تباينت ردود فعل القوى السياسية فى المحافظات حول نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية، حيث عبر البعض عن ارتياحهم للموافقة على التعديلات، فيما رفضها آخرون وأعربوا عن مخاوفهم من نشوب صراع بين التيارين الليبرالى والدينى، وأعرب البعض عن أملهم فى أن يأتى الإعلان الدستورى ليعبر عن طموحات الشعب.
ففى الإسكندرية، قال حسين محمد، رئيس المكتب الإدارى لجماعة الإخوان المسلمين بالمحافظة: «إن الشعب فرض إرادته»، مشيراً إلى أن نتيجة الاستفتاء لا تعبر عن تيار معين وإنما تعبر عن إرادة الشعب الذى رسم بانتفاضته خريطة مصر من جديد، مطالباً بتضافر الجهود من أجل بناء دولة ديمقراطية تحكم بإطار مؤسسى يعلو فيه الدستور والقانون على الأشخاص والأنظمة.
وأضاف محمد البنا، رئيس لجنة التنسيق بين النقابات المهنية: «يجب احترام قرار الشعب بالتصويت بـ(نعم)»، معرباً عن أمله فى أن تكون خطوة نحو الدولة الديمقراطية الكاملة.
وأشار محمد أبوراجح، أمين عام حزب الوفد بالمحافظة، إلى قبوله نتيجة الاستفتاء، ودعا جميع القوى الوطنية إلى التوحد على كلمة سواء والبدء فى إعلان دستورى جديد يحدد ملامح المرحلة المقبلة.
وقال الدكتور حمدى حسن، عضو مجلس الشعب السابق عن الإخوان: «إن تصويت الغالبية بـ(نعم) لتعديل الدستور يدل على رغبة الشعب فى الاستقرار، وليس لتأثير التيارات الإسلامية أو غيرها فى توجيه المواطنين فالنتيجة مرضية وتعبر عن رأى الشعب».
ورحب هيثم الحريرى، منسق قطاع غرب بحملة دعم البرادعى، بنتائج الاستفتاء قائلاً: «إنها عبرت عن رأى الشعب، رغم موقفنا الرافض ومطالبتنا بدستور جديد».
وأعلن عبدالرحمن الجوهرى، ممثل حركة كفاية رفضه نتيجة الاستفتاء لأنه يشوبها البطلان - على حد تعبيره - محذراً من حدوث فتنة طائفية».
وقالت عبير يوسف، المتحدث باسم الحملة الشعبية لدعم البرادعى، رئيساً للجمهورية، إن نتيجة الاستفتاء تعبر عن «الأمية السياسية»، التى تنتشر بين قطاع كبير من المواطنين، ونحن لن ننظم مظاهرات أو احتجاجات ضد النتيجة، لأننا قبلنا رأى الأغلبية، لكن هناك عوامل ساعدت على توجيه الناخبين للموافقة على التعديلات منها تخويف الناس من تغيير المادة المثانية من الدستور.
وفى المنيا، أكد المستشار حسن شلقامى، رئيس نادى القضاة بالمحافظة أن التصويت ببطاقة الرقم القومى دون الالتزام بالجداول الانتخابية، وغياب عناصر أمن الدولة وعودة الإشراف القضائى الكامل، أمور شجعت المواطنين على المشاركة لثقتهم بأن أصواتهم لها قيمة ومؤثرة، وكشف شلقامى عن عدم وجود أمن كاف ببعض اللجان، وأيضاً نقص استمارات التصويت رغم الإقبال، وحدوث اشتباكات بين المواطنين بسبب «نعم» أو «لا» وحشد الأقباط للتصويت بـ«لا».
وقال الدكتور نبيل الجارحى، نقيب الأطباء بالمحافظة: «إن الاستفتاء أثر على تآلف التحرير الذى جمع كل الطوائف السياسية والدينية فى خندق واحد، حيث فوجئ المواطنون بحشد الكنيسة للمواطنين للتصويت بـ«لا».
ووصف القس جوهر عزمى، أمين عام مدارس الكنيسة الإنجيلية المصرية نتيجة الاستفتاء بأن نسبة 77٪ الذين قالوا «نعم» بينهم 40٪ من 3 فئات، الأولى لا تنتمى إلى التيارات الدينية، والثانية ترغب فى الاستقرار، والثالثة «خُدعوا» - حسب قوله - بسبب ما أثير حول وجود صراع بين المسلمين والمسيحيين، أما باقى النسبة - والكلام لعزمى - فهى مطلقة للتيار الدينى، كما وصف نسبة الرافضين بأنها مرتبطة بضغط الكنيسة على الأقباط بالتصويت بـ«لا»، مما جعل المسلمين البسطاء يتجاوبون مع التيار الدينى والتصويت بـ«نعم».
وقال إن الفترة المقبلة ستشهد صراعاً بين التيارين الليبرالى والدينى، وأن نتيجة انتخابات الشعب المقبلة لن تكون فى صالح التيار الدينى كما يتوقعون.
