ملامح الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها، منتصف عام 2018، بدأت تتشكّل بالتزامن مع انطلاق حملات مؤيدة لترشح الرئيس عبدالفتاح السيسي لولاية ثانية، في مقابل تحركات لعدد من المعارضين لتشكيل جبهة تلتف حول مرشح واحد.
حملات الترشّح لولاية ثانية
في مشهد مُشابه لحملات مطالبة السيسي بالترشح قبل نحو 3 سنوات، انطلقت قبل أيام حملات، تطالبه بالترشح لولاية ثانية، على رأسها حملة «عشان تبنيها» التي يقودها حزب مستقبل وطن.
وتضم الحملة عددًا من رجال الأعمال والسياسيين ونواب البرلمان، بينهم رجل الأعمال، محمد الجارحي، وأعضاء حزب مستقبل وطن.
وقالت الحملة، في بيانها التأسيسي: «الرئيس السيسى بذل جهودًا دؤوبة وحقق إنجازات غير مسبوقة لتحقيق آمال الشعب، خاصة في التصدي للإرهاب وإعادة الاستقرار رغم الظروف والأزمات الداخلية والإقليمية والدولية الصعبة التي أحاطت بمصر».
وأعربت الحملة عن تقديرها لوعي المصريين وإدراكهم جميع التحديات الداخلية والخارجية التي تهدد أمن واستقرار الدولة، وثقتها في أن الرئيس لن يتوانى عن الاستجابة لمطالب الأغلبية من أبناء شعبه بالترشح لفترة رئاسية ثانية لاستكمال الإنجازات التي بدأها خلال فترته الأولى.
وتجوب الحملة مختلف المحافظات للحصول على توقيعات تطالب الرئيس بالترشح مرة أخرى، وتستهدف الحصول على 5 ملايين توقيع. ومن بين الموقعين على استمارة الحملة عدد من نجوم الفن والرياضة والسياسة.
هذه أبرز حملات دعم السيسي، بجانب حملات أخرى، مثل «كمل يا سيسي» التي تستهدف جمع ٣٠ مليون استمارة للضغط على السيسى للترشح، و«مواطن يدعم رئيس»، و«صوتي للسيسي تاني».
الأحزاب المؤيدة
بجانب الحملات التي انطلقت، وباتت حديث الرأي العام المصري، أعلنت عدد من الأحزاب تأييدها لترشح السيسي لولاية ثانية. نفس هذه الأحزاب أيّدته في الانتخابات التي خاضها في 2014 أمام مؤسس التيار الشعبي، حمدين صباحي.
من بين الأحزاب «الوفد، الغد، حماة الوطن، مستقبل وطن، المؤتمر، والمصريين الأحرار».
وقال السيد البدوي، رئيس حزب الوفد، في يوليو الماضي، إن الحزب يعمل للمصلحة العامة لمصر، ولا يبحث عن مصالح شخصية أو مكاسب، مضيفًا: «سأطالب الرئيس خلال الفترة الرئاسية الثانية بدعم الحياة الحزبية في مصر وحتى لا نُفاجأ بأحزاب دينية تستولي على السلطة، كما حدث من جماعة الإخوان. ولن نقدم أي مرشح».
وفي تصريحات وبيانات الأحزاب المؤيدة الأخرى، يأتي مطلب الترشح، كون «السيسي اتخذ إجراءات إصلاحية حاسمة لم يتخذها أي رئيس آخر، ووقوفه في وجه المؤامرات التي تُحاك ضد الدولة، وإنجازه مشروعات التنمية».
سامي عنان
في وقت ألمحت فيه تقارير صحفية إلى أن الفريق سامي عنان، رئيس أركان حرب الجيش الأسبق، يعتزم خوض انتخابات الرئاسة، خرج رجب هلال حميدة، أمين عام سياسات حزب «مصر العروبة» الذي يرأسه عنان، يؤكد فيه أن الجنرال السابق يدعم السيسي لولاية ثانية.
وقال حميدة، في تصريحات صحفية قبل نحو شهر، إن الفريق عنان يؤيد ويدعم استمرار السيسي، ومنحه فرصة كاملة لإنجاز المشروعات والخطط الاستراتيجية التي بدأها.
بعد دعمه في 2014، سيتكرر الأمر في 2018 حال خوضه الانتخابات، حيث أعلن اتحاد عمال مصر على لسان رئيسه، جبال المراغي، أن الاتحاد يدعم ترشح السيسي لفترة رئاسية ثانية، موضحاً أن العمال وأسرهم يمثلون نحو 75% من سكان مصر يقدرون الجهود التي يبذلها الرئيس، وما تحقق لهم من إنجازات، وذلك في أحد المؤتمرات التي نظمتها النقابة العامة للعاملين بالبترول، الشهر الماضي.
