها أرباب الجهل وكارهي الحياة، وأدعو رجال الدين ومفكريه إلى مزيد من العمل على نشر قيم التسامح والرحمة والاستنارة».
واختتم الرئيس كلمته، قائلا: «أبناء الشعب المصري العظيم في الختام وفي هذه المناسبة الطيبة دعونا نقتدي بنبي الرحمة المهداة الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق ويجعل من هذه الذكرى نورا يضئ لنا طريقنا ويثبت قلوبنا على طريق الحق والخير والبناء، وكونوا واثقين مثلما أثق أن الله لا يضيع أجر من أحسن عمله وأن مصر ستنتصر وستعلو رايتها وستتحقق آمال شعبها في المستقبل القريب الذي يرجونه بإذن الله ومشيئته، أشكركم وكل عام وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».