x

رحيل «حجازى» عبقرى الكاريكاتير المصرى

الجمعة 21-10-2011 18:25 | كتب: إسلام حامد |
تصوير : other

عندما قرر رسام الكاريكاتير العبقرى حجازى اعتزال الرسم منذ سنوات والعودة إلى قريته «كفر العجيزى» بمدينة طنطا، رحب بذلك أقاربه وقالوا له: «بركة إنك تموت وسطينا»، وبالفعل، توفى حجازى صباح الجمعة عن عمر 71 عاما، بعيدا عن القاهرة التى شهدت على عبقريته فى رسم الكاريكاتير السياسى لمدة خمسين عاما، عمل خلالها فى «روزاليوسف» و«صباح الخير» وسط مجموعة رسامين صنعت تاريخا فى الصحافة والرسم لا يوجد مثيل له.


لم يتخيل أحمد إبراهيم حجازى، ابن سائق القطار أنه سيكون رسام كاريكاتير، فقد كان يرسم بورتريهات، ومناظر طبيعية، وعندما قرر السفر إلى القاهرة عام 1954 ليعرض رسوماته، قابل إحسان عبدالقدوس وعبدالسميع، وكان معه رسومات لمصطفى كامل وأحمد عرابى وغيرهما، فقالوا له: «نريد كاريكاتير»، ومن هنا كانت فكرة رسم الكاريكاتير واحترافه، وعندما ذهب إلى حسن فؤاد فى دار التحرير، عينه كرسام بخمسة جنيهات شهريا، وبعد فترة أعطاه كتابا من تأليف «ماوتسى تونج» الزعيم الصينى عن مشكلات الفن، والذى كان السبب فى تناول القضايا السياسية فى رسوماته طوال خمسين عاما، لكن، أكثر من أثر فى رسوماته كان صلاح جاهين الذى نقل الكاريكاتير إلى الحياة اليومية للناس، لذلك نجح حجازى فى دمج الفكرتين، التعبير عن القضايا السياسية من خلال حياة الناس فأصبح لا يشبه أحدا، بل كانت تهتم كل الإصدارات الصحفية فى الوطن العربى بالرسم فيها، لكنه كان يختار ما يناسبه فقط، فعندما عمل فى الأخبار، قابله مصطفى أمين وطلب منه أن يرسم جملاً وعليه الملك حسن ملك الأردن، وأن يكتب تعليقا «خيبة الأمل راكبه جمل»، وذلك لتوتر العلاقات بين مصر والأردن وقتاها، فكان قرار حجازى الانصراف وعدم العودة إلى الأخبار مرة ثانية.


كان اعتزال حجازى الرسم حدثاً سياسياً قبل أن يكون إعلامياً، واهتم المثقفون به وحاولوا تفسيره على أكثر من مستوى كان أهمها القبضة الأمنية التى تعيق نشر الكاريكاتير الجرىء سياسيا، لكن حجازى اعتزل لسبب آخر يرتبط بالحياة والمجتمع، فيقول: «اعتزلت الرسم لأنى شعرت بأنى أكرر رسوماتى، فلم يعد عندى جديد، والشوية اللى عندى خلصوا، وسبب تكرار الرسومات أن المشكلان لم تتغير، والقضايا السياسية واحدة لا تتطور».


كان حجازى مهتما بالمستقبل أكثر من الماضى، فرسم للأطفال قصصاً وحكايات، بل عمل فى مجلة ميكى فى الستينيات، وكان الأطفال مهربا لروحه أيضاً من قسوة السياسة والمشكلات الاجتماعية، لكنه كان صاحب رسالة يجب أن تصل، وكان من أولوياته جيل جديد واع، يقول: «السلطة فى مصر تسمح لك بالتحدث عن الماضى والمستقبل فقط، أما الحاضر، فلو اقتربت منه سوف تأكلك».


عمل حجازى فى مجلة «صباح الخير» عام 1956، ومجلة «ميكى» ومجلة الأطفال «سمير»، وفى مسلسل «تنابلة السلطان»، ومجلة «ماجد» الإماراتية عام 1980، ومجلة «علاء الدين»، وكان يصف الكاريكاتير بأنه «يجعل من يشاهده يفكر أكثر، فهو حافز على التفكير، وليس القصد منه الضحك فقط»، لذلك تصلح رسوماته للمشاهدة فى أى زمن لأنها تجمع بين العمق وبساطة الخطوط وتميزها، والفكرة المدهشة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية