x

«أنيس الشباب».. ملف خاص عن الأديب الراحل

السبت 22-10-2011 17:18 | كتب: إسلام حامد |

كان طفلا مشغولا بالخيال، يهتم بالتأمل أكثر من اللعب مع أقرانه. كان إعجابه بالغجر الذين يزورون قريته كل فترة، هو مفتاح اكتشاف شغفه بالمعرفة، فقرر أن يتعلم، ويعلم ويعرف، وأن يكون أديبا فيلسوفا رحالا، وكانت أولى خطوات تحقيق حلمه هى التفوق فى الدراسة، فبدأ بحفظ القرآن كاملا وهو فى سن صغيرة، ووهب عقله للمذاكرة، فتفوق وكان الأول على كل طلبة مصر فى المرحلة الثانوية، ليخطو خطوته الثانية بالالتحاق بقسم الفلسفة- جامعة القاهرة، ليدرس نهارا، ويجوب عقول المؤلفين والفلاسفة فى ممالك الكتب ليلاً، فأصبح متفوقا فى كل ما تعلمه، وكانت القراءة هى «سفينة الفضاء» التى حملته إلى شعوب وأفكار وعادات فى وقت كان السفر فيه صعبا، وظل طوال حياته يقرأ وهو يحمل فى عقله نصيحة والده الذهبية: «لا تقرأ إلا ما يجعلك مستمتعا».

كان مخزون المعرفة النظرية فى عقله ووجدانه، مثل «إسكتش» للعالم مرسوم بقلم رصاص، فقرر أن يحوله إلى لوحة زيتية فخمة برحلاته حول العالم التى نقل للمصريين من خلالها عادات وتقاليد وثقافات شعوب بعيدة عنهم، وتميزت حكاياته بالكتابة العميقة البسيطة، فاحتل مكانة بين الشباب لم يصل إليها حتى أساتذته، عبدالرحمن بدوى، والعقاد، وطه حسين وغيرهم، فلا يوجد شاب مصرى لم يقرأ «الذين هبطوا من السماء» أو «الذين عادوا إلى السماء» أو «لعنة الفراعنة»، فكانت كتبه فى حقائب الطلبة فى المدارس والجامعات بجوار كتب الدراسة، وأحيانا أهم منها، وكانت أفكاره، سواء التى طرحها من خبرته أو التى نقلها فى ترجماته، مثار مناقشات بين الطلبة والشباب المصرى، لذلك هو أكثر أديب رافق الشباب وأثر فى تكوينهم ووعيهم، ولو فى مرحلة دراستهم فقط. فقد عاشوا مع رحلاته العجيبة، ومؤلفاته الخيالية، وكانت مكتبات الجامعات والمدارس تخصص ركنا لكتبه، خاصة التى كانت تناقش مشكلات الشباب ومنها «مذكرات شاب غاضب» و«اتنين اتنين» وغيرهما.

كان موسوعيا، فأمسك بأطراف الحياة، شباب يقرأونه، وحكام ينتظرون رأيه، وقراء يتابعون أعمدته فى الصحف، فصاحب الرؤساء دون الانغماس فى السياسة، التى وصفها بأنها «فن السفالة الأنيقة»، ودرس لطلبة فى الجامعة ناقلا لهم فلسفته وخبراته ورحلاته، ووضع فى أعمدته خلاصة رأيه فى قضايا آنية تهم البسطاء قبل المثقفين، كما يعتبر الوحيد الذى يحتفظ المصريون بمقولاته عن المرأة والزواج والحب والحياة، ويتبادلونها فى كل مواقفهم.

رحل أنيس منصور تاركا 200 كتاب، ومئات المقولات، وعشرات الشهادات، وأثرا يمتد إلى أجيال آخرها صنع ثورة لا مثيل لها، فقال لهم نصيحة قبل أن يموت: «أخاف عليكم من الفتنة وأنتم شباب لم تلوثه السلطة بعد، وأخاف عليكم من الغرور، ومن أن تفسدكم الناس مثلما أفسدوا غيركم من قبل»، فكان يستحق تمثالا فى الدقهلية.

دخل الملف:

 

صلاح منتصر:  أسطورة كتابية.. وما زال لغزاً محيراً

بادل الاتهامات مع الشيخ «كشك» والناصريـون هاجمـوه لموقفه من إسرائيل

أفكاره.. عندما تصبح الفلسفة قدراً محتوماً

قالوا عنه

 

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية