أكد الدكتور عمرو حلمى، وزير الصحة، أن إضرابات الأطباء مشروعة، خاصة أنه سبق أن شارك فيها أكثر من مرة لكنه رفض مطالبهم بزيادة الأجور، موضحاً أن كرامتهم ليست فى تلك الزيادة بل فى تغيير نظرة الشعب لهم بعد سنوات من تحقير مهنة الطب فى عهد النظام السابق. وأشار عمرو إلى ضرورة أن يكون الوزير سياسياً على أن يساعده مجموعة من الخبراء فى الشؤون الفنية.
وضعت على مكتبك لافتة «ميدان التحرير» فى أول أيام توليك الوزارة.. وعندما دخلت اليوم لم أجدها.. فهل تغير رأيك بعد توليك المنصب فى «ميدان التحرير»؟
- لا.. إطلاقا، كل ما حدث أنى نقلتها خلف مكتبى الخاص حتى يراها جميع العاملين معى ويضعونها نصب أعينهم، وكنت أضع نفس اللافتة على باب عيادتى الخاصة قبل أن أكون وزيرا للصحة.
■ الكلام عن «ميدان التحرير» يأخذنا إلى اتهام البعض لك بـ«تسييس» الوزارة رغم أنها فى الأصل «خدمية»؟
- الوزير لابد أن يكون مسيسا، وله مسؤولية سياسية، ومن المفروض أن يكون له مساعدون من أطقم أخرى على علم بالتقنيات وملمين بجميع التفاصيل، فليس ضروريا أن يلم الوزير بكل شىء أو أنه يعرف جميع التفاصيل، وظيفة الوزير هى وضع الرؤى السياسية والاستراتيجيات التى يتفق عليها معهم، ومنصب الوزير سياسى تقنى.
■ ما المخاوف التى انتابتك عند توليك الوزارة؟
- أن يكون هناك مريض مظلوم، ولا أخفى عليك أن قلبى كان يخفق بشدة أثناء صعودى سلم الوزارة من هول المسؤولية التى توليتها، بعد أن أصبح فى عنقى صحة كل مصرى وكل زائر لمصر، لأن مالاً يمكن الانتظار عليه هو حق المريض فى العلاج، والوزارة تسمى وزارة الصحة وليس وزارة المرض وهذا عبء كبير، نحتاج فيه لمساعدة الإعلام الذى يوعى الشعب بأهمية الوقاية.
■ أول شىء فعلته بعد توليك المنصب هو التوجه لميدان التحرير، هل أردت أن تحصل على الشرعية منه أم لشكر الشباب الذين رشحوك؟
- بالفعل نزلت الميدان مع ابنى الذى وصل إلى مصر فى نفس اليوم من إنجلترا، وابنتى، وهناك التقيت بالصدفة بأحمد إسماعيل وهو مطرب وملحن وثورى وعضو فى صالون الأربعاء الذى أعقده، وطلب منى الصعود إلى المنصة، وكانت المرة الأولى التى أصعد فيها منذ ثورة 25 يناير، وتحدثت مع الشباب، هكذا جاء الأمر بشكل قدرى وغير مرتب على الإطلاق.
■ وعدت وأنت على المنصة بتعيين شباب المستشفى الميدانى كمديرين للوحدات الصحية.. فهل فعلت ذلك؟
- أطباء «الميدان» ذكرونى بأطباء مصر سنة 1973، وفى أول يوم لى فى الوزارة قابلت مجموعة منهم، ينتمون إلى «أطباء بلا حقوق» وقلت لهم «أتمنى أن يأتى اليوم وتصبحوا أطباء بكل الحقوق»، لكن هذا يحتاج بعض الوقت، وأسست ما يسمى (مجلس إدارة الظل)، فمن الصعب أن يتولوا مباشرة منصب مدير تنفيذى حتى لا يحدث خلل، فبدأنا بالمجلس الذى يتكون من 9 أطباء شباب فى كل مستشفى من بينهم 3 أطباء بشريين ومعهم طبيب صيدلى وأسنان وتمريض وأحد الفنيين وإدارى، تكون فيه الرئاسة لأكبر الأطباء البشريين سنا وبالتناوب بينهم، ووضعنا لها لوائح، ومن حق مجلس إدارة الظل أن يكون له مكان لائق يجتمع فيه، وأن يطلع على كل دفاتر المستشفى والماليات والأوامر وكل شىء.
■ هل تم تفعيل هذا النظام؟
- بعض المستشفيات بدأت تكوين مجلس الظل والبعض الآخر لم يبدأ بعد، لأنهم كانوا مشغولين بانتخابات النقابة، وابتداء من نوفمبر المقبل، يبدأ الترشيح والانتخاب لمجلس إدارة الظل ولكن دون دعاية انتخابية، مجرد برنامج انتخابى للمرشحين.
■ ما أهم القرارات التى اتخذها حاتم الجبلى من وجهة نظرك؟
- أكثر من قرار.. أكثرها «مفخرة» هو السماح لمرضى فيروس «سى» بالعلاج بالإنترفيرون طويل المفعول الذى ظهر عام 2000، فى 23 مركزاً للفيروسات الكبدية، والضغط على الشركات المصنعة له لتخفيض سعره من 1600 جنيه إلى 250 جنيهاً، وكنت وقتها عميد معهد الكبد وطلبت من وزيرين للصحة قبله اتخاذ هذا القرار ولكنهما رفضا.
■ بصفتك عميد معهد الكبد السابق، ما رأيك فى الإنترفيرون المصرى؟
- فى عام 2000 كنت فى مؤتمر (الجمعية الأمريكية) فى ولاية دالس الأمريكية، وأكد أحد الأطباء المحاضرين أنه قام بدراسة الإنترفيرون المصرى رقم 4 وكانت درجة استجابته للعلاج «صفراً»، فى هذا الوقت كان يصرف للمصريين والتأمين الصحى على أنه علاج، ولكن لم يأت بنتائج، وطلبت بصفتى عميد معهد الكبد عمل خط لعلاج بعض المرضى، وكنت مع بعض العاملين فى المعهد نقوم بالتصدى لأى دواء مستحدث على حسابنا الشخصى، وجاءت النتيجة استجابة تصل لـ60% إيجابية وتقل بعد ستة أشهر، ولكن كان سعره مرتفعاً جدا وكنا ندعمه من تبرعات أهل الخير، وعرضت الوضع وقتها فى مجلس الشعب حتى تتصدى الدولة للشركتين المصنعتين لخفض سعره.
■ وفى رأيك ما أسوأ قرار اتخذه حاتم الجبلى؟
- تأخره فى إصدار قانون التأمين الصحى، فضلا عن أن التوجه فى المشروع لم يكن اجتماعيا بقدر ما كان اقتصادياً علمياً بحتاً، مع الاستعانة بالطرف الثالث الذى كان خبرة أجنبية، مع العلم أن حاتم الجبلى كان أول تكليف له منذ توليه الوزارة هو مشروع قانون التأمين الصحى ولم ينته منه بعد 5 سنوات من تكليفه.
■ قانون التأمين الصحى أصبح بمثابة «السر الحربى» متى سيخرج إلى النور؟
- الحمد لله اللجنة الاستشارية العليا لإعداد مسودة قانون التأمين الصحى الجديد، انتهت من إعادة صياغة بعض مواد القانون ومناقشة جميع بنوده الأخرى. وتبقى فقط منه مادة مصادر التمويل، التى ستتم مناقشتها بعد العيد مباشرة، وترفق بملحق لمشروع القانون وبذلك تنتهى مسودة مشروع قانون التأمين الصحى الاجتماعى الشامل بالكامل، وسيتم عرضها على مجلس الوزراء، كما سيتم طرحها للنقاش المجتمعى ليصبح القانون جاهزاً بنهاية نوفمبر لعرضه على مجلس الشعب فى دورته المقبلة بعد انتخابه.
■ وما التغيرات التى شملها مشروع القانون؟
- أبرز ما تم تغييره على مسودة مشروع قانون التأمين الصحى الشامل هو إلغاء صندوق الكوارث، الذى كان يشمل بعض الأمراض المستعصية مثل الأورام وزرع الأعضاء، وغيرها، بحيث أصبحت جميع الأمراض المزمنة والأورام والزرع القلب والطوارئ داخل نظام التأمين الصحى الشامل الجديد ضمن حزمة الأمراض التى يتم تغطيتها تبعا للاشتراك التأمينى، كما شملت أيضا عدم تحمل المنتفع نفقات زيادة عن الاشتراك باستثناء ٢٥٪ من قيمة الدواء.
■ هل سيتساوى المواطنون فى الاشتراكات؟
- هناك 3 قطاعات بنسبة الثلث لكل قطاع، الأول يدفع تكاليف علاجه، وقطاع آخر مدعم يدفع جزءاً من التكاليف والمشروع يدفع له جزءاً، والقطاع الثالث لا يتحمل أى تكاليف للعلاج، وهم الذين تحت خط الفقر.
■ كيف ستعرف القادر على الدفع من غير القادر؟
- هناك خريطة حصلت عليها من وزارة التضامن تحدد من هم تحت خط الفقر فى مصر ليكون لدينا الأسماء بالقرية والمكان لمعرفة غير القادر.
■ مطالب الأطباء هل هى مشروعة أم لا؟
- مشروعة وكنا جميعا نعانى ولم نستطع أن نعبر.
■ لو لم تكن فى منصبك هل كنت ستشارك معهم؟
- الإضراب الأول والثانى الذى كان بموافقة الجمعية العمومية كنت دائما معهم دون أن نؤثر على الخدمة المقدمة للمريض.
■ ماذا تنتظر من شباب الأطباء؟
- أنتظر أن يدرك الأطباء أن كرامتهم ليست فى زيادة الأجور ولكن فى تغيير الشعب لفكرتهم عنهم، لأننا عشنا سنين ورئيس الجمهورية يحقر مهنة الطب فى مصر ويهينها، ويسافر للعلاج فى الخارج.
■ متى يتم تطبيق نظام تأجير العيادات الخارجية للأطباء مساء؟
- أول أكتوبر المقبل، وسيعمم على جميع المواطنين، وسيستفيد منه الطبيب والمريض على أن يكون سعر كشف الطبيب 50 جنيهاً ويتم تخفيضه لـ20جنيهاً والكشف نصفه للاستشارى ونصفه داخل صندوق الخدمة، وسيوزع على الشباب.
■ ماذا عن نواقص الأدوية فى الصيدليات؟
- نقص الأدوية أمر يحدث دائما فى جميع بلاد العالم، بسبب المادة الخام للدواء، وحاليا أسعى لتعدد مصادر الأدوية حتى لا تحدث أزمات.
■ هل هناك أزمات بين وزارة الصحة وشركات الأدوية؟
- تقدمت غرفة صناعة الدواء بطلب فأرجأته، بعدها قابلتهم فى مجلس الوزراء وقلت لهم إن أمريكا تستغرق وقتاً كبيراً لتسجيل الدواء، وأنا فى طريقى لعمل هيئة لسلامة الدواء.. والله العظيم لم نمرر دواء دون دراسة وبحث مستوفٍ.