شنت طائرات التحالف الدولى غارات على العاصمة الليبية طرابلس لليلة الرابعة على التوالى فيما ظهر الزعيم الليبى معمر القذافى علنا فى طرابلس للمرة الأولى منذ بدء الهجوم على ليبيا الذى أعلن حلف شمال الأطلنطى (الناتو) أنه لن يتولى قيادته.
وأكد القذافى فى الكلمة التى ألقاها من أمام مقر إقامته فى باب العزيزية بطرابلس أنه صامد ومستعد للمعركة. وقال «أنا لا أخاف العواصف التى تجتاح المدى ولا من الطيايير (الطائرات) التى ترمى دمارا أسود، أنا هنا فى بيتى فى خيمتى، أنا صاحب الحق اليقين أنا صامد، أنا هنا أنا هنا أنا هنا».
وفى تحد للتحالف، قال القذافى إنه مستعد للمعركة سواء «كانت قصيرة أو طويلة»، مؤكدا «أنه سينتصر».
وفى أول ظهور علنى له منذ 17 مارس الجارى عندما أجرى مقابلة مع التليفزيون البرتغالى أضاف القذافى «هذه معركة صليبية جديدة تشنها الدول الصليبية على الإسلام. يحيا الإسلام فى كل مكان. كل الجيوش الإسلامية يجب أن تشترك فى المعركة. كل الأحرار يجب أن يشتركوا فى المعركة».
واستطرد فى الكلمة التى أذاعها التليفزيون الرسمى الليبى: «مظاهرات فى كل مكان تؤيدكم فى آسيا فى أفريقيا فى أمريكا فى أوروبا فى كل الكرة الأرضية والذين ضدكم هم حفنة صغيرة من الفاشيين حفنة صغيرة من المجانين حفنة صغيرة من الذين ستسقطهم شعوبهم. سننتصر فى هذه المعركة التاريخية».
وتابع: «لن نستسلم ولن ترهبنا صواريخهم نحن نستهزئ بصواريخهم ونحن مستعدون للمعركة إن كانت طويلة أو قصيرة». واعتبر القذافى الجماهير المحتشدة حوله هى «أقوى دفاع جوى»، وتابع: «القذافى وسط الجماهير يعنى أنه وسط دفاع جوى». ووجه القذافى خطابه للشعب الليبى قائلا «كل الشعوب معنا نحن نقود ثورة العالمية ضد الإمبريالية ضد الطغيان».
ومن جهته حذر الرئيس الأمريكى باراك أوباما من أن القذافى «يحاول الاختباء والانتظار حتى فى مواجهة منطقة حظر جوى». وأضاف «أن الشعب الليبى سيواجه مخاطر محتملة إذا بقى القذافى فى الحكم».
من جانبها قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون إن بعض المقربين من الزعيم الليبى اتصلوا بحلفاء ليبيا لإيجاد مخرج للأزمة. وقالت «لقد سمعنا عن مقربين منه يتصلون بأشخاص يعرفونهم حول العالم ويسألون ماذا نفعل؟ كيف نخرج من هذا الوضع؟»
وأضافت كلينتون أنها تلقت معلومات بأن أحد أبناء القذافى قتل فى ضربة جوية شنتها قوات التحالف. وأوضحت مع ذلك أن «الأدلة ليس كافية» لتأكيد الوفاة التى وفى حال تأكدت لا يمكن أن تنسب إلى القوات الأمريكية.
وميدانيا، لم يتم معرفة المواقع التى استهدفتها الغارات التى شنتها قوات التحالف ليل الثلاثاء الأربعاء، غير أنه سمع دوى المضادات الأرضية بقوة عقب دوى الانفجارات التى بدا أنها استهدفت مناطق فى ضواحى طرابلس، عقب كلمة القذافى الذى صعدت كتائبه هجماتها على مدينة مصراتة والزنتان وبلدة أجدابيا التى قال الثوار إنهم غير قادرين على التقدم نحوها خشية أسلحة قوات القذافى الثقيلة.
وقصفت القوات الحكومية بلدة يفرن غرب طرابلس وقال شهود عيان إن 9 أشخاص قتلوا وأصيب عدد كبير بجروح فى اشتباكات بين الجانبين المتقاتلين.
