x

الدكتورة مايسة شوقى نائب وزير الصحة والسكان فى حوار لـ«المصرى اليوم»: زواج الأطفال يؤدى لوفاة الأمهات وارتفاع نسب الطلاق

الأربعاء 08-11-2017 23:39 | كتب: غادة محمد الشريف |
تصوير : اخبار

قالت الدكتورة مايسة شوقى، نائب وزير الصحة والسكان، المشرف على مجلسى الطفولة والأمومة ومجلس السكان، إن زواج الأطفال أحد أسباب ارتفاع نسب الطلاق والزيادة السكانية وانتشار الوفاة بين الأمهات، وطالبت بسرعة إقرار قانون مكافحة زواج الأطفال، معلنة أن الجيزة والقاهرة والدقهلية والفيوم أكثر المحافظات التى تشهد ظاهرة الزواج المبكر..

وطالبت، فى حوار لـ«المصرى اليوم»، بإصدار قرار لمعاقبة المأذون الشرعى الذى يعقد زواجا عرفيا للأطفال، مؤكدة أن مواجهة ظاهرة زواج القاصرات والقضاء عليها تكمن فى التوعية، مشيرة إلى أن أفضل توقيت للتدخل التوعوى يكون فى المدارس الابتدائية والإعدادية.. وإلى نص الحوار:

■ حذر الرئيس عبدالفتاح السيسى، أثناء عرض تقرير تعداد مصر 2017 الذى أعده الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، من خطورة استمرار ظاهرة الزواج المبكر، ما تعليقك وهل ارتفاع معدلات الطلاق ناتج عن تلك الظاهرة؟

- أولا أود التعليق على أن تقرير تعداد مصر 2017 الذى أنجزه بكل فخر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء هو أهم مرجع لبيانات السكان لكونه يرفع الواقع الفعلى وليس استشرافا للمستقبل، مما يحتم علينا جميعا ضرورة الاستفادة من هذه البيانات بعد تحليلها، وإذا نظرنا إلى كم البيانات التى عرضت فى هذا اليوم فإن الرئيس توقف أمام قضية زواج الأطفال بمشاعره كأب يرفض هذا التصرف غير المسؤول من أولياء الأمور، وتعليق الرئيس أعطى لهذه القضية قوة سياسية غير مسبوقة وأصبحت وسائل الإعلام تتنافس على شرح أضرار زواج الأطفال للحد من هذه الظاهرة، والزواج المبكر أحد أسباب ارتفاع معدلات الطلاق فمصر تحقق 200 ألف حالة طلاق سنويا، نتيجة انتشار الزواج المبكر فى بعض المحافظات، والسن الشائعة التى يتم فيهت الطلاق تتراوح بين 25 و30 عاما.

■ هل النسب المذكورة بالتعداد دقيقة؟

- بالطبع دقيقة جدا، ويفيدنا تقرير التعداد بأن إجمالى حالات زواج الأطفال 132 ألف حالة وهو عدد كبير لا يمكن اعتباره طبيعيا، وذلك لما يترتب عليه من حرمان الطفل من حقوقه الأصيلة وتتضمن حقه فى البقاء (الرعاية الصحية الجيدة) والنماء (التعليم الجيد) والحماية من كافة أشكال العنف وحقه فى المشاركة بالرأى، حيث يتزوج الأطفال رضوخا لرغبة أولياء الأمور لأسباب عديدة ومنها الحفاظ على الميراث ومنها عدم القدرة على مصاريف الانتقال من وإلى المدرسة بخلاف العادات والتقاليد والمرجعيات الدينية الخاطئة.

■ ما أعلى المحافظات انتشارا لزواج القاصرات؟

- أعلى المحافظات فى ظاهرة زواج الأطفال الجيزة والقاهرة والدقهلية والفيوم والقاهرة ويلاحظ أن 80% من هذه الزيجات بنات ولكن هناك أيضا 20% من المتزوجين تحت 15 سنة ذكور، وتتركز مشكلة زواج الأطفال فى الريف أكثر من الحضر وكذلك فى المحافظات الحدودية.

