قررت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار عبدالسلام جمعة، السبت، التنحى عن نظر قضية حصول المهندس أحمد عز، أمين التنظيم الأسبق فى الحزب الوطنى، على رخصتين لإقامة مصنعى حديد بالسويس، المتهم فيها إلى جانب عز، المهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة السابق «هارب»، والمهندس عمرو عسل، رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية «محبوس»، وبررت هيئة المحكمة قرار التنحى بوجود صلة قرابة بين رئيس المحكمة وأحد المحامين.
وظل «عز» و«عسل» جالسين داخل القفص فى جلسة السبت، ولم يقفا حتى عندما بدأت الجلسة، وأرسلت هيئة قضايا الدولة للمرة الأولى وفداً يضم 5 مستشارين، وطلبوا الادعاء مدنياً بمبلغ 660 مليون جنيه، وهو المبلغ المتهمون بإهداره، كما طالب محامون مدعون بالحق المدنى بتعويض وصلت قيمته إلى مليار جنيه عن الضرر الذى تسبب المتهمون فيه. واحتشد العشرات من المواطنين أمام المحكمة منذ الساعات الأولى، وهتفوا ضد «عز» أثناء دخول السيارة التى تنقله لمبنى المحكمة، واعترضوا طريقه أثناء الخروج أيضاً، ورددوا هتافات ضده، وطالبوا بحكم سريع ضده.
واستعدت مديرية أمن حلوان للجلسة منذ الساعة الثامنة صباحاً، بالتنسيق مع القوات المسلحة، وحاصر مبنى محكمة التجمع الخامس أكثر من 1000 ضابط ومجند، وقوات خاصة من القوات المسلحة، وحواجز حديدية تحاصر مبنى المحكمة على بعد كيلو متر تقريباً، وبعد دقائق بدأ عدد كبير من المواطنين العاديين يتوافدون إلى مبنى المحكمة، وتجمعوا أمام مدخلها وهم يرفعون لافتات كتبوا عليها «القصاص من الفاسدين»، «الحرامية أهم.. الحرامية أهم»، إلا أن رجال الأمن حاصروهم على بعد أمتار من المبنى.
بدأت الجلسة برئاسة المستشار عادل عبدالسلام جمعة، رئيس المحكمة فى الحادية عشرة صباحاً تقريباً، بعد أن اكتظت القاعة بالمحامين والصحفيين ورجال الأمن، وبمجرد أن أعلن الحاجب عن بدء الجلسة أخرج الحرس «عز» و«عسل» إلى القفص وهما يرتديان ملابس السجن البيضاء، وأخفى «عز» وجهه بـ«كاب» أبيض، فيما جلس «عسل» على كرسى صغير، كان أحضره معه من داخل السجن.
وبمجرد أن صعدت هيئة المحكمة إلى المنصة تسابق المحامون إليها لإثبات طلباتهم، إلا أن القاضى طالبهم بالانتظار قليلاً، وقال إنه تلقى خطاباً من أحد المحامين موجه إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة، يفيد بوجود مانع لدى رئيس الدائرة التى تنظر القضية يحول دون الاستمرار فى نظرها، لأن نجله متزوج من كريمة الدكتور مدحت رمضان، محامى عمرو عسل، وأنه طبقاً للقانون فعلى القاضى أن يتنحى عن نظر القضية لاستشعار الحرج، وطلب المحامى عدم إعلان الخطاب على الرأى العام، إلا أن المستشار عبدالسلام جمعة كشفه للحاضرين فى القاعة.
وطلب المحامون المدعون بالحق المدنى من رئيس المحكمة عدم التنحى عن القضية، معتبرين أن الخطاب الذى أرسله المحامى يمثل تسويفاً ومماطلة فى القضية التى ينتظر الرأى العام الحكم فيها.
وطالب المدعون بالحق المدنى بتعويض بمبالغ مالية بلغت جملتها مليار جنيه. وقال عثمان إسماعيل، أحد المحامين المدعين بالحق المدنى، عضو لجنة الحريات فى نقابة المحامين، إن جزءاً من هذا التعويض لابد أن يخصص لأسر الشهداء والمصابين فى أحداث الثورة.
وأعلن المحامون المدعون أنهم ينضمون إلى النيابة فى طلباتها بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين المتورطين فى تلك القضية، مشددين على ضرورة إسناد تهمة الرشوة للمتهمين، معتبرين أن المتهمين ارتكبوا تلك الجريمة على سبيل الرشوة.
كانت النيابة وجهت إلى رشيد وعسل تهمة الموافقة على إصدار تراخيص لأحمد عز، لإنتاج الحديد الإسفنجى والبليت بالمجان للشركات المملوكة له، بالمخالفة للقرارات الوزارية التى تقضى بأن يكون منح هذه التراخيص بالمزايدة العلنية بين الشركات، كما رخصا له بإقامة مصنعين بالمنطقة الحرة بالسويس بالمخالفة للشروط، رغم عدم جواز منح أكثر من ترخيص لذات المستثمر، مما ألحق ضرراً بالمال العام قيمته 660 مليون جنيه.
وكشفت التحقيقات التى أجراها المستشار عبداللطيف الشرنوبى، رئيس نيابة الأموال العامة العليا، فى البلاغ الذى قدمه محمود العسقلانى، منسق حركة «مواطنون ضد الغلاء»، أن عز لم يسدد الأموال المستحقة عليه، وأن المسؤولين فى وزارة الصناعة والتجارة أمدوه بالخدمات دون مقابل.
وحضر فريق من المستشارين بهيئة قضايا الدولة ضم عبدالسلام محمود وأشرف مختار وأحمد سليمان ومهاب جلال ومحمد خلف، الجلسة لأول مرة فى مثل هذه القضايا، وطلبوا من المحكمة الادعاء المدنى قبل المتهمين الثلاثة بمبلغ قدره 660 مليون جنيه، وهو قيمة تخصيص رخصتى الحديد لأحمد عز.
وفى نهاية الجلسة قرر المستشار عادل عبدالسلام جمعة التنحى عن نظر القضية، وقال إنه لحسن سير العدالة، وبعد الاطلاع على قانون السلطة القضائية، فإن المحكمة تعلن تنحيها، وقرر إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف لتحديد دائرة جديدة لنظر القضية. وصفق عدد من أنصار دفاع المتهمين بعد قرار التنحى، ووقعت مشادة كلامية بين محامى المتهمين، ومحامين المدعين بالحق المدنى.