مقهى أرابيسك هو المقهى الأشهر فى مونتريال.. تلقينا دعوة من أحد العلماء المصريين للسهر هناك، وتناول المشروبات المصرية وتدخين الشيشة.. المقهى فى قلب المدينة، حيث النشاط التجارى ومقار الجامعات الكبرى.. لافتة كبيرة تحمل اسم المقهى أسفل صورة رجل يدخن الشيشة.. المقهى فى الدور الثانى.. وبعكس العواصم الأوروبية، فإن تدخين الشيشة مسموح به هنا فى الأماكن المغلقة.
ما إن دخلنا من باب المقهى حتى لفتت انتباهنا لافتتان بارزتان للغاية فى الواجهة: الأولى لوحة مصر 25 يناير وهى مماثلة للوحات الموجودة على معظم السيارات الآن، وإلى جوارها مباشرة إعلان آخر لصورة راقصة لبنانية اسمها ستيفانى، وأسفلها معلومات عن حفلها الأسبوعى فى المقهى مساء كل خميس، ابتداء من التاسعة والنصف مساءً بصحبة فرقة موسيقية.
«جمعة سالم» صاحب المحل، عندما علم بوجودنا بصحبة العالم المصرى مراد الجمل، أستاذ النانوتكنولوجى فى جامعة ماكجيل جاء لتحيتنا.. وطلب لنا «سحلب» على حساب المقهى بعيداً عن الطلبات التى كنا قد شربناها بالفعل.
«جمعة» مولود فى العباسية وحاصل على بكالوريوس تجارة، وفى نهاية الثمانينيات سعى للحصول على عمل فى الخارج، وقبيل سفره للمملكة العربية السعودية سمع أن السفارة الكندية تقبل طلبات الهجرة من المصريين، فوقف فى طابور طويل، وسلم الموظف المسؤول طلبه ولم يكن يتوقع قبوله. الأمور تغيرت مع «جمعة» رغم تأكيده لنا أن العمل والمعيشة فى مصر أفضل، وهو يمتلك هذا المقهى منذ عشر سنوات تقريباً، وهو الأشهر الآن فى مونتريال.. وعندما استقرت الأمور فتح شركة للاستيراد والتصدير.. وهو يستورد من مصر كل السلع الغذائية التى تحتاجها المحال العربية هنا. وقبل رمضان من كل عام، كما يقول، يقضى نحو الشهرين فى القاهرة لاستيراد شحنات كبيرة من العصائر والمواد الغذائية، كما أن له «مسلخ» للذبح الحلال هو الوحيد فى مونتريال ـ على حد قوله. ويؤكد جمعة أن مونتريال يعيش بها نحو 120 ألف مصرى «كلهم كوادر جامدة.. وهم عصب البلد»، وهم من الأطباء الكبار وأساتذة الجامعات.. والدكتور ممدوح هو من زبائنه.. وأخبار الجالية كلها عند «جمعة»، وكما يقول: «أخلاق المصريين تغيرت كثيراً بفعل الثورة.. واهتمام الناس هنا بالسياسة زاد كثيراً»، ويضيف: «مع تنحى مبارك وزعت العصائر والمشروبات مجاناً.. والفضائيات الكندية جاءت لتسجل معنا ولتتعرف على شعور المصريين بنجاح ثورتهم».
وفى مباريات كرة القدم التى تكون مصر طرفاً فيها، تمتلئ «أرابيسك» عن آخرها، ويقول جمعة: «فى مباراتى مصر والجزائر العام الماضى استعنت بشركة أمن لتنظيم المكان».
أما ستيفانى فيقول عنها: «بعض الزبائن وكثير منهم كنديون يحبون السهر والفرفشة.. واللبنانيون لديهم خبرة فى ذلك.. أما فى شهر رمضان أعطى لستيفانى إجازة، وأستبدلها بعازف كمان شهير اسمه رؤوف كان ضمن فرقة أم كلثوم وهو مقيم فى كندا الآن.. ومع بداية العيد تعود ستيفانى لعملها مجدداً».