■ ما الأضرار السلبية لزواج القاصرات أو الأطفال؟

- له أضرار بالغة الخطورة، فالأطفال بين 13 و18 سنة يتم نمو قدراتهم العقلية والذهنية وقدرتهم على اتخاذ القرارات عند تمام 18 سنة، وهو ما يعكس أسباب انهيار هذه الزيجات البائسة، ويذكر أن حالات الطلاق بينهم وصلت إلى 1200 حالة، وبينهم 1186 أرامل! فهم أطفال حُرموا فرصة التعليم، وكذلك العمل فيما بعد، ولا يستطيعون تحمل المسؤوليات الأسرية ولا يتفهمون تربية الأطفال، ولدينا الآن شعار نروّج له هو «طفلة لا زوجة»، وإذا وضعنا فى الاعتبار أمراض سوء التغذية التى يعانى منها المراهقون وعلى الأخص أنيميا فقر الدم، والتى تصل إلى 20% وترتفع أكثر بين الإناث، فإن فرص مضاعفات الحمل والولادة ترتفع وقد تؤدى إلى وفاة الطفلة الأم والمولود، ومن ناحية أخرى تزيد نسبة ولادة أطفال مبتسرين أو ناقصى الوزن.

■ ما التأثير السلبى لزواج القاصرات اجتماعياً واقتصادياً؟

- التأثير السيئ لزواج الأطفال على البعد الاجتماعى هو ما نسميه بتدنى الخصائص السكانية بسبب التسرب من التعليم والأمية، ويظهر من نتائج التعداد أن إجمالى الذين لم يلتحقوا بالتعليم والمتسربين لكل الفئات العمرية 28 مليوناً أغلبهم من الإناث، ومن مساوئ زواج الأطفال والأمية والتسرب من التعليم عدم إتاحة فرص العمل للمرأة، وبالتالى نقص الدخل، فمشاركة المرأة فى قوة العمل تقتصر على 22%، هذا ويتزامن فى المجتمعات الريفية ارتباط زواج الأطفال بختان الإناث، وبالتالى تتعرض الفتيات لعنف مزدوج، وتصبح هذه الفتاة غير قادرة على تربية نشء وغير سعيدة بحياتها وفاقدة للتحمل لمسؤوليات الزواج وتكون أكثر عرضة للانفصال والطلاق، وعند هذه المحطة تفقد أيضاً هذه الطفلة المطلقة أو الأرملة كافة حقوقها الاجتماعية والمادية، وترتبك حياتها بصورة سيئة، وأحب أن أكثف الضوء على أن المواليد لزيجات الأطفال لا يوثقون إلا لاحقاً، ولكن الكارثة فى بعض المجتمعات الريفية والحدودية هو استخراج شهادات الميلاد للمواليد على الجد للأب أو العم وهو ما يترتب عليه اختلاط الأنساب والمواريث.

■ هل الزواج المبكر مرتبط بالزيادة السكانية؟

- نعم وبشدة فزواج القاصرات كارثة حقيقية فى المجتمع ويؤدى إلى النمو السكانى السريع، ويظهر هذا الارتباط بصورة مباشرة فى زيادة أعداد المواليد فكلما صغرت سن الفتيات ارتفع معدل الخصوبة الكلى لهن فتلد كل واحدة منهن 4.5 طفل إلى 5 أطفال بينما السيدات فوق 18 سنة ينجبن 3.5 طفل (كل 10 سيدات ينجبن 35 طفلاً)، ويؤدى زواج الأطفال إلى ارتفاع مضاعفات الحمل ووفيات الأمهات، وكذلك وفيات الأطفال حديثى الولادة والأطفال فى العام الأول مما يزيد المؤشرات السكانية سوءاً.

■ ما الذى يدفع الأسر لتزويج بناتهن مبكراً؟

- الفقر والجهل والموروثات الثقافية والعادات والتقاليد بحجة أن الزواج سترة للبنت ومخاوفهم من العار حال تأخر زواجها لذلك يتم وأدهن بزيجات فى سن الطفولة، لكنهم يغفلون الأضرار جراء ذلك.

