شهدت إحدى قاعات البرلمان البريطاني حفل إصدار أحدث كتب الإعلامي عبد اللطيف المناوي، العضو المنتدب لجريدة «المصري اليوم»، الذي حمل عنوان «الأقباط: تحقيق في الصدع بين المسلمين والمسيحيين في مصر»، والذي صدر عن «دار جلجامش» باللغة الإنجليزية تحت عنوان«The Copts, the rifts between the Muslims and Christians in Egypt».
واستضاف الحفل عضو مجلس العموم البريطاني دانيل كاويزنسكي، وحضره عدداً من السياسيين والإعلاميين البريطانيين والمهتمين بالشأن المصري.
ورحب «كاويزنسكي» في كلمته بالحضور، وأثنى على الكتاب باعتباره وثيقة مهمة لمن أراد فهم الموضوع، موضحاً أن «المناوي» تميز في كتابه بالموضوعية الواضحة في تناوله لوضع الأقباط في مصر.
وأكد «كاويزنسكي» اهتمام بريطانيا بمصر باعتبارها عنصر الاستقرار في المنطقة، معتبراً العلاقات معها تاريخية واستراتيجية، وحاثّاً على ضرورة فهم الأوضاع في مصر والدفع باتجاه علاقات صحية ومتطورة بين البلدين.
يذكر أنه سبق لـ«المناوي» أن قدم كتاباً آخر له بالإنجليزية «التحرير: آخر 18 يومًا في حكم مبارك»، قدم خلال الحفل استعراضاً لأهم ملامح الكتاب.
وأشار «المناوي» إلى أن المشكلة بين المسلمين والمسيحيين في مصر هي مشكلة ثقافة مجتمع أكثر منها مشكلة أمنية أو سياسية، وأن ما يبدو أنه مشكلة طائفية بدأت في الأساس عندما تخلت الدولة في مراحل مختلفة عن القيام بدورها فتركت فراغاً ملأته الجماعات المختلفة على الطرفين المسلم والمسيحي، فتمددت الجماعات الإسلامية المختلفة في هذا الفراغ وتمدد دور المؤسسة الدينية القبطية لتملأ هي الأخرى ـ في المقابل ـ الفراغ الذي شعر به المسيحيون، وتنافس كل طرف في جذب أتباعه.
وسبق لـ«المناوي» أن قدم كتاباً آخر عن الأقباط، صدر في ثلاث طبعات بالعربية حمل عنوان «الأقباط، الكنيسة أم الوطن»، تناول فيه جذور الأزمة الطائفية في مصر، وبدء تصاعدها في السبعينيات، وانتهاء بالسنوات الأخيرة في حكم رئيس مصر الأسبق حسني مبارك.
وأوضح «المناوي» في كلمته أن «حل هذه المشكلة يبدأ بحضور مؤسسات دولة قوية قادرة على القيام بدورها تجاه مواطنيها»، موضحاً أن المشكلة الثقافية التي بدأت مع بداية الهجرة للعمل في الخليج وتغير النمط الثقافي المصري، والتحالف الذي حدث بين النظام وتيار الإسلام السياسي، كانت كلها عوامل مهمة في تغيير ثقافة المجتمع.
وسبق أن التقى البابا شنودة، البطريرك الثالث للكنيسة المصرية، مرات عديدة وأجرى معه عدة مقابلات صحافية وتلفزيونية وضعت في أوانها حداً لفتن طائفية، لا سيما عامي 2010 و2011، كما كان طوال حياته المهنية في الصحافة والإعلام على اتصال دائم مع قادة المجتمع القبطي في مصر، ما جعله يكوّن نظرة خاصة بشأن تطورات الأزمات المختلفة التي تتكشف في شوارع مصر نتيجة للمواجهة بين الدين والسياسة.
وأكد «المناوي» أن حل هذا الوضع لن يحدث إلا بتأسيس وتمكين دولة القانون وإعلاء المواطنة كعنصر وحيد حاكم لكل المصريين، مشيراً إلى أنه سيغطي تطورات هذا الموضوع في طبعات تالية خاصة مع تطور علاقة الدولة بالأقباط بعد ثورة الثلاثين من يونيو.
وألمح «المناوي» إلى أهمية انتقال روية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المتفتحة للعلاقة بين المسلمين والأقباط إلى مستويات الدولة التنفيذية الأخرى، حيث أن هناك بعض العاملين في بعض المستويات التنفيذية يمارسون بأساليب سلفية متشددة عكس ما يحتويه الدستور والعديد من القوانين الأكثر تطوراً، وشهدت قاعة البرلمان البريطاني، بعد عرض «المناوي»، حلقة نقاش بين الحضور والمؤلف امتدت حوالي ساعتين حول الأبعاد المختلقة للأوضاع في مصر.
وأشار «كاويزنسكي» إلى أن هناك نقاشاً يدور في الأوساط السياسية البريطانية هذه الأيام حول ما إذا كان على بريطانيا أن تعتذر عّن عدوان 1956 أثناء حرب السويس، ولفت «المناوي» إلى أن تغيير الموقف البريطاني من منع الطيران لشرم الشيخ سوف يكون له اثر كبير في تطوير العلاقة بين البلدين.
ويقدم «المناوي» في كتابه الجديد بحثًا في أسباب وجذور الخلافات بين المسلمين والمسيحيين في مصر، موضحًا أن النظام المصري منذ تولي الرئيس الراحل، جمال عبدالناصر، الحكم استخدم استراتيجية ثابتة في التقليل من شأن الحوادث الطائفية والتأكيد على الوحدة الوطنية بين جميع المصريين، رغم وقوع حوادث عنف، ويشرح «المناوي» الذي شغل عدداً من المناصب الإعلامية في مؤسسات إعلامية عربية ومصرية خاصة ورسمية، في كتابه «الأقباط» كيف أصبحت المسيحية متجذرة بعمق في مصر، ما أدى إلى علاقة غير مستقرة بين الديانتين، مسلطاً الضوء على الملامح الرئيسية للكنيسة القبطية التي تختلف عن أختها الغربية، وكيف استحوذت بعض حالات التحويل من دين إلى آخر على اهتمام العالم بأسره بسبب رد فعل المجتمع تجاههم.
ويعرض الكتاب تقارير لم تُنشر من قبل عن المواجهات المباشرة بين البابا شنودة والرئيسين الأسبقين أنور السادات وحسني مبارك، موضحًا أن موت السادات أسفر عن علاقة جديدة بين مبارك والكنيسة، كما يقدم معلومات مفصلة عن كيفية التوصل إلى قرار حول خلافة البابا شنودة، كاشفاً أيضًا عن الدور الذي لعبته الكنيسة القبطية في أحداث 25 يناير.