بجانب هؤلاء، هناك عدد كبير من أعضاء مجلس النواب يؤيدون ترشح السيسي، بالإضافة إلى المجلس المصري للقبائل العربية، وعدد من الشخصيات العامة والسياسية والفنية، على رأسهم مصطفى الفقي، ونقيب المحامين سامح عاشور، والإعلامي أحمد موسى، ومحمود بدر.
المعارضة تبحث عن مرشح
بعد فترة اختفاء عن المشهد السياسي عقب خسارة انتخابات 2014، عاد حمدين صباحي مُعارضاً للسيسي، معلناً عن تحركات لتشكيل جبهة تضم ما أسماها «القوى الديمقراطية»، تلتف حول مرشح يعبر عن أهداف ثورة 25 يناير، مستبعدًا منها تنظيم الإخوان المسلمين، ورجال نظام حسني مبارك.
وقال صباحي، في مقابلة مع «بي بي سي»: «هناك مشروع جاد نعمل عليه، وهناك شركاء كثيرون يتحمسون له، اليسار القومي الناصري، واليسار بكل أطيافه، وقوى ليبرالية مؤمنة بالعدل الاجتماعي، وأيضا من تيارات للإسلام كفكرة حضارية كبرى، ولكن لم نصل لشكل نهائي لهذه الجبهة، وهي جبهة مفتوحة لكل المصريين ما عدا من أودوا بـ25 يناير و30 يونيو، الإخوان وسلطة مبارك».
وطرح مؤسس التيار الشعبي أسماء مقترحة لخوض الانتخابات، مثل المحامي الحقوقي خالد على، والسفير معصوم مرزوق، ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، هشام جنينة، مؤكداً أنه لن يخوض الانتخابات، لأنه أدى واجبه مرتين، وسيقف وراء المرشح الذي يطرح برنامجاً يُعبر عن أهداف ثورة 25 يناير.
الحقوقي خالد على، من جانبه، لم يحسم قرار ترشحه بعد، وفي سياق متصل، قد يكون للفريق أحمد شفيق، رئيس الوزراء الأسبق، دور في الانتخابات المقبلة، حيث دارت شائعات كثيرة عن ترشحه، حسمها الناشط السياسي المقرب منه حازم عبدالعظيم، الذي التقاه في الإمارات: «الفريق أحمد شفيق جاد في قرار الترشح لرئاسة الجمهورية 2018.. التوقيت يخصه هو فقط.. ولا صحة لضغوط إماراتية كما أذيع».
«عبدالعظيم»، الذي كان قياديًا في حملة السيسي الانتخابية قبل نحو 3 سنوات، بات معارضًا للرئيس، وينتقده دوماً في تغريداته على حسابه بموقع «تويتر»، لينتقل من صفوف المؤيدين إلى المعارضين.
من بين مؤيدي السيسي في الانتخابات السابقة، محمد أبوالغار، رئيس الحزب المصري الديمقراطي السابق، إلا أنه ابتعد عن العمل السياسي بعد صعود «المشير» للسلطة.
شخصيات أخرى تقف في صفوف المعارضة، بينهم الكاتب والروائي علاء الأسواني، الذي لم يمانع ترشحه في 2014، وعمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية، والإعلامي باسم يوسف.
في السياق نفسه، تحدث الإعلامي عمرو أديب، في برنامجه «كل يوم» على قناة «ON E»، عن حملة «علشان تبنيها»، ومطالب أصحابها بترشح السيسي مرة ثانية، بينما تساءل عن دور المعارضة ومدى تواجدهم في الشارع، خاصة مع قُرب سباق الانتخابات الرئاسية، وهو ما قد تتكشف شخصياته خلال الأيام المقبلة.
السفير معصوم مرزوق، القيادي بالتيار الشعبي، تحدث لـ«المصري اليوم»، عن أن التنسيق جارٍ لتشكيل جبهة موحدة ضد السلطة الحالية، وليس في الانتخابات الرئاسية فقط.
وقال مرزوق، إن حملات دعم السيسي تساعد المعارضة، لأنها «استفزازية للشعب المصري»، موضحًا: «جزء من رهان المعارضة هي أخطاء النظام وأنصاره».
وأشار إلى أن ملف الانتخابات الرئاسية ملف ضمن ملفات كثيرة تنشأ من أجلها الجبهة، و«قد تقاطع المعارضة الانتخابات إن لم تكن هناك ضمانات كافية لنزاهتها».