■ لماذا تجب مواجهة ظاهرة زواج القاصرات والقضاء عليها؟

- رأيى الشخصى أن لفظ زواج الأطفال هو الأدق تعبيراً للزواج تحت 18 سنة، وهذه السن تمت بالفعل تعريفها دولياً على أنه سن الطفولة ويتضمن أيضاً مرحلة المراهقة، ما يدعونا إلى ضرورة اتخاذ كافة التدابير والإجراءات وبذل الجهود لوقف هذه الظاهرة.

■ كيف يمكن مواجهة ظاهرة زواج القاصرات والقضاء عليها؟

- بالتوعية، وأفضل توقيت للتدخل التوعوى فى المدارس الابتدائية والإعدادية، فاقترحت على وزير التربية والتعليم تخصيص ثمانية أيام للأنشطة الثقافية السكانية بواقع يوم واحد فى الشهر، وتتضمن مناقشة ظاهرة زواج الأطفال والتعلم باللعب والابتكار والرسم والغناء لأن هذه الأساليب ترسخ المفاهيم الإيجابية فى وجدان الأطفال، حيث قام المجلس القومى للطفولة والأمومة بالتأسيس لبرنامج التربية الإيجابية فى الرعاية الصحية الأساسية فى وزارة الصحة، وكذلك فى المدارس بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، ويستهدف البرنامج توعية أولياء الأمور، خاصة الأمهات بحقوق الطفل وإنهاء العنف ضد الأطفال، وهناك خط نجدة الطفل 16000 وخط المشورة الأسرية 16021 (والاتصال بهما مجانى من أى خط أرضى) هذا إلى جانب التمكين الاقتصادى، وبوجه عام فإننى أتفاءل بأن التمكين الاقتصادى والاجتماعى للأسر والفتيات، للحد من الفقر وتعزيز قدرتهن على التفاوض، ودعم الفتيات المتزوجات ومساعدتهن على إقامة مشروعات صغيرة، مع توفير آلية لتسويق المنتجات، وتحسين الأوضاع التعليمية للفتيات مع وضع سياسات ملزمة للحد من التسرب من التعليم للفتيات- كل ذلك سيؤتى ثماره بنتائج سريعة فى علاج مشكلة زواج الأطفال فى مصر.

■ ما الذى ستقدمه وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع القومى للطفولة والسكان فى مواجهة الظاهرة؟

- تقدم وزارة التربية والتعليم برامج تعليمية لاحتواء تسرب الفتيات من التعليم، ويبلغ عدد هذه المدارس فى اليوم قرابة الـ5000 مدرسة، ما بين مدارس مجتمعية ومدارس صديقة للفتيات، وجار الآن التخطيط لتطوير هذه المدارس.

■ نسمع كثيراً «الاستراتيجية القومية لمكافحة الزواج المبكر».. ما أهم بنودها وكيف يتم تطبيقها للقضاء على الظاهرة؟

- الاستراتيجية القومية للحد من زواج الأطفال تقوم على ثلاثة محاور رئيسة، وجار تطبيقها منذ 2016، وترتكز وبقوة على محور الإعلام التوعوى للتعريف بالقضية ومحور إعداد القوانين اللازمة ومحور أخير بالغ الأهمية وهو تأهيل البنات تعليمياً ونفسياً حال التسرب من التعليم، حيث يتم الآن الترويج الإعلامى لعرض كافة مساوئ زواج الأطفال، ويظهر ذلك بوضوح بعد إعلان رئيس الجمهورية لقلقه من هذه الظاهرة، ولكن لاستمرارية هذا الترويج الإعلامى فإننى أطالب وبصورة عاجلة بالانتهاء من استراتيجية إعلام سكانى تتضمن تكثيف الضوء الإعلامى وتبنى إنتاج تنويهات إعلامية وأفلام ومسلسلات ترسخ المفهوم الأقوى والمستهدف، وهو أن تستكمل الفتاة التعليم وتتمتع بحقها فى التعليم الجامعى وفرصتها فى العمل، وهى قيم تنموية تصب فى مصلحة التنمية الاقتصادية، كما أرى ضرورة دعم الرسالة التوعوية برأى رجال الدين، وفى هذا الشأن فقد خاطبت وزير الأوقاف بـ31 موضوعاً سكانياً نعتبرها بالغة الأهمية، لكى يتم تضمينها فى خطب الجمعة، ومن هذه المواضيع أضرار زواج الأطفال، وقد بدأ تناول الموضوع فى خطب الجمعة بالفعل. وفى هذا الإطار يتم الآن تدريب الأئمة على دمج كافة المفاهيم السكانية فى خطبهم حتى نتمكن من الوصول إلى القاعدة الأكبر فى المجتمع، وبالنسبة للمحور الثالث للاستراتيجية القومية للحد من الزواج المبكر فيرتكز على إنفاذ القانون.