وفيما ذكرت قناة «الجزيرة» أن قوات التحالف أسقطت طائرة عسكرية ليبية وعلى متنها العديد من الجنود الليبيين، قالت صحيفة «الديلى تلجراف» البريطانية أمس إن قوات «المارينز» أطلقت النيران بغزارة فى سعيها لإنقاذ قائد الطائرة التى سقطت فى ليبيا، أمس الأول، مما أدى إلى سقوط مصابين من المدنيين الليبيين. وقالت (الديلى تليجراف) إن القادة العسكريين قرروا إرسال 4 مقاتلات «هارير» قبالة السواحل الليبية حيث أسقطوا قنبلتين تزن كل منهما نحو 500 رطل على المدرعات الليبية وذلك لتأمين موقع هبوط الطيار.
ونقلت الصحيفة من جانب آخر عن «أقرانك هارفى» وزير الدولة البريطانى لشؤون القوات المسلحة إن بلاده لا تستبعد نشر قوات برية فى نطاق محدود فى ليبيا.
جاء ذلك فيما قالت مصادر صحفية إن حسين الورفلى قائد لواء فى القوات الحكومية الليبية قتل قرب العاصمة طرابلس، دون أن تذكر تفاصيل.
وقال مقاتلون فى صفوف الثوار خارج أجدابيا شرق ليبيا إنهم غير قادرين على التقدم إلى البلدة الاستراتيجية بسبب المخاوف من أن تكون القوات المدججة بالسلاح الموالية للزعيم الليبى معمر القذافى لاتزال بإمكانها هزيمتهم.
جاء ذلك فيما قال على زيدان عضو الرابطة الليبية لحقوق الإنسان والمتحدث فى أوروبا باسم المجلس الوطنى الانتقالى، ومنصور سيف النصر المعارض المقيم فى المنفى فى أمريكا «إنهما يريدان أن يواصل التحالف تدمير القدرة العسكرية للقذافى. لدينا الرجال وما نريده هو السلاح».
وتعهد الممثلان عن ثوار «17 فبراير» بإقامة دولة مستقبلية «علمانية وديمقراطية» وأبديا ثقتهما فى انهيار نظام القذافى سريعا إذا واصل التحالف غاراته وإذا تم تزويد الثوار بأسلحة.
وفى الوقت نفسه، اجتمعت فى طرابلس فعاليات شعبية اجتماعية لقبائل ليبية لبحث ترتيبات إطلاق مسيرة المنطقة الشرقية تحت شعار «لم الشمل» كان القذافى قد أعلن عنها سابقا، حيث أعرب المجتمعون عن الاستعداد للقاء إخوانهم فى الشرق عند ضريح شيخ الشهداء عمر المختار فى منطقة سلوق القريبة من بنغازى التى تسيطر عليها المعارضة.
وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، قال وزير الخارجية البريطانى ويليام هيج إن العملية العسكرية التى تقوم بها قوات التحالف ضد كتائب القذافى لن تنتهى إلا «فى حالة حدوث وقف شامل للقتال وإنهاء الاعتداءات على المدنيين».
وأعلن وزير الخارجية الفرنسى الان جوبيه أن (الناتو) لن يتولى «القيادة السياسية» للتحالف الدولى فى ليبيا لكن سيتدخل «كأداة تخطيط وقيادة».
وفيما أبلغت الإمارات وإسبانيا والنرويج الأمانة العامة للأمم المتحدة باشتراكها فى الأعمال العسكرية ضد ليبيا، سحبت ألمانيا قواتها المشاركة فى عمليات حلف الأطلنطى «ناتو» فى البحر المتوسط وذلك بعد إعلان الحلف المشاركة فى عمليات بحرية ضد ليبيا. من جانب آخر أعلن متحدث باسم الخارجية الأمريكية إن تركيا وافقت على تمثيل المصالح الدبلوماسية الأمريكية فى ليبيا بعد أن أغلقت واشنطن سفارتها فى طرابلس الشهر الماضى.
من جانبها حذرت روسيا مجلس الأمن من مغبة إصدار قرار بنشر قوات برية فى ليبيا وعرضت الوساطة فى ليبيا فيما نفى رئيس الوزراء الروسى فلاديمير بوتين بشدة وجود شقاق حول ليبيا بينه وبين الرئيس ديميترى ميدفيديف.