x

أم فرنسية تروي قصة ابنتها مع التطرف

الخميس 16-11-2017 18:44 | كتب: وكالات |
نقاب - صورة أرشيفية نقاب - صورة أرشيفية

في كتابها «ابنتي السلفية العزيزة»، تروي الكاتبة الفرنسية لو نوفا، كفاحها خلال ست سنوات من أجل إنقاذ ابنتها التي مالت إلى التطرف وعمرها 12 عاما، بعد غسل دماغها بالأفكار السلفية.

شهادة أم مؤثرة، تسلط الضوء على ظاهرة تطرف الشباب، التي صارت «قضية الجميع» اليوم في فرنسا.

«هذا الكتاب، كان بمثابة علاج بالنسبة لي، مكنني من إعادة تسلسل الأحداث في السنوات الأخيرة مع مسافة عنها». بهذه العبارات التي تحمل الكثير من الحزن والإصرار تتحدث لو نوفا عن كتابها «ابنتي السلفية العزيزة». اعترافات لأم فرنسية، «سرقت» الأفكار السلفية للأصوليين المتطرفين ابنتها شارلوت أو أمينة كما صارت تسمى اليوم، نحو مجتمع راديكالي في أحد ضواحي العاصمة البريطانية لندن حيث تعيش مع زوج سلفي متعدد الزوجات.

كتاب مؤثر للغاية يبدأ بقصة عائلية عادية. طفولة في بيئة ثرية، والدين ملحدين، شارلوت، تلميذة ناجحة تحب المدرسة، المطالعة، الرسم، كرة السلة، والاستماع إلى أغاني فرقة الروك الفرنسية «ديونيسوس». لا شيء كان يوحي أو يهيئ هذه الشابة للوقوع في ظلمات التطرف. عام 2011، سلسلة من الأحداث جاءت لتسرع انعطاف شارلوت نحو التطرف مع حبها الأول، كريم، مسلم ذو علاقات مشبوهة. وأب عاطل عن العمل يعاني من انهيار عصبي، لا يكف عن توبيخها.

من أجل استعادة حب كريم، تقربت شارلوت من شقيقته نورة ورافقتها. كثيرا ما كانت تفر إلى بيتها حيث تستمتع ببيئة «العيش فيها جميلا». بدأت شارلوت تتعرف أكثر فأكثر على الإسلام، وبعدها المداومة على الصلاة في المسجد. كما وجد القرآن مكانا على رفوف خزانتها بين كتبها المدرسية. تغيرات في شخصية الشابة لمحتها الأم، لكن من دون أن يثير ذلك قلقا لديها. خلال الست سنوات المقبلة، سيجر بشارلوت نحو التطرف والأصولية.

تحفظ لو نوفا من هذه التجربة عدة مؤشرات إنذار: التسرب المدرسي كان في الدرجة الأولى. «عندما يسقط التعليم أمام الإيديولوجية السلفية، من الصعب الكفاح ضده»، تقول لو نوفا، مؤكدة بأنها «فعلت كل شيء من أجل أن لا تترك ابنتها المدرسة». لتضيف «كان ضروري بالنسبة إلى أن أبقيها على صلة بالمجتمع».

المؤشر الثاني كان الجلباب (اللباس الذي يغطي جسد المرأة من الرأس حتى القدمين) حيث عثرت الأم على العشرات منه مخبأة في خزانة الفتاة. يومها تقول أن «مؤشر الحرارة العاطفي لديها بلغ أشده». وطيلة السنوات التي تلت، حاولت الأم وابنتها «التفاوض» للتوصل لأرضية تفاهم حول هذا اللباس «الدخيل» الذي جاء ليفرض نفسه على العائلة.

تسارعت الأحداث يوم اتصلت إدارة الثانوية التي كانت تدرس شارلوت فيها، بالأم لو، لتبلغها بمشاريع ابنتها للذهاب إلى مصر لمتابعة دروس دينية مركزة. أول ما فعلته الأم يومها كان الاتصال بالرقم الأخضر (Stop Djihadisme)، الذي وضعته السلطات الفرنسية تحت تصرف العائلات التي ترصد أفكارا جهادية لدى أبناءها. لتبدأ بعد ذلك إجراءات إدارية لمنعها من الخروج من الأراضي الفرنسية. كما قامت بمصادرة جواز سفر شارلوت التي صنفت ضمن قائمة «إس» للأشخاص الذين يمثلون خطرا محتملا على الأمن العام.

اتصالها بمركز الوقاية من الانحرافات الطائفية المرتبطة بالإسلام، جعل لو تخرج من عزلتها. «أعطوني عامين لإخراج شارلوت من الذي كانت فيه» تقول هذه الأم التي لم تتوان عن مقابلة شباب متشبعين بأفكار جهادية لتنظيم «الدولة الإسلامية» مع ابنتها المراهقة. تقاسمت الاثنتان أوقاتا من الود المتبادل، لكن في الحقيقة كان الوقت قد فات «كلما أظهرت رقة من الخارج، زادت حدة من الداخل» تقول لو.

عبرة ثالثة تستخلصها لو من تجربة ابنتها شارلوت: «ابنتي لم تعرف إلا الإسلام الراديكالي» الذي تتربع أفكاره السلفية على مواقع التواصل الاجتماعي. خمسة أيام قبل عيد الميلاد في 2016، قالت شارلوت أو أمينة كما تفضل أن ينادى عليها، أنها ستقضي الليلة عند صديقتها. في اليوم التالي طلبت من والدتها قراءة رسالة تركتها في غرفتها. جاء فيها «إذا قرأت هذه الرسالة، فهذا يعني أنني وصلت إلى بريطانيا». لأنها اختارت أن تعيش حياتها «السلفية» في لندن مع زوجها الفرنسي الذي يعيش مع زوجتان.

منذ ذلك، ذهبت لو إلى المملكة المتحدة لرؤية ابنتها التي تعيش في منزل «بحي غالبية سكانه من الأصوليين». لم تتمكن من الدخول لبيت شارلوت التي «قابلتها في أحد مطاعم الوجيات السريعة، في قاعة مخصصة للعائلات. زوجها لم يكن بعيدا». في «هذه الرقة الصغيرة، حيث الاختلاط بين الرجال والنساء ممنوع في الأماكن العامة، تقاسمت الأم ساعة من الزمن مع ابنتها، التي صارت تلبس البرقع الآن (لباس يغطي كامل الجسم حتى الوجه والعينين) والتي يظهر أنها تعاني من حالة جسدية ونفسية حساسة».

شهر سبتمبر الماضي، فرض زوج شارلوت عليها أن تقتصر اتصالاتها مع والدتها على المراسلات البريدية، بعد تبادل بعض المكالمات الهاتفية عبر تطبيق واتساب.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية