إستمرارا لفعاليات إحتفالية «حكايات يناير» التى تنظمها الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة سعد عبد الرحمن، على مسرح منف بالعجوزة وتستمر حتى 28 مارس الجارى أقيمت ندوة «المسرح والديمقراطية» للناقد المسرحى جرجس شكرى، وأدارها الناقد أحمد هاشم.
وقال جرجس شكرى «لقد أكدت مراراً أنه لا توجد أزمة مسرحية على المستوى الفني، ولكن الأزمة الحقيقية في غياب الممارسة الديمقراطية، فالإنسان يذهب إلي المسرح حين يكتمل وعيه، يذهب إذا كان يعي جيداً ما يحدث، فزمن المسرح في كل أشكاله جزء مستقطع من الحياة اليومية للمشاهد ودائماً ما يقارن بين الحياة الصغيرة على خشبة المسرح وحياته بشكل عام».
وأشار إلي أن الديمقراطية هي نتاج حضاري يشمل كل مفردات الحياة ، تأتي نتيجة لصراع الإنسان كي يصل إلى النموذج الأمثل ، وإلي أقصى درجات الوعي حيث يحكم نفسه بنفسه. وأن رأي الألماني هيجل كان أن النموذج الليبرالى الديمقراطي هو نهاية التاريخ أو النموذج الأمثل لرقي الإنسان ووعيه حين يكون قادراً على التعبير عن رأيه وحكم نفسه . إذن الديمقراطية ليست فقط الذهاب إلي صندوق الانتخابات واختيار الحاكم ، فهذا معناها السطحي أما المعنى العميق فهو وعى الشعب بمصيره وقدرته على الاختيار، الديمقراطية هي صورة حية معبرة عن حياة الإنسان وكيف يعيش.
وأضاف أنه بدون شك هناك علاقة طردية بين هذه الحياة الكبرى والحياة الصغرى على خشبة المسرح، وهذا ما حدث في الواقع، والتجربة اليونانية في المسرح مازالت شاهدة، فمناخ الديمقراطية الذي كان أيام الحاكم المستنير بيركليس هو الذي ساهم في النهضة المسرحية التاريخية لليونان، حين تهيأت الظروف لخلق اللحظة المسرحية المناسبة، بعد أن تعاظمت سلطة الشعب في تلك الحقبة التي خصصت فيها الدولة مبلغاً من المال لكل مواطن من الشعب حتى تتاح له الفرصة لمشاهدة ما يعرض من مسرحيات، وكان مبررها أن هذه المسرحيات يجب ألا تكون ترفاً تختص به الطبقات العليا والوسطي، بل يجب أن تهدف إلي رفع مستوى الناخبين العقلي، حيث كان كل شيء يتم في أثينا في تلك الحقبة بالانتخاب، إنها حقبة انتصار الديمقراطية، التي انتصر فيها المسرح اليوناني.
وأوضح جرجس شكري أنه حين يكون الإنسان عاجزاً عن ممارسة حقه الديمقراطي سوف يعجز عن طرح السؤال الخاص باللحظة الراهنة، ومن لا يذهب إلي صندوق الانتخابات بكامل إرادته ورغبته لن يذهب إلي المسرح أيضا، فاعتلال الديمقراطية في مجتمع ما هو إلا اعتلال الوعي بالمصير.
وأختتمت الندوة بطرحه لإشكالية الذات والجماعة، حيث قال أنه بدون شك يؤدي هذا الانحلال التدريجي لمفهوم الذات للفرد وبالتالي للجماعة، الذات بوصفها تطورا عبر الزمن لها ماض ومستقبل وأيضاً بوصفها كيانا أخلاقياً يميز نفسه بكونه قادراً على القيام بفعل يستحق المدح والذم. ولما لا والمسرح منذ اكتشفه الإنسان هو يحتفل بقدر هذا الكائن على مواجهة السريرة العميقة والمظلمة لطبيعته ومصيره.