قبيل يوم من خروج المحتجين السوريين المناهضين لنظام الرئيس السورى بشار الأسد فى مظاهرات أطلقوا عليها اسم «جمعة شهداء المهلة العربية»، صعدت السلطات السورية من حملتها العسكرية فى عدد من المدن، مما خلف 22 قتيلاً، معظمهم فى حمص (وسط البلاد) التى تشهد قصفاً متواصلاً استعملت فيه الأسلحة الثقيلة ضد المدنيين، بينما هدد «المجلس الوطنى السورى» - الذى يمثل أغلب أطياف المعارضة- بطلب «تدخل المجتمع الدولى» لحماية المدنيين من القمع «غير المسؤول» الذى يمارسه النظام السورى.
وقالت الهيئة العامة للثورة السورية إن 22شخصاً قتلوا الأربعاء برصاص قوات الأمن والميليشيات الموالية للنظام (الشبيحة)، منهم 18 قتلوا فى حمص، حيث يقوم الجيش وقوى الأمن بعمليات واسعة منذ بضعة أيام.
وفى بلدة الجوسية، فى ريف حمص، أصدر ما يسمى بـ«الجيش السورى الحر» بياناً أكد فيه انشقاق 30 عنصراً من الجيش النظامى، فيما أعلن المرصد السورى لحقوق الإنسان أن اشتباكات جرت بين الجيش ومسلحين يعتقد أنهم منشقون عنه فى الجوسية، أسفرت عن مقتل 7 جنود وإصابة آخرين. وفى بلدة الحراك ومدينة داعل فى ريف درعا جنوباً، اندلعت اشتباكات عنيفة الليلة قبل الماضية بين الجيش ومسلحين يعتقد أنهم منشقون عنه أدت إلى مقتل شخص وجرح آخرين. وفى حيى الشهباء وصلاح الدين فى حلب، خرجت مظاهرات ردا على مظاهرة كبيرة مؤيدة للأسد خرجت صباح الأربعاء فى مركز حلب. واختار المحتجون على النظام فى سوريا، إطلاق اسم «شهداء المهلة العربية» على مظاهراتهم التى تخرج اليوم فى عدد من المدن، فى إشارة إلى المهلة التى أعطتها جامعة الدول العربية الأحد الماضى لبدء حوار بين النظام والمعارضة فى مقر الجامعة العربية خلال 15 يوماً، معتبرين أن هذه المهلة ستزيد من عدد القتلى على أيدى الحكومة السورية. ويطالب المحتجون بتعليق عضوية سوريا فى الجامعة العربية، وإسقاط الشرعية عن الأسد.
ومع تزايد وتيرة القمع بحق المحتجين، هدد المجلس الوطنى السورى المعارض فى طرابلس الأربعاء بطلب تدخل المجتمع الدولى لحماية المدنيين. وقال العضو بالمجلس الوطنى نجيب غضبان «إذا ظل النظام غير مسؤول، وقد لاحظنا أنه خلال الساعات الـ48 الأخيرة رد على المبادرة العربية بمزيد من المجازر، فى هذه الحال فإن هدفنا الأساسى سيكون الدعوة إلى حماية المدنيين». واعتبر أن هذه المساعدة الخارجية يمكن أن تتخذ شكل منطقة عازلة أو منطقة حظر جوى على غرار الوضع فى ليبيا. وأضاف غضبان خلال زيارة لليبيا، البلد الوحيد الذى اعترف بالمجلس الوطنى كممثل شرعى وحيد للشعب السورى، أن «الأمر لا يشبه الدعوة إلى تدخل عسكرى تقوم به قوات أجنبية».
وتابع غضبان أن «هناك ضغطا متناميا من داخل سوريا، وخصوصا من النظام (...) الذى يدفع المعارضين إلى حمل السلاح»، معتبراًَ فى الوقت نفسه أن «الحفاظ على الطابع السلمى للثورة هو السبيل الأفضل لإسقاط النظام».
ومن ناحيتها، علقت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية على تصدر مسألة «التسلح» للمشهد السورى حالياً، محذرة من أن الانتفاضة ضد الأسد بدأت تتحول يوماً بعد يوم إلى «اشتباكات مسلحة» يخشى الناشطون والدبلوماسيون من أن تصل إلى «نقطة اللاعودة» والوقوع فى شرك «الحرب الأهلية».
ويرى محللون- بحسب الصحيفة - أن وجود مقاومة مسلحة فى سوريا سيخلق أزمة أكثر تعقيداً فى المنطقة، موضحين أن القوى الإقليمية كتركيا والسعودية ربما تنجر على الأرجح إلى النزاع، ما يجعل سوريا ساحة للصراع الإقليمى بين الدول العربية الحليفة للغرب وإيران، ومن ثم تعريض الاستقرار الطائفى فى العراق ولبنان المجاورتين للخطر. ويدرك الدبلوماسيون أيضا أن أى حملة دولية ينظمونها ضد سوريا من شأنها أن تستغلها دمشق فى تقوية حجتها القائلة إن هذه الانتفاضة مدعومة من أجانب متواطئين ضدها.