فى تاريخ السينما يقف فيلم أغنية على الممر متفردا باعتباره أحد كلاسيكيات أفلام أكتوبر.. الفيلم مأخوذ عن رواية للكاتب الراحل على سالم ومن إخراج على عبدالخالق ويعتبر النقاد هذا الفيلم بداية لموجة سينمائية جديدة.
المخرج على عبدالخالق قال لـ«المصرى اليوم»: حرب أكتوبر ظلمت على مستوى السينما، لعدة أسباب أهمها تقصير الدولة فى توثيق هذا الحدث التاريخى لأجيال متعاقبة لا تعلم الكثير عنه، وهناك الكثير من الحقائق التى تكشفت عن حرب أكتوبر فى الوقت الحالى تصلح لأن تكون أفلاما كاملة، ومازال هناك أمل لتنفيذها منها على سبيل المثال العملية التى تم تنفيذها يوم 5 أكتوبر، للضفادع البشرية التى نجحت فى المبيت بمياه القناة لانتشال أنابيب النابلم التى كانت منتشرة فى مياه القناة لتحرق أى عبور إذا حدث، وكيف نجحت فى إنهاء هذه المهمة فى ليلة واحدة.
وأوضح أن السينمائيين والمنتجين عقب الحرب والانتصار توهجوا وتصدوا لـ 6 أفلام هى حصيلة ما صورته عن أكتوبر رغم أنها كانت خطوات متسرعة بها بعض الأخطاء. وأضاف: يكفيهم أنهم حاولوا تسجيل هذا الانتصار الأهم فى تاريخ العروبة، ومن بين تلك الأفلام «بدور» و«الرصاصة لا تزال فى جيبى» و«أبناء الصمت» و«حتى آخر العمر» و«العمر لحظة» و«الوفاء العظيم».
وتابع: «كل ما تم تصويره من مشاهد عن العبور والصعود على الجبهة كانت مناورات أعيد تنفيذها بعد انتهاء الحرب مباشرة، حينما طلب عدد من المخرجين والسينمائيين من الرئيس الراحل أنور السادات إعادة لحظات العبور لتصويرها سينمائيًا، وأعتقد أن قبوله تلك الخطوة رغم تكلفتها المادية الباهظة إلا أنه كان يهدف من ورائها لإراحة ضميره لأنه كان صاحب عدم تصويرها حفاظًا على السرية».
وذكر عبدالخالق أن المشير طنطاوى قرر إنتاج 5 أفلام عن «أكتوبر» وبالفعل اجتمع بالعديد من الكتاب وعرضوا أكثر من سيناريو، وكان من بينهم السينارست أسامة أنور عكاشة على أن يتولى إخراجه شريف عرفة وفيلم آخر يخرجه حسام الدين مصطفى، وقال: وقتها افتعل أحد كبار الصحفيين الأزمة بسب اختيار عكاشة لكتابة الفيلم بحجة أن ميوله ناصرية، وبالتالى سيكتب الفيلم من منظور يخدم على توجهاته، وحينما علم طنطاوى بالأزمة قرر إيقاف المشروع كاملاً.
وواصل: عام 2010 قررت الشؤون المعنوية أثناء تولى اللواء إسماعيل عتمان مسؤوليتها وكان يمتلك وقتها سيناريو فيلم يحمل عنوان (وبدأت الضربة الجوية) للدكتور صلاح قبضايا وأعد له السيناريو والحوار عاطف بشاى، وهو العمل الذى تعرض للظلم بسبب اسمه، والسبب فى ذلك السينارست ممدوح الليثى الذى كان وقتها رئيسا لجهاز السينما لأننى عرضت عليه اسم الفيلم (حدث فى أكتوبر) وعرض على تغييره ليصبح (وبدأت الضربة الجوية) وقتها توقع البعض أن الفيلم يسلط الضوء على الضربة الجوية للرئيس مبارك وأنه بطل القصة وهو ما عرضه للكثير من الظلم، وللتوضيح مبارك يظهر فى هذا الفيلم فى 9 مشاهد صامتة.
وتابع عبدالخالق: «أعتبره من أهم ما تمت كتابته عن حرب أكتوبر، لأن أحداثه تبدأ تحديدًا فى أكتوبر عام 72 وتنتهى قبل أول طلعة جوية يوم 6 أكتوبر، ويسلط الضوء على العديد من الأحداث التى شهدها هذا العام على المستويين السياسى والعسكرى، بدءًا من اجتماع الجيزة الشهير الذى اجتمع فيه الرئيس السادات مع وزير الحربية كما كان يطلق عليه وقتها، إلى جانب قادة أفرع القوات المسلحة وطلب منهم السادات الدخول فى حرب لتهدئة الشارع بعد النكسة وهو ما رفضه قادة الجيش حينها، وكيف اتفقوا بعدها على إحداث انقلاب على السادات متخيلين أنه سيقود مصر نحو نكسة جديدة بهذا التسرع- من وجهة نظرهم»، وهو المخطط الذى علم به السادات ليقوم بعدها باعتقال معظم هؤلاء القيادات أثناء الاحتفال بفرح أحد أبنائهم بمسرح الجلاء وقام وقتها بعزل الفريق صادق ليعين بدلا منه المشير أحمد إسماعيل، وواصل: يرصد الفيلم أزمة إزالة خط بارليف الترابى، وطلب الرئيس السادات وقتها من الرئيس الليبى معمر القذافى شراء قنبلة ذرية وفقا لنصائح العديد من الخبراء العسكريين بضرورة استخدامها فى إزالة خط برليف، وبالفعل أرسل القذافى وفدا لشرائها من الصين ليفاجأ بردهم أن القنبلة الذرية لا تشترى ولا تباع، ليأخذ باقتراح استخدام مضخات المياه بديلة لها.
من جانبه، قال المخرج هشام عبدالخالق نجل المخرج على عبدالخالق: هذا الجيل عاصر العديد من الأحداث، بدأت بنكسة 67 والهزيمة التى حطمت معنوياته، وجاء بعدها نصر أكتوبر ليعيد الأمور إلى نصابها الحقيقى.
وأضاف: تعلمت من حكايات والدى لى عن هذه المرحلة أن بعد أى حرب وخسارة لا يجب الاستسلام واليأس، ومنحنى من خلالها طاقة إيجابية بصورة قومية، ورسخ لنا من خلالها العديد من القيم أهمها أنه لا يصح إلا الصحيح، وضرورة استرداد المكانة وأن تحصل على ما تستحق، وأن الهزيمة فى إحدى المعارك لا تعنى الاستسلام واليأس ولكنها تعتبر كبوة أكمل مسيرتى بعدها، وأن حرب أكتوبر ملخصها ضرورة الهزيمة ليست نهاية العالم، وفيها جانب دينى بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.