دخلت عملية «فجر الأوديسا» العسكرية التى تشنها قوات التحالف الدولى ضد نظام العقيد معمر القذافى فى ليبيا، الخميس، يومها الـ6 حيث واصلت الطائرات الغربية ضرب أهدافه ومواقعه العسكرية، لكنها لم تتمكن من منع دبابات القذافى من دخول مدينة مصراتة، شرق طرابلس، التى تسيطر عليها المعارضة، أو من قصف بلدات أخرى، أو تعطيل مدرعاته عن التوجه إلى منطقة استراتيجية فى الشرق.
وقال شهود عيان إن قوات القذافى سيطرت على ميناء مصراتة، ثالث أكبر المدن الليبية، الخميس، وقطعت السبل بآلاف العمال الأجانب هناك الراغبين فى مغادرة البلاد عبر البحر، وقالت مصادر فى المعارضة إن قوات التحالف أصابت دبابات القذافى التى كانت تحاصر المدينة ولكنها لم تصب دبابات أخرى داخل المدينة تمكنت من السيطرة على مينائها.
وقالت المصادر إن دبابات القوات الحكومية تقصف أهدافها فى المدينة، بينها مستشفى مصراتة على الرغم من إعلان الأميرال الأمريكى جيرارد هوبر أن قوات التحالف تشن غارات جوية على القوات البرية للقذافى التى تهاجم مدن أجدابيا ومصراتة والزاوية لإرغامها على التراجع، ولكن القصف لم يردع قناصة القوات الحكومية فى مصراتة واستمروا فى إطلاق النار بشكل عشوائى.
وقال متحدث باسم ثوار «17 فبراير» إن القناصة التابعين للقذافى فى المدينة قتلوا 16 شخصا، وقال طبيب فى مصراتة: «الدبابات الحكومية تحكم حصارها وقصفها لمستشفى مصراتة وتقصف المنطقة».
فى المقابل، قالت وسائل الإعلام الرسمية الليبية ومسؤولون ليبيون إن هناك ضحايا مدنيين للقصف الغربى، ورافق المسؤولون صحفيون أجانب لمستشفى طرابلس صباح الخميس لمشاهدة جثث متفحمة قالوا إنها لـ18 عسكرياً ومدنياً قتلتهم الصواريخ الغربية. وعرضت «الجماهيرية» الفضائية الليبية الرسمية صورا لهذه الجثث بجانب مشاهد لمصابين فى المستشفيات، مشيرة إلى أن بين القتلى أطفالا وشيوخا. غير أن صحيفة «تايمز» البريطانية نشرت تحقيقا ميدانيا لمراسلها فى بنغازى، أنتونى لويد، اتهم قوات القذافى باستهداف ضحايا مدنيين لاسيما الأطفال فى بنغازى برصاص قناصة. وخرج آلاف المواطنين بشوارع بنغازى الليبية للإعراب عن تأييدهم للحملة العسكرية التى تشنها قوات التحالف ضد نظام القذافى.
وفيما يتعلق بمدينة زنتان، أكد أحد سكان المدينة الواقعة جنوب غربى طرابلس إن قوات القذافى تحضر المزيد من القوات والدبابات لقصف البلدة التى تسيطر عليها المعارضة المسلحة. وفى الوقت ذاته، فإن مقاتلى المعارضة فى الشرق مازالوا متمركزين فى المنطقة الاستراتيجية عند «أجدابيا» بعد أكثر من 3 أيام من المحاولات الفاشلة لاستعادتها.
جاء ذلك، فيما ذكرت مصادر عسكرية ليبية أن قوات التحالف الدولى قصفت للمرة الأولى قبيلة القذاذفة التى ينحدر منها القذافى جنوب ليبيا، وبدأت فى ضرب تشكيلات قواته البرية بعد أن أعلنت تدمير دفاعاته الجوية بشكل كامل. وذكر مصدر عسكرى ليبى أن مدينة سبها (1000 كيلو متر جنوب طرابلس) معقل قبيلة القذاذفة تعرضت لضربات جوية استهدفت العديد من المواقع العسكرية والمدنية. كما تم قصف مطار مدينة الجفرة جنوب طرابلس، الخميس ـ بحسب وكالة الأنباء الليبية الرسمية.
وأعلنت وزارة الدفاع البريطانية أن غواصة بريطانية أطلقت مجموعة صواريخ «توماهوك» على أنظمة المضادات الأرضية فى ليبيا خلال هجوم منسق مع التحالف الدولى. فيما أعلن موقع صحيفة «الوطن» الليبية الإلكترونى أنه تم إسقاط طائرة حربية فرنسية فى مدينة سرت شرق طرابلس أثناء قصفها أحد المواقع وتم أسر طيارها وتسليمه إلى القوات الليبية، ونفت فرنسا ذلك لاحقا.
وفيما أعلن وزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتس أنه لا يوجد جدول زمنى لنهاية العمليات التى أقرها مجلس الأمن فى ليبيا، بعث جون بينر، رئيس مجلس النواب الأمريكى، برسالة إلى الرئيس الأمريكى باراك أوباما أعرب فيها عن عدم ارتياحه لتخصيص موارد عسكرية أمريكية لليبيا من دون توضيح طبيعة المهمة هناك. وفيما تحدث دينيس ماكدوناو، المستشار المقرب من أوباما، عن اتصالات أجراها أفراد من المقربين من معمر القذافى مع واشنطن سعيا وراء مخرج للأزمة فى ليبيا دون أن يذكر مزيدا من التفاصيل، طلبت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون من الزعيم الليبى التنحى عن الحكم إذا كان يريد حل الأزمة الحالية وخدمة شعبه، وأكدت أن العمليات العسكرية لا تهدف إلى الإطاحة بالقذافى ولكن إلى منع حدوث أزمة إنسانية وحماية المدنيين.
ووصف وزير الخارجية الفرنسى آلان جوبيه القذافى بـ«الديكتاتور المجنون»، معربا عن قناعته بأن «البعض فى محيطه بدأوا يطرحون أسئلة» عن جدوى الاستمرار معه، وأن تدمير الجيش الليبى قد يستغرق أياما وربما أسابيع وليس شهورا.
وطلبت الأمم المتحدة التفاوض على «ممرات إنسانية» للسماح بنقل مزيد من المساعدات إلى ليبيا، حيث تسبب القتال فى شرق البلاد فى تشريد عشرات الآلاف، وعطل إمدادات المواد الغذائية بشكل خطير.
وفيما عقد القادة الأوروبيون قمة، الخميس، فى بروكسل فى أجواء متوترة بسبب خلافاتهم المستمرة حول التدخل العسكرى فى ليبيا وهدفه النهائى والدور المحدد لحلف الأطلنطى (الناتو) فى هذه العملية، سحبت ألمانيا سفنها الحربية من مياه المتوسط والتى تخضع لقيادة (الناتو) وأعادتها للقيادة الوطنية. والأمر ذاته، انطبق على طائرات الإنذار المبكر «الأواكس»، حيث إنه لم تعد تخضع لقيادة الناتو الآن.. ويعود السبب إلى أن ألمانيا تعهدت بعدم المشاركة فى أى عمليات عسكرية ذات علاقة بقرار مجلس الأمن الدولى المتعلق بليبيا.