عقد رئيس الوزراء اللبنانى المستقيل، سعد الحريرى، اجتماعات مكثفة، الأحد، فى باريس مع عدد من السياسيين المقربين منه، لوضع خطوات مرحلة ما بعد استقالته المفاجئة التى أعلنها من الرياض، لتحديد موقفه النهائى قبيل عودته المرتقبة إلى بيروت، وذكرت صحيفة «الجمهورية» اللبنانية أن الاجتماعات ستستمر اليوم، لوضع العناوين العريضة التى على أساسها سيعلن الحريرى موقفه من الاستقالة عند وصوله إلى بيروت، الأربعاء المقبل، فيما تواصل توافد عائلة الحريرى إلى باريس، حيث وصلت، عمته النائبة بهية الحريرى مع نجلها أمين عام تيار المستقبل، أحمد الحريرى، للاطمئنان على رئيس الحكومة المستقيل.
وذكرت صحيفة «المستقبل» اللبنانية، أن بيروت وعددا من المناطق اللبنانية، تستعد لإقامة استقبال شعبى حاشد للحريرى عند عودته إلى لبنان، وذكر موقع «لبنان 24»، أن الحريرى سيزور مصر والكويت قبل توجهه إلى بيروت الأربعاء المقبل، لحضور الاحتفالات بعيد الاستقلال.
بدوره، كثفت باريس من تحركاتها لإنهاء الأزمة اللبنانية، وذكر قصر الرئاسة الفرنسى «الإليزيه»، أن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، أجرى محادثات هاتفية، مساء السبت، مع نظرائه المصرى، عبد الفتاح السيسى، واللبنانى ميشال عون والأمريكى دونالد ترامب، ومع ولى العهد السعودى، الأمير محمد بن سلمان، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش.
وأضاف الإليزيه أن ماكرون تطرق مع الزعماء إلى الوضع فى الشرق الأوسط وسبل التهدئة فى المنطقة وبناء السلام، وأنه سيواصل هذه الاتصالات مع قادة دوليين آخرين فى الأيام المقبلة، فيما ذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، أن ترامب وماكرون اتفقا على ضرورة العمل مع الحلفاء لمواجهة أنشطة «حزب الله» وإيران المزعزعة للاستقرار فى المنطقة. وذكرت مصادر بالرئاسة الفرنسية أن اتصالات ماكرون المباشرة بقادة المنطقة، هدفت إلى استقرار وحماية أمن لبنان، وحرص ماكرون على ضرورة النأى بلبنان عن أزمات المنطقة، وأضافت أن فرنسا تريد تهدئة التوترات فى المنطقة، وهذا يدخل فى اعتبارات ماكرون عندما يصر على استقرار لبنان وأمنه، وأشارت المصادر إلى أن الحوار المباشر بين ماكرون والأمير محمد بن سلمان، أتاح للرئيس اتخاذ مبادرات لتخفيف التوتر وللتهدئة فى المنطقة، وذكرت أن باريس لا تعتبر أن دورها قد انتهى عند هذا الحد، لكنها تتطلع للتفاهم مع المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين للدعوة إلى اجتماع لـ«مجموعة الدعم الدولية للبنان»، والأرجح على مستوى وزراء الخارجية.
ووضعت وسائل الإعلام اللبنانية سيناريوهات لما بعد عودة الحريرى إلى بيروت، وذكرت مصادر مطلعة لموقع «لبنان 24» أن خارطة طريق الخروج من الأزمة غامضة حتى الآن، فتسوية عدول الحريرى عن استقالته أو إعادة تكليفه من جديد تنص على ضرورة تحييد لبنان عما يجرى فى سوريا واليمن وعن الصراع الإيرانى- السعودى والإيرانى- الأمريكى، وعليه فإن إمكانية استمرار التسوية الرئاسية- الحكومية سيكون رهنا لما سماه الحريرى من الرياض التزام المكونات كافة بالنأى بالنفس عما يجرى فى الإقليم، وعدم تدخل «حزب الله» فى اليمن، وأضافت أن الأزمة لن تنتهى بعودة الحريرى إلى بيروت، وربما تذهب التسوية نحو التجميد، مع بقاء الحريرى على رأس حكومة تصريف أعمال حتى الانتخابات النيابية المقررة فى مايو المقبل، وهذا يعنى دخول لبنان فى أزمة مراوحة سياسية طويلة فى انتظار وضوح المشهد فى المنطقة على ضوء تطوراتها الميدانية والتفاهمات الدولية بشأنه.