وفى بورسعيد، قال البدرى فرغلى، عضو مجلس الشعب الأسبق، إن الطريقة التى جاء بها الاستفتاء بشكل ديمقراطى أعطت الشعب شهادة طيبة لممارسة الديمقراطية بعد أن كان مقهوراً، وأكد أن الشعوب المقهورة قادرة على تحقيق ذاتها، فليس المهم «نعم» أم «لا»، ولكن الأهم الممارسة التى تمت والشعب هو الفائز بها، وكذلك القضاء الذى رد بقوة على النظام السابق بأنه لا يستطيع إدارة العملية الانتخابية.
وقال محمد إيهاب، أمين لجنة حزب الوفد بالمحافظة: «نحترم النتائج ونهنئ الشعب على الممارسة الديمقراطية، ونتحفظ بشدة ونرفض الاستخدام السياسى للدين لخداع البسطاء وإشاعة أن رفض التعديلات تهديد للدين الإسلامى».
وأكد الدكتور أحمد الخولانى، القيادى الإخوانى، عضو مجلس الشعب السابق، أن الاستفتاء مؤشر إيجابى بصرف النظر عن النتيجة.
وفى أسيوط، قال جمال عسران، أمين لجنة الحريات بالحزب الناصرى: «نرفض تلك التعديلات لأن الثورة بذلك لم تبلغ غايتها، وكنا نريد دستوراً جديداً بصلاحيات مقلصة لرئيس الجمهورية وأحزاب سياسية حقيقية».
وقال جمال أسعد، عضو مجلس الشعب السابق: «نحترم رأى الأغلبية»، واصفاً خروج المصريين يوم الاستفتاء بأنه عيد للديمقراطية.
ولفت إلى أنه قد حدث نوعان من الاستقطاب الحاد حول «نعم» أو «لا»، أحدهما سياسى بين القوى السياسية التى كانت موحدة فى الدولة وتنازعت وصنعته القيادات السياسية والاستقطاب، والثانى طائفى صنعته القيادات الإسلامية الإخوان والجماعات الإسلامية والكنائس، وكلاهما - حسب قوله - يجب ألا يكونا أوصياء على الشعب، محذراً من أن الاستقطاب الطائفى خطر حقيقى لابد من تداركه.
وأكد محمود حلمى إبراهيم، عضو مجلس الشعب السابق عن الإخوان المسلمين بدائرة القوصية، أن خروج الملايين للتصويت دليل على وعى الشعب، مشيراً إلى أن البلاد فى حاجة إلى إعداد المؤسسات السياسية وصياغة دستور جديد ليأتى رئيس الجمهورية بناء على اختيار الشعب.
من جانبه أكد «صبحى عيد» أحد قيادى حزب الوفد بمركز بسيون، عضو مجلس محلى المدينة، أنه صوت بـ«لا» على تعديل الدستور لأنه يرى أنه لم يقلص دور الرئيس، وكان يجب أن يحدد مهام الرئيس الخاصة ويجب تعديلها.
وفى السويس، أكد طلعت خليل، أمين حزب الغد بالمحافظة، أنه رغم احترامه لرأى الأغلبية التى قالت «نعم» إلا أن هناك قوى الظلام التى جعلت من البسطاء دروعاً لتمرير مشروعاها الذى سوف يكون وبالاً على مصر، مستخدمين الدين ستاراً لذلك، حيث حولوا الاستفتاء على تعديل بعض مواد الدستور إلى تدشين حملة للوقوف ضد الدولة المدنية الحديثة، وصوروا - حسب قوله - أن الاستفتاء يتم على هوية مصر الإسلامية وعلى المادة الثانية من الدستور فقط، واستغلوا مناخ الديمقراطية المتاح حالياً فى الترويج لذلك، وهو أمر غاية فى الخطورة.
وأشار أحمد الكيلانى، عضو الجمعية الوطنية للتغيير، إلى أنه لابد أن يخضع الجميع لإرادة الشعب، أياً كانت النتيجة، منتقداً خلط البعض الدين بالسياسة واستخدام منابر المساجد والكنائس لحشد وتعبئة الجماهير لتوجيهها فى صراعات سياسية.
وقال على أمين، رئيس لجنة حزب الوفد بالمحافظة: «رغم اعتراضى على التعديل، إلا أن الديمقراطية تحتم أن يخضع الجميع لرأى الأغلبية على الرغم من رفضه ما جرى فى الاستفتاء من تدخل أئمة المساجد».
وفى البحيرة، قال علاء الخيام، منسق الجمعية الوطنية للتغيير بالمحافظة، إن ما حدث فى الاستفتاء هو عيد للديمقراطية، لكن ما شوه هذه الصورة كان الاستخدام المكثف للدين للإيحاء للناخبين بأن من يقل لا سيكون ضد الإسلام، لكن فى كل الأحوال لابد من احترام رأى الأغلبية والعمل على بناء توافق على ما ينبغى عمله خلال الفترة المقبلة للنهوض بالوطن.
وقال المهندس إسماعيل الخولى، رئيس لجنة الوفد بالمحافظة، إن نتيجة الاستفتاء عكست المزاج العام للشعب الذى يميل للاستقرار وإنهاء المرحلة الانتقالية وسرعة انتخاب مجلس شعب ورئيس للجمهورية حتى تستقر الأوضاع.