ترأس المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، وفد مصر في المؤتمر الوزاري لمنتدي الدول المصدرة للغاز ببوليفيا، بحضور وزراء البترول والطاقة للدول الاثنى عشرة الأعضاء لمناقشة التطورات التي تشهدها أسواق الغاز العالمية.
كما قام الوزير بإلقاء كلمة مصر نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي في قمة الغاز الرابعة للدول الأعضاء التي اعقبت الموتمر الوزاري بحضور الرئيس ايفو موراليس رئيس دولة بوليفيا ورئيسا فنزويلا وغينيا الاستوائية ورؤساء حكومات ووزراء الدول الأعضاء لمنتدى الدول المصدرة للغاز.
ونقل بيان لوزارة البترول اليوم عن الملا قوله «إن الطاقة من العناصر الهامة لتحقيق التنمية المستدامة، وأن إمداداتها تشكل عاملاً أساسياً في دفع عملية الإنتاج وتحقيق الاستقرار والنمو، مما يوفر فرص العمل ويعمل على تحسين مستويات المعيشة والحد من الفقر.
وأوضح أن «إعلان جوهانسبرج بشأن التنمية المستدامة» الذي عقد في عام 2002 أكد أهمية اتخاذ إجراءات مشتركة تهدف إلى تحسين الجهود الرامية للتعاون على جميع المستويات، بالإضافة إلى تسهيل الوصول إلى خدمات الطاقة التي يمكن الاعتماد عليها وبأسعار معقولة لغرض التنمية المستدامة والمساهمة في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، وأن توفير الطاقة بما يتلاءم مع معدلات التنمية، خاصة مع تزايد الطلب على الطاقة وتقلبات أسواق الزيت والغاز العالمية، يعد من التحديات التي تواجه جميع دول العالم، وأن الغاز الطبيعى يلعب دوراً مهماً في مواجهة هذه التحديات وتحقيق التنمية المستدامة المنشودة.
وأشاد بما يقوم به المنتدى من دور فعال في تحقيق التنمية المستدامة لموارد الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى دعم وتعزيز المصالح المتبادلة للدول الأعضاء من خلال وضع سياسات واستراتيجيات مناسبة تهدف إلى تحقيق أقصى قدر من المنافع الاقتصادية لموارد تلك الدول من الغاز الطبيعي مع الحفاظ على حقوق الأجيال الحالية والمقبلة.
وأشار إلى أن صناعة الغاز تتميز بأنها صناعة فريدة ترتبط أنشطتها المختلفة معا كحلقة واحدة يعتمد كل منها على الآخر، لذا فمن الضروري العمل على التخطيط السليم ووضع استراتيجية متكاملة تضم كل تلك الأنشطة بما يساهم في تعظيم القيمة المضافة، موضحاً أن مشروعات الغاز أصبحت تتسم بتزايد التكاليف، مع عدم وضوح الرؤية المستقبلية لأسعار الغاز، الأمر الذي يتطلب تكثيف التعاون بين دولنا ودراسة المشروعات المشتركة بما يحقق مصالح الدول وشعوبها.
وأضاف أن هذا العصر يتسم بثورة في الاتصالات وتشابك المصالح، وأصبح من الصعوبة أن نعيش بمعزل عن باقي دول العالم أو نعمل لتحقيق مصالح دولنا المنتجة أو المصدرة فقط دون أخذ احتياجات الدول المستهلكة في الاعتبار، لذا ينبغي علينا أن ندعم التعاون والتنسيق بين الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة بما يحقق الاستقرار للأسواق العالمية.
وأشار إلى أن مصر تمر بمرحلة دقيقة من تاريخها تتطلع فيها إلى إقامة دولة حديثة قائمة على العدالة الاجتماعية، تنقل شعبها إلى آفاق أرحب من التنمية ورخاء المعيشة، وهي بالفعل تمتلك من الموارد والثروات الطبيعية والبشرية ما يمكنها من تحقيق تلك الطموحات المنشودة، مشيراً إلى أن الاقتصاد المصري واجه عدة تحديات خلال السنوات الأخيرة، ومن أهمها تلك المتعلقة بضرورة تشجيع المزيد من الاستثمارات في مجال البحث والاستكشاف والإسراع بمعدلات تنمية الاكتشافات الجديدة لزيادة الإنتاج اللازم لمقابلة الطلب المتزايد على الطاقة- والذى يفوق معدلات نمو السكان- بما يساهم في تحقيق الخطط الطموحة للدولة.