■ المجلس القومى للمرأة أعلن مؤخراً عن مقترح قانونى تقدم به للبرلمان للحد من زواج القاصرات.. هل شارك المجلس القومى للطفولة والأمومة فى إعداد هذا القانون؟

- يوجد الآن أكثر من مشروع للقوانين لمكافحة زواج الأطفال مقدمة من قبل وزارة العدل والمجلس القومى للمرأة وبمشاركة المجلس القومى للطفولة والأمومة ويقضى بتعريف سن الزواج ويجرم الزواج تحت 18 سنة، ويعاقب المأذونين الذين يعقدون الزواج عرفياً ثم يوثقونه فيما بعد، ويتضمن أيضاً مقترحاً لمعاقبة ولى الأمر حال تسبب فى إخراج أبنائه من التعليم، وأيضاً هناك مقترح بوضع قيود على تسنين الأطفال، وهو باب من الأبواب الخلفية للتحايل لإتمام زواج الأطفال مع ضرورة إنفاذ القانون بمنع توثيق الزواج العرفى لأنه سيحد من زواج القاصرات، كما أنه لابد على وزير العدل أن يصد ر قراراً وزارياً وهذا ما نتعاون معه فيه بإصدار قرار أو مشروع قانون يعاقب المأذون الشرعى الذى يعقد زواجاً عرفياً للأطفال ثم يوثقه مرة أخرى بشكل رسمى.

■ هل هناك قوانين داعمة للحد من ظاهرة الزواج المبكر؟

- بالفعل يوجد عدد من المشاريع التى اقترحها المجلس القومى للطفولة والأمومة والمجلس القومى للسكان للحد من الظاهرة وهى مشاريع مهمة تحد من زواج الأطفال، منها مشروع القانون الذى تقدم به المجلس القومى للسكان للبرلمان لمنع التسرب من التعليم، فالتسرب من التعليم هو أحد أعراض زواج الأطفال وعمالة الأطفال، وقد اقترح المجلس أن تكون ولاية إنفاذ القانون فى يد المحافظ، وليس وزير التربية والتعليم، لسرعة رصد المتسربين وعودتهم إلى المسار التعليمى، وقد تم التقدم بمشروع هذا القانون لمجلس النواب فى يناير 2017.

■ ما دور المجلس فى مكافحة هذه الظاهرة فى تلك المحافظات.. وهل تجدون استجابه من الأسر؟

- تتضافر جهود وزارات عديدة فى التوعية بأخطار زواج الأطفال، ومنها وزارتا التضامن الاجتماعى والأوقاف، والأزهر، ووزارات الصحة والسكان والثقافة والشباب والرياضة، وبالطبع تعمل المجالس القومية باهتمام كبير منها القومى للمرأة والطفولة والأمومة والسكان. ويقوم المجلس القومى للسكان بتنسيق جهود كل الشركاء فى القوافل السكانية والندوات التثقيفية بصورة منتظمة على مدار العام وفقاً لخطة كل محافظة واحتياجاتها، وكون أن زواج الأطفال مقابل المال هو أحد أنواع الاتجار بالبشر، كما أن المجلس القومى للطفولة والأمومة عضو باللجنة التنسيقية الوطنية لمكافحة الاتجار برئاسة السفيرة نائلة جبر، وعضوية وزارتى العدل والداخلية، وكذلك النيابة العامة، وتعمل كل الجهات من خلال خطة وطنية واحدة، كما أنشأ المجلس القومى للطفولة والأمومة لجنة تنسيقية لمكافحة الاتجار بالبشر ترصد وتتعامل مع الحالات المبلغ عنها لخط نجدة الطفل فى إطار منظومة لجان الحماية العامة والفرعية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية