x

ما علاقة «صراعات السعودية» باستقالة «الحريري»؟ الإعلام الغربي يجيب

صحف غربية تحذر من ضربة عسكرية وشيكة ضد «حزب الله»
الثلاثاء 07-11-2017 21:18 | كتب: غادة غالب |
الملك سلمان وسعد الحريري الملك سلمان وسعد الحريري تصوير : آخرون

في خطوة مفاجئة قدم رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، استقالته من منصبه أثناء تواجده في العاصمة السعودية، الرياض، في خطاب متلفز بثته قناة «العربية» السعودية، السبت، بعد توجيه اتهامات غير مسبوقة لإيران وجماعة «حزب الله» اللبنانية، ودورهما في المنطقة، معتبرا أن الأجواء الحالية في لبنان تشبه تلك التي سبقت اغتيال والده رئيس الوزراء البناني الأسبق، رفيق الحريري، عام 2005.

توقيت ومكان استقالة «الحريري» أثارا جدلا كبيرا ليس فقط في لبنان بل في العالم، إذ جاء الإعلان من الرياض، كما تزامنت مع حملة توقيفات في السعودية شملت أمراء من العائلة المالكة ووزراء ورجال أعمال كبار. وخرجت شائعات عدة حول وضع «الحريري» تحت «الإقامة الجبرية» في السعودية أو «توقيفه»، وهو ما نفاه وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، الاثنين، فضلا عن خروج صورا لاستقبال ملك السعودية، سلمان بن عبدالعزيز، للحريري في قصر اليمامة في الرياض بعد يومين من استقالته لمناقشة الأوضاع.

استقالة «الحريري» من منصبه، الذي تولاه في أكتوبر 2016، في إطار صفقة تسوية بين الأحزاب اللبنانية مع «حزب الله»، يرى محللون أنها دفعت بلبنان مجددا إلى واجهة الصراع الإقليمي بين محوري إيران والسعودية، فضلا عن تصاعد التوتر في الداخل اللبناني، خاصة أنها تفتح الباب أمام ضربة عسكرية ضد «حزب الله»، وهو السيناريو الذي بدأت صحف ومواقع قربية تتحدث عن أنه بات وشيكا.

صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، وصفت قرار الاستقالة بالخطير، موضحة أن سيكون له تبعات أكبر من أن يتحملها لبنان، الذي يشهد منذ عام 2005 أزمات سياسية حادة ومتلاحقة، خاصة بسبب الانقسام بين فريقي «حزب الله» و«الحريري». وغالباً ما يُفجر الاحتقان توترات أمنية تارة عبر اغتيالات، وتارة عبر مواجهات مسلحة.

وفي نوفمبر 2016، كُلف «الحريري»، المولود في السعودية عام 1970، برئاسة الحكومة بموجب تسوية سياسية أتت بحليف «حزب الله» الأبرز، ميشال عون، رئيسا للجمهورية البنانية بعد عامين ونصف العام من الفراغ الرئاسي. ومنذ ذلك الوقت شهد لبنان هدوءاً سياسياً نسبياً، وتراجعت حدة الخطاب السياسي اللاذع.

وكان «الحريري» قد التقى قبل استقالته بيوم واحد، بمستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، على أكبر ولايتي، الذي أعلن من السراي الحكومي أن «إيران تحمي استقرار لبنان»، الأمر الذي دفع بعض المحللين إلى القول إن تصريحات «ولايتي» أثارت قلق «الحريري» بشأن تنامي نفوذ إيران وحليفها «حزب الله» في لبنان، وفقا لصحيفة «جارديان» البريطانية.

وفي تحليله لأسباب الاستقالة، نقل موقع «ليبانون ديبايت» اللبناني، عن مصدرًا حكوميًا قوله إن «الحريري» بات مقتنعًا أن ثمة شيئاً كبيرًا يحضَّر للبنان، وأن «حزب الله» وإيران يستغلان وجوده في الحكومة لأخذ الدولة اللبنانية إلى مغامرات كبرى يكون هو فيها «ورقة التوت التي تغطي مغامرات الحزب والمشروع الإيراني».

الصحيفة اللبنانية نقلت عن المصادر نفسها قولها إن خطاب استقالة «الحريري» يُعتبر بمثابة طلاق نهائي مع «حزب الله»، الذي كان شريكه في الحكومة، وأن «الحريري» بات مقتنعًا أن بقاءه في الحكومة ضرر كامل، ولا يخدم عملية الاستقرار.

و«الحريري» الذي يعد أحد أبرز خصوم «حزب الله»، ويحمله مسؤولية اغتيال والده، الأمر الذي كان له الأثر الأكبر في التحاقه بالحياة السياسية في عام 2005، اضطر مراراً إلى التنازل لهذا الخصم القوي، وربما الأقوى على الساحة اللبنانية سياسياً وعسكرياً بدعم من إيران.

و«الحريري»، الذي يحمل الجنسيتان السعودية والفرنسية، بجانب اللبنانية، طالما أُعد حليفا للرياض، التي كانت تضخ أموالاً ومساعدات على نطاق واسع للبنان لدعم موقف حلفائها. لكن حدث فتور خلال الفترة الأخيرة بين المملكة و«الحريري»، الذي أخذت عليه خضوعه لإرادة «حزب الله»، فضلا عن انتقادات عدة وجهت إليه من داخل المجتمع السني في لبنان بسبب فشله في دعم تماسك المكون السني الذي ينتمي إليه. ويرى المراقبون، وفقا لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، أن تأثير «الحريري» تراجع منذ وفاة العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في يناير 2015، إذ كانت تربطه علاقة قوية بالحريري الأب.

لكن خطاب «الحريري» من السعودية يعد مؤشرا على فتح فصل جديد من الحرب الباردة بين الرياض وطهران، سينعكس بالضرورة على الساحة اللبنانية، وفقا لوكالة «دويتشه فيلله» الألمانية. وأوضحت أن «توقيت ومكان إعلان الاستقالة مفاجئا لكن القرار نفسه ليس مفاجئا، بسبب حالة التوتر الشديدة بين السعودية وإيران، التي تظهر أن هناك منعطفاً مقبلاً.

النيّة السعودية- الأمريكية المتزايدة لمواجه النفوذ الإيراني في المنطقة، جعلت صحف ومواقع غربية عدة تعتبر أن استقالة «الحريري» من الرياض تحمل ما هو أبعد من توتر داخلي لبناني، بل تشير إلى تصعيد إقليمي ضد «حزب الله» قد يتحول إلى حرب عسكرية. وترى شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية، أن الحكومة اللبنانية حُلت، وبالتالي «حزب الله» لم يعد ممثلاً فيها، ما يعني أن أي تدخل ضد «حزب الله» لن يكون ضربة ضد الدولة اللبنانية.

استقالة «الحريري» التي لاقت استحسانا من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، وانتهزها لمطالبة المجتمع الدولي بالوقوف في وجه «العدوان الإيراني»، تراه صحيفة «جيورزاليم بوست» الإسرائيلية، مؤشرا على أن أي تصعيد عسكري ضد «حزب الله» سيجد قبولا واسعا لدى تل أبيب.

رغبة إسرائيل في حدوث تصعيد عسكري ضد «حزب الله» رصدته تقارير صحفية متتالية تحدثت عن انتظار تل أبيب الفرصة الاستراتيجية والسياسية الملائمة، منذ عام 2013، إذ استهدفت إسرائيل مراراً مواقع وقوافل أسلحة لـ«حزب الله» في سوريا.

وحذرت مراراً أنها لن تسمح بأن يستخدم «حزب الله» في سوريا سلاحاً يمكن أن يشكل تهديداً لها.

أحد التقارير الصحيفة كان لمجلة «فورين أفيرز» الأمريكية، أوضحت فيه أنه «في الوقت الذي تستعيد القوات السورية السيطرة على أجزاء مهمّة في سوريا، بدأ المخطّطون الإسرائيليون يركّزون من جديد على حرب مع حزب الله. وأوضحت أن روسيا قد تستفيد في حال الصراع بين الطرفين، ما يضعف الهيمنة الإيرانية ويتيح للكرملين فرض موقفه في المنطقة.

سيناريو الحرب مع «حزب الله» يقابله أصوات رافضة في الغرب، إذ ذكرت صحيفة «لوموند» الفرنسية، أن عوامل عدة يجب وضعها في الحسبان أبرزها الترسانة العسكرية التي عمل «حزب الله» على تطويرها في السنوات الماضية، وتخوف بعض الإسرائيليين من تكرار نتائج حرب عام 2006، وخطورة اندلاع حربا طائفية في لبنان مرة أخرى. لكن الصحيفة الفرنسية تحدثت عن سيناريو أكثر «تعقلا» للضغط يتضمن فرض عقوبات على «حزب الله».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية