أجمع عدد من الخبراء والسياسيين على أهمية التجربة التى تمر بها مصر منذ الإعلان عن موعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية وحتى إعلان النتائج مساءالاحد ، معتبرين أن الموافقة على هذه التعديلات أظهرت أهمية النزول للشارع وتوعية الجماهير وتحفيزهم على المشاركة.
ورسم الخبراء والسياسيون سيناريو ما بعد الموافقة على التعديلات الدستورية، محذرين من التسرع فى إجراء الانتخابات التشريعية خوفا من تشكيل برلمان غير متوازن القوى السياسية ولا يعبر عن حقيقة الشارع المصرى بعد 25 يناير.
قال الدكتور محمد غنيم، منسق الجمعية الوطنية للتغيير بالدقهلية، إن الموافقة على التعديلات الدستورية سيترتب عليها، إجراء نحو 6 انتخابات خلال الفترة المقبلة، موضحا أن التعديلات تنص على إجراء انتخابات لمجلسى الشعب والشورى ثم الانتخابات الرئاسية ثم الاستفتاء على الدستور الجديد، ويعقب ذلك حل مجلسى الشعب والشورى، ثم إعادة انتخابهما من جديد.
وأضاف غنيم: «أقترح تأجيل الانتخابات البرلمانية لإعطاء الفرصة للأحزاب والقوى السياسية الجديدة لترتيب صفوفها ومواجهة القوى القديمة، كما أن العملية الديمقراطية برمتها لن تعطى نتائج سريعة على المستوى الاقتصادى للمواطن المصرى».
وقال الدكتور إبراهيم عرفات، أستاذ العلوم السياسية فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة: «إن أبناء مصر يجب أن يضعوا قاعدة عامة لهم، هى «ألا يفقدوا الأمل وألا يخونوا دماء الشهداء»، فمن قال (لا) له أسبابه ومن قال (نعم) له أسبابه ويجب أن يكون الاحترام أساس التعامل بينهما».
وأضاف عرفات: «تبادل الاتهامات بين فريقى نعم و لا غير منطقى، فمن وافق مقتنع بأن هذه وسيلة لدفع عجلة الحياة لتعود لطبيعتها ومن رفض مقتنع بأن التعديلات غير مجدية، لكن الأهم هو تلك الحشود الكبيرة التى وقفت أمام بوابات اللجان الانتخابية، فهى تعبر عن وعى الجماهير بأهمية المشاركة السياسية والإحساس بالمسؤولية».
ودعا عرفات جماعة الإخوان المسلمين إلى الدفاع عن حرية مصر مثلما وقف الجميع للدفاع عن حريتهم مرارا وتكرارا، مشيرا إلى «أهمية نزول النخبة الى الجماهير فى الشوارع وتوعيتها ومحاولة فهم طريقة تفكيرها والتفاعل معها».
واعتبر الدكتور عمرو حمزاوى، كبير الباحثين فى معهد كارنيجى للسلام، أن الموافقة على التعديلات الدستورية يترتب عليها برلمان غير متوازن بسبب عدم وجود أحزاب جديدة حتى الآن، بالإضافة إلى الحال التى وصلت لها الأحزاب القائمة فى ظل النظام السابق.
وأضاف حمزاوى: «إقرار التعديلات الدستورية سيخلق خللا فى الحياة السياسية فى مصر، والاعتراض على التعديلات منذ البداية كان بسبب أن اللجنة المسؤولة عن صياغتها كانت تقوم بالتعديلات فى غرف مغلقة دون طرحها للنقاش قبل عرضها للاستفتاء وهو ما لا يتناسب مع المطالب الديمقراطية للشعب».
وقالت عزة هيكل، الكاتبة الصحفية، إن الموافقة على هذه التعديلات تؤكد أهمية تأسيس حزب جديد يتكتل فيه ائتلاف ثورة 25 يناير مع الشخصيات الغيورة على الحريات والثورة، مشددة على أهمية تأسيس الحزب على قواعد مدنية والتصدى لدعوات الدولة الدينية وفلول الحزب الوطنى الديمقراطى، مشيرة إلى ضرورة تغيير وصف الحكومة بعد الموافقة على التعديلات من حكومة تسيير الأعمال، إلى حكومة البناء، قائلة: «يجب أن تضع الحكومة بعد الاستفتاء هدف تنمية وبناء الوطن نصب أعينها، لتكون حكومة المشروع القومى فى التعليم والصحة والاقتصاد بشكل عام، حيث يقع على عاتقها إصلاح ما أفسده النظام السابق الذى ترك حملا ثقيلا، ويجب أن تسير أعمال بناء الوطن بالتوازى مع الانتخابات البرلمانية والرئاسية وما سيعقبها من تعديلات أو تغيير للدستور، فلا مجال لإيقاف أى منهما لحين إتمام الآخر».
وقال الدكتور وحيد عبدالمجيد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصدد إصدار إعلان دستورى مؤقت يحكم الوضع السياسى خلال الشهور المقبلة، معتبراً أن النتيجة الحتمية بعد الموافقة على التعديلات هى أن المواد التى تم الاستفتاء عليها ستصبح جزءا من الإعلان الدستورى الجديد، مشيراً إلى أن «المهم فى المستقبل هو سلوك المصريين ومدى احترامهم للنتائج التى أسفرت عنها هذه العملية الديمقراطية».
واعتبر الدكتور سيف عبدالفتاح، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة، أن قبول التعديلات يجعلنا أمام مستقبل واضح المعالم بالإضافة إلى أنه يعمل على تقليل مهام المجلس الأعلى للقوات المسلحة وعدم إثقاله بأخرى إضافية، مشيرا إلى أن المهم هو قبول رأى الشارع فى تجربة ديمقراطية فريدة من نوعها، وعلى الجميع قبول إرادة الأمة المصرية على أرضية عدم التخوين والمصلحة المصرية العليا.
واقترح الدكتور عماد جاد، الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن يتم تأجيل الانتخابات البرلمانية لشهر سبتمبر حتى لا تصب فى صالح القوى المنظمة فقط، مشدداً على أهمية أن تعكس الانتخابات البرلمانية ألوان الطيف السياسى المصرى، محذرا من مغبة استمرار الخطاب الدينى فى الانتخابات البرلمانية والذى وصفه بـ«الكارثة على مصر».
وتحفظ الدكتور محمود خليل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام -جامعة القاهرة، على الدعوة للانتخابات فى هذه الفترة، متوقعاً عدم تمثيلها لجموع المصريين الذين احتشدوا أثناء الثورة.
فى المقابل، وافق الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير السياسى، على إجراء الانتخابات البرلمانية، وتشكيل لجنة لإعداد دستور جديد، قبل الانتخابات الرئاسية التى اقترح تأجيلها، مع فرض رقابة دولية على الانتخابات البرلمانية، وإنشاء لجنة قضائية لإدارة العملية الانتخابية.