وسعياً للتعامل مع تلك التحديات، بدأت مصر في تنفيذ برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي يهدف إلى تحقيق اقتصاد سوق منضبط وتوفير فرص عمل لائقة، كما يستهدف خفض معدلات البطالة والفقر وزيادة معدلات النمو بنسبة تزيد على 6% في السنوات القادمة، حيث تم تحرير سعر الصرف على نحو كامل، وإعادة هيكلة دعم الطاقة، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، هذا بالإضافة إلى العمل على جذب مزيد من الاستثمارات من خلال عدد من الإجراءات الجادة، والتي شملت إصدار قانون الاستثمار الموحد، وتقديم المزيد من الحوافز لتنمية ودعم الاستثمار المحلى والأجنبي، والتوسع في ضمانات الاستثمار وقوانين التراخيص الصناعية، كما سعت الدولة إلى تنفيذ العديد من المشروعات العملاقة ذات العائد الكبير والفرص الاستثمارية الضخمة، وعلى رأسها مشروعات تنمية محور قناة السويس، وتنمية وإنشاء عدد من المناطق الصناعية في مختلف أنحاء مصر، وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة.
ومن خلال اتخاذ هذه الاصلاحات والإجراءات أمكن تغيير مسار الاقتصاد ليصل إلى معدل نمو بلغ نحو4.3% في يوليو الماضي، مع ارتفاع حجم الاحتياطي الأجنبي إلى أكثر من 36 مليار دولار، للمرة الأولى منذ عام 2011، وبالاضافة إلى ذلك تهدف الاستراتيجية المستقبلية لمصر بحلول عام 2030، إلى أن يصبح قطاع الطاقة قادراً على تلبية كافة متطلبات التنمية الوطنية المستدامة من موارد الطاقة وتعظيم كفاءة الاستفادة من مصادرها المتنوعة (تقليدية ومتجدّدة) بما يؤدي إلى المساهمة الفعالة في دفع الاقتصاد والتنافسية الوطنية والعدالة الاجتماعية والحفاظ على البيئة.
كما تم إصدار قانون جديد لتنظيم أنشطة سوق الغاز، والذي يعد إحدى الخطوات الرئيسية نحو إعادة تنظيم سوق الغاز في مصر بصورة تدريجية، ويعمل على جذب استثمارات القطاع الخاص للدخول في سوق تجارة وتخزين وبيع وتوريد وتوزيع الغاز الطبيعي مباشرة للمستهلكين، ويمثل هذا القانون أحد المحاور المهمة في استراتيجية مصر للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة، وذلك أخذاً في الاعتبار الاكتشافات الكبيرة التي تمت مؤخراً لحقول الغاز الطبيعي في البحر المتوسط وشمال الدلتا وبدء إنتاج هذه الحقول، ومضيّ مصر قدماً على طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز والبدء في التصدير، ويأتى ذلك من خلال استراتيجية متكاملة تتضمن مجموعة من الإجراءات والإصلاحات التي تم البدء في تنفيذها بالفعل، لزيادة إنتاج الزيت الخام والغاز الطبيعى من خلال تكثيف أنشطة البحث والاستكشاف، وسرعة وضع الاكتشافات الجديدة على خريطة الإنتاج ورفع كفاءة الحقول القائمة بالفعل.
وقد أتت هذه الجهود ثمارها من خلال تحقيق مجموعة من النجاحات آخرها اكتشاف حقل ظهر بالمياه المصرية بالبحر المتوسط، وهو أحد أكبر حقول الغاز الطبيعي في العالم، حيث تُقدر احتياطات الحقل بنحو 30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى، وتستعد مصر حاليا لاستقبال انتاج المرحلة الأولى من الغاز لحقل ظهر، حيث سيصل الإنتاج إلى 2.7 مليار قدم مكعب/يوم في نهاية عام 2019 مع نهاية مرحلة الوصول للإنتاج الكلى للمشروع.
وفي ختام كلمته وجه الشكر إلى رئيس دولة بوليفيا على استضافة هذه القمة ولسكرتارية المنتدى على الجهود التي قاموا بها للإعداد لهذا الحدث المهم.