x

مصادر: تقرير «الرى» عن اجتماع سد النهضة يقدم سيناريوهات فنية بديلة

الإثنين 13-11-2017 22:16 | كتب: متولي سالم, فادي فرنسيس |
تصوير : آخرون

قالت مصادر رسمية معنية بملف مياه النيل إن الدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الموارد المائية والرى، ورئيس الوفد الرسمى فى الاجتماع الـ17 للجنة الثلاثية لسد النهضة الإثيوبى، والتى اختتمت اجتماعها بالقاهرة مساء أمس الأول، سيقدم تقريرا شاملاً عن نتائج الاجتماع للجنة العليا لمياه النيل برئاسة رئيس الوزراء.

وأوضحت المصادر أن التقرير سيتضمن بعض المقترحات التى من شأنها استمرار دعم جهود التفاوض فى المرحلة المقبلة أو السيناريوهات الأخرى المقترحة للتعامل مع الملف فنيا عقب فشل حل الخلافات العالقة بتقرير سد النهضة.

وكشفت نتائج الاجتماع السابع عشر للجنة الفنية الثلاثية لسد النهضة، التى عقدت بالقاهرة على مدار يومين، بحضور وزراء المياه من مصر والسودان وإثيوبيا، عن وجود أزمة حقيقية تأجل تفجيرها طوال الأعوام الماضية منذ تقديم المكتب الفرنسى المنفذ للدراسات تقريره الاستهلالى فى مارس الماضى، والمتضمن مراحل تنفيذ الدراستين الفنيتين التى أوصى بها تقرير اللجنة الدولية فى مايو 2013 والقواعد المرجعية لتنفيذها.

وتباينت وجهات نظر المتابعين والمراقبين لملف مياه النيل، والسد الإثيوبى بصفه خاصة حول نتائج الاجتماعات التى عقدت على مدار الفترة الماضية ولم تصل إلى نتيجة، ما بين ضرورة تدخل القيادة السياسية والدعوة لعقد قمة عاجلة تنفيذا لإعلان المبادئ الموقع بين قادة «مصر والسودان وإثيوبيا» فى الخرطوم مارس 2015، وبين التصعيد واللجوء بتقديم شكوى إلى الاتحاد الأفريقى والأمم المتحدة «لجنة الأمن والسلم الدولية بالمنظمتين» بعد أن استنفدت مصر الخطوات الطبيعية لحل الخلافات وفقاً للقوانين والأعراف الدولية المنظمة للأنهار العابرة للحدود.

وأكد خبراء أن القاهرة سلكت طريق التفاوض المباشر والذى لم يحسم الخلافات القائمة، فى الوقت الذى تستمر أديس أبابا فى بناء السد دون الالتزام بقواعد تلك القوانين ولا بالمبادئ التى أنشأ عليها الاتحاد الأفريقى «منظمة الوحدة الأفريقية» والتى أقرها الزعماء والقادة الأفارقة عند إنشاء المنظمة ومنها الاعتراف والالتزام بكافة الاتفاقيات الدولية التى وقعت إبان الاحتلال الأجنبى لدول القارة ومنها اتفاقية 1929 «دول منابع النيل» واتفاقية 1903 الموقعة بين بريطانيا وإيطاليا وقت أن كانت مصر وإثيوبيا واقعتين تحت الاحتلال من قبل الدولتين.

واعتبر الخبراء أن جميع الخيارات مفتوحة أمام الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى للتعامل مع ما وصفوه «بالتعنت الواضح من قبل حكومة أديس أبابا»، خاصة فيما يتعلق بإصرارها على عدم الالتزام بكافة التعهدات الرسمية سواء بتنفيذ بنود إعلان المبادئ أو مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين عام 1993 بالإضافة إلى عدم الالتزام بالقوانين الدولية المنظمة للأنهار العابرة للحدود، وبالتالى يعطى لمصر الحق فى اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية للحفاظ على أمنها المائى وحقها التاريخى فى مياه النيل باستخدام قواعد القوانين الدولية التى تلتزم بها وتحترمها دول العالم «ولم تلتزم بها إثيوبيا».

وقال الدكتور محمود أبوزيد، رئيس المجلس العربى للمياه، وزير الرى الأسبق، إن أسباب الخلاف الجوهرية فى التقرير الاستهلالى للمكتب الفرنسى حسب المعلومات المتوافرة تتعلق بخط الأساس، والذى يحدد حصة مصر من مياه النيل بـ55.5 مليار متر مكعب وحصة السودان 18.5 مليار متر مكعب، وفقا لاتفاقيه 1959 الموقعة بين دولتى المصب، وهو ما يرفضه الجانب الإثيوبى حيث إنه لا يعترف بالاتفاقية التى حددت الحصص المائية بين القاهرة والخرطوم.

وشدد «أبوزيد» على ضرورة دفع المسار الفنى من خلال السبل السياسية، بعقد اجتماع على مستوى رؤساء الدول الثلاث أو وزراء الخارجية فى اجتماع سداسى يتم خلاله بحث الخروج من المأزق مع التمسك بحقوق مصر فى مياه النيل، تنفيذا لنص اتفاقية إعلان المبادئ التى تعد وثيقة مهمة تحمى الدول الثلاث وتحقق التعاون المشترك.

وأشار إلى وجود صعوبة حقيقية فى المفاوضات الجارية، خاصة أنها تتعلق بمصالح شعوب الثلاث دول، لافتا إلى أن المفاوض الإثيوبى يتسم دائما بالتعنت والتمسك برأيه، رغم ما قدمته مصر من خطوات لبناء الثقة على مدار الفترة الماضية.

وطالب الدكتور هانى رسلان، نائب رئيس مركز «الأهرام» للدراسات السياسية، رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بـ«الأهرام»، الحكومة بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة، باعتبار أن سلوك السودان وإثيوبيا يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين لأهمية قضايا المياه ومحوريتها بالنسبة لمصر وحياة شعبها.

وقال «رسلان»، لـ«المصرى اليوم»، إنه لا يتفق مع دعاوى البعض بمسؤولية وزير الرى عن سوء إدارة ملف مفاوضات سد النهضة، موضحا أن الإستراتيجية الإثيوبية كانت تستخدم اللقاءات كغطاء لاستنزاف الوقت ولإظهار نفسها كطرف متعاون أمام المجتمعين الإقليمى والدولى.

وأضاف أن هذه الإستراتيجية كانت تستهدف استدراج الموقف المصرى للمضى فى التفاوض أطول فترة ممكنة حتى تكون إثيوبيا أنجزت القدر الأكبر من بناء السد وحولته إلى أمر واقع، وبالتالى يمكنها بعد ذلك المضى قدما دون أن تأبه لأى رد فعل مصرى، مشيرا إلى أن ما يحدث داخل قاعات الاجتماعات منذ الموافقة على تشكيل اللجنة الثلاثية الفنية دون وجود خبراء دوليين أكد أن الجانب الإثيوبى «مراوغ»، وأنه بوضعه العراقيل الفنية كان يهدف لاستنزاف الوقت بكل الوسائل لتحقيق مصالحه من المشروع.

وأوضح أن إعلان المبادئ لم يكن متوازنا وكان هناك لهفة من وزارة الخارجية على توقيعه واعتباره إنجازا، رغم أنه لم يكن سوى «بالون» كبير قدمت فيه مصر تنازلات دون أن تحصل على أى مقابل حتى البنود الخاصة بإجراء الدراسات والسياسة التشغيلية للسد جاءت فى «صياغة مائعة» تخدم الطرف الإثيوبى وتسمح له بالتنصل دون أى التزام قانونى ولم توفر لمصر الحد الآمن لحماية أمنها المائى.

ووصف الدكتور عباس شراقى، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، مواقف مصر وإثيوبيا خلال جولات مفاوضات سد النهضة خلال السنوات الماضية بـ«مرونة مصرية»، مقابل «تعنت إثيوبى»، ما تسبب فى فشل الجولة رقم 17 التى اختتمت أعمالها بالقاهرة. وقال: «مصر لا تعلن عن فشل المفاوضات الفترة الماضية، لأننا كنا حريصين على استمرار المفاوضات، فهى حريصة على إثبات حسن النوايا والتعاون مع إثيوبيا».

وشدد على أهمية إعداد سيناريوهات للتعامل مع مستقبل العلاقات المائية الناتجة عن إنشاء سد النهضة، منها تفعيل اتفاق المبادئ الذى وقعه رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة، خاصة فيما يتعلق بالاتفاق حول قواعد الملء الأول الموجود فى البند الخامس الذى ينص على التعاون فى الملء الأول وإدارة السد، موضحا أن تفعيل البند الخامس من اتفاق المبادئ يتم عن طريق تشكيل لجنة دائمة من الدول الثلاث للتنسيق فى تشغيل سدود هذه الدول أو إدارة سد النهضة ومهمة اللجنة التنسيق فى تشغيل السد من أجل الحصول على أكبر منفعة لإثيوبيا وأقل ضرر على مصر، كما أنها لجنة تنسيق لدراسة أحوال الأمطار وكميات المياه المخزنة فى سدود الدول الثلاث.

وأضاف أنه فى حالة إذا وافقت إثيوبيا على تشكيل اللجنة ستكون مهمتها تقليل الضرر على مصر والسودان، وإذا رفضت يتم التوجه إلى مجلس الأمن والاتحاد الأفريقى لتدويل القضية والبدء بجامعة الدول العربية، تأكيدا على أن مصر طرقت كل الأبواب وأبدت مرونة كبيرة فى التعامل مع الملف، حرصا على العلاقات بين الدول الثلاث، وأنها استنفدت كل الطرق لتحقيق التوافق.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية