فى شهر نوفمبر المقبل.. ستسافر أهم وأشهر لاعبات العالم فى الإسكواش للرياض للمشاركة فى أول بطولة نسائية كبرى للإسكواش تستضيفها جامعة الأميرة نورا بنت عبدالرحمن بالمملكة العربية السعودية.. ومن الممتع أحيانا أن تصبح الرياضة نافذة مفتوحة يطل منها كل من يريد رؤية ومتابعة أى تغيير سياسى واقتصادى أو اجتماعى وإنسانى.. فقد سبق أن كانت الرياضة هى تلك النافذة التى عبرها تابع العالم ما كان يجرى فى شرق أوروبا وراء الستار الحديدى.. وكانت الرياضة أيضا نافذة رأى خلالها الكثيرون العلاقة المعقدة فى كولومبيا بين السياسة والمخدرات.. وقسوة وقبح التفرقة العنصرية فى جنوب أفريقيا.. وستبقى الرياضة أيضا هى النافذة التى لاتزال مفتوحة لمتابعة الذى تريده الصين وتخطط له عالميا وأفريقيا.. ومتابعة قسوة وديكتاتورية السلطة فى تركيا مهما تظاهرت أوروبيا بالديمقراطية.. والآن هى النافذة التى يمكن الفرجة من خلالها على كل هذا التحول الهائل الذى تعيشه وتحاوله وتريده الآن المملكة العربية السعودية.. فلن ننتظر وقتا طويلا قبل أن نرى فتيات ونساء سعوديات فى ملاعب الكرة وقاعات وصالات الرياضة سواء مشجعات أو لاعبات.. ولم يكن أحد قبل وقت قليل يتخيل أو يتوقع أن تستضيف الرياض بطولة دولية نسائية كبرى فى لعبة الإسكواش.. بطولة تزيد جوائزها عن المائة وستين ألف دولار، وتشارك فيها بطلات من إحدى عشرة دولة على رأسهن المصرية نور الشربينى بطلة العالم.. وعلى الرغم من أن اللجنة المنظمة للبطولة لم تحدد بعد ما إذا كانت البطولة ستقام أمام جمهور نسائى فقط أم جمهور رياضى يضم النساء والرجال أيضا.. إلا أن الأهم من هذا كان وسيبقى هو إقامة هذه البطولة نفسها..
وإذا كان زياد التركى كرئيس للاتحاد السعودى للإسكواش قد قال إن هذه البطولة، الأولى من نوعها، ستفتح الباب أمام سعوديات كثيرات للإقبال على ممارسة الإسكواش.. فإن القيمة الحقيقية لهذه البطولة هى أن تنال الفتاة والمرأة السعودية حق اللعب الغائب منذ سنين طويلة وكان مستحيلا الحصول عليه أو حتى المطالبة به.. وهو أمر لم يكن ممكنا لولا هذه التحولات الهائلة التى تعيشها المملكة حاليا بقيادة الأمير محمد بن سلمان لتتخلص من كل قضبان زنازين الممنوعات وتكسر كل الأسوار الحديدية القديمة.. وإذا كانت المملكة قد شاركت فى دورة ريو دى جانيرو الأوليمبية الأخيرة بأربع لاعبات بعد لاعبتين فقط فى دورة لندن قبلها.. فإن هذه البطولة دلالة على تغيير الفكر السعودى الذى كان يتساهل مع مشاركة اللاعبات خارج المملكة وأصبحت اللاعبة السعودية تملك الآن الحق فى اللعب داخل بلادها وأمام أهلها.. وإذا كان الكثيرون قد تحدثوا طويلا عن القرار السعودى بالسماح أخيرا للنساء بقيادة السيارات فى شوارع وطرقات المملكة بعد كثرة المطالب والضغوط محليا ودوليا.. فهذه البطولة لم يطلبها أحد لكنها قرار سعودى داخلى تم اتخاذه دون أى ضغوط سياسية دولية ومحلية.. وهو الأمر الذى يعنى أن كل ما جرى لم يكن مجرد مغامرة مؤقتة أو خطوات استثنائية وعشوائية.