بالولائم والألعاب النارية وطلقات الرصاص، استقبل أهالى شمال سيناء أبناءهم العائدين من السجون الإسرائيلية بعد الافراج عنهم، الخميس، فى إطار صفقة مبادلة الجاسوس الإسرائيلى الأمريكى إيلان جرابيل، فيما شاركتهم السماء احتفالاتهم بزخات من المطر، اعتبروها نذير خير.
ورغم السعادة بالإفراج عن أبنائها شاركت عائلات العائدين مع عائلات المصريين الذين مازالوا فى السجون الإسرائيلية فى وقفة احتجاجية ومؤتمر صحفى عقد مساء أمس الأول بمدينة الشيخ زويد.
أمام منزله بقرية الجورة، أطلق أقارب براك الجهينى دفعات من طلقات النيران والألعاب النارية، احتفالاً بعودة ابنهم بعد 7 سنوات قضاها فى السجون الإسرائيلية، على خلفية تهريبه السلاح لفصائل المقاومة الفلسطينية فى الضفة الغربية، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات، وتصادف أن يكون اليوم نفسه موعد سفر والدته لأداء مناسك الحج. وانتقد «براك» الصفقة التى تم الإفراج عنه فى إطارها، وقال: «إنها صفقة ناقصة، وما كنت أود الخروج فى صفقة هزيلة، كنت أريد أن أخرج ومعى ألف من الفلسطينيين وكل الأسرى المصريين».
ووصف «براك» حالة السجناء المصريين فى السجون الإسرائيلية بأنها «سيئة للغاية»، خاصة الأمنيين منهم، والذين تم الإفراج عن 11 منهم فى إطار الصفقة. وقال إن بعض السجناء هناك يلاقون معاملة قاسية للغاية، منهم ياسر مرعى، الصادر ضده حكم بالسجن 10 سنوات لتهريبه أسلحة للمقاومة الفلسطينية، ويقبع منذ أكثر من عامين ونصف فى سجن انفرادى. وبحسب «براك» هناك أيضاً فريح البريكات، الصادر ضده حكم بالسجن المؤبد، وحالته الصحية متأخرة، ومحمد السيد، وهو شاب من حى المعادى بالقاهرة، «ووضعه سيئ جداً وخطير، ولم ينتبه إليه أحد، ويضرب عن الطعام منذ أكثر من 30 يوماً».
ويشير «براك» إلى استمرار التحقيقات معه لمدة 39 يوما، فيقول: «كنا نتعرض للتعذيب، وكانوا يربطوننا فى كراسى صغيرة، نظل عليها ليومين أو ثلاثة دون نوم، ثم يدخلوننا فى غرف مغلقة، ويفتحون أجهزة التكييف فى الشتاء حتى تصل درجة الحرارة إلى صفر، وعندما صدر الحكم ضدى ودخلت إلى السجن عشت مع أعضاء فصائل حركة فتح، حتى أصبحت واحداً منهم».
وفى خيمة نصبت خصيصاً للاحتفال بعودته، حكى عيد سليمان عويضة عن أصعب أيام السجن الذى قضى به 8 سنوات بعد اتهامه بتهريب السلاح، وقال: «دخلت إلى إسرائيل لأسرق السيارات مثل الكثيرين، وهناك قبضوا على وحققوا معى لمدة 37 يوما، كانت أسوأ أيام حياتى، حيث مررت بمراحل تعذيب بدنى ونفسى قاسية، وكانوا يربطون قدمىّ ويدىّ لمدة 5 أيام، لإجبارى على الاعتراف بتهريب السلاح للمقاومة، وعندما تمسكت بالرفض جاءوا لى بورقة بالعبرية لأوقع عليها، وأنا لا أعرف لغتهم فوقعت، وفى المحكمة اكتشفت أنها اعتراف بأنى أهرب السلاح، واعترضت فى المحكمة، لكنهم حكموا على بالسجن 13 سنة، تم تخفيضها إلى 11 بعد الاستئناف».
وبينما كانت عائلتهما تعد الولائم لجموع المهنئين الذين أتوا إليهم كان عبدالله سلمان الطرش وشقيقه إسماعيل غاضبين من الصفقة التى اعتبرها عبدالله «أكذوبة كبرى» لأنها أخرجت 13 سجينا انتهت بالفعل مدة سجنهم، أو كانت أمامهم أسابيع قبل انتهاء عقوباتهم، على حد قوله.
وقال «عبدالله»، المحكوم عليه بالسجن 4 سنوات بتهمة التسلل: «لم يكن أمامى سوى أسبوعين فقط لأخرج من السجن دون صفقات، وكان هناك آخرون لهم الأولوية فى الخروج بدلا منى، فهناك أسرى محكوم عليهم بالمؤبد أو السجن مائة سنة مثل سلامة نديات، وهو فى العزل الانفرادى منذ 3 سنوات، وهناك أيضا ياسر مرعى». واتفق معه شقيقه إسماعيل، الذى قال إن فترة عقوبته كانت ستنتهى بعد 4 أشهر فقط، بعد صدور حكم بالسجن 3 سنوات ضده بتهمة التسلل. لكن الشقيقين مازالا ينتظران عودة شقيقهما «موسى»، المحبوس منذ 3 أشهر بتهمة التخابر لصالح مصر، ولا أحد يعرف عنه شيئاً.
وفى حين شكا الجميع من ضعف أعداد المفرج عنهم فإن الطفل صلاح أحمد البالغ من العمر 15 سنة كان أكثر الناس فرحاً، لأنه كان أحد الأطفال الثلاثة المقبوض عليهم على سلك الحدود، عندما كان يحمل كراتين السجائر لحساب أحد كبار المهربين، مقابل ألف جنيه فى الليلة، حيث كان يحمل ثلاثة كراتين من السجائر لمسافة 50 متراً، ليضعها عل متن سيارة كانت تنتظره ثم تهرب سريعاً.
أما زميله محمد سليم سلمى (15 عاماً) فإن أهم أزمة تواجهه الآن هى كيف يعود إلى مدرسته الإعدادية بعدما غاب عن الدراسة لأكثر من شهر بسبب حبسه، ويقول: «أنا طالب فى الصف الثالث الإعدادى، وكنت أبحث عن وسيلة أجمع بها مصاريف الكتب الدراسية، لأن والدى لا يعمل ولا وسيلة للعيش هنا سوى